العلاقة بين الأمن القومي اليمني والديموقراطية في أوقات الأزمات. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

العلاقة بين الأمن القومي اليمني والديموقراطية في أوقات الأزمات.

الحالة اليمنية الراهنة.

  نشر في 23 مارس 2019 .

يجهل الكثير من اليمنيين بأن الأمن القومي فرعاً جديداً في العلوم السياسية، حيث امتلك ثقافة, وتوفرت له المادة والهدف العلمي (تحقيق الأمن) ,وإمكانية الخضوع لمناهج بحث علمية، بالإضافة إلى كونه حلقة وصل بين علوم عديدة، فالأمن القومي ظاهرة مركبة متعددة الأبعاد تربط في دراستها بين علوم الاجتماع, والاقتصاد والعلاقات الدولية ونظم الحكم وغيرها.

من أسرار الأمن القومي أثناء الأزمات والحروب , هو ذلك المفهوم التقليدي المطلق للسيادة عقبة في وجه التنظيم الدولي, وما يرتبه من التزامات قانونية على عاتق الدول الأعضاء بالتنظيم. فالعضوية بالتنظيم الدولي تتطلب من كل دولة التنازل عن جزء من سيادتها الداخلية لأجل مصلحة الشعب، والالتزام بمجموعة تشريعات وقوانين تحكم علاقتها مع مواطنيها ,ومع من يعيشون على إقليمها، كما تتطلب التنازل عن جزء من سيادتها الخارجية لمصلحة الجماعة الدولية المكونة للتنظيم ,والتزامها بمجموعة من الاتفاقيات والمواثيق الدولية

هناك تعريف أوسع للأمن القومي يتضمن الأبعاد الاقتصادية والدبلوماسية والاجتماعية، بالإضافة إلى البعد العسكري. وقد قدم أرنولد ولفرز مثل هذا التعريف عندما قال: (يقيس الأمن بمعناه الموضوعي مدى غياب التهديدات الموجهة للقيم المكتسبة، ويشير بمعناه الذاتي إلى غياب الخوف من أن تتعرض تلك القيم إلى هجوم.

إن تهديدات الأمن القومي لا تنحصر في الجوانب العسكرية، فهناك عوامل داخلية يمكن استغلالها لتهديد الأمن القومي لدولة ما، وأهمها:

- الجانب السياسي، حيث إن عدم الاستقرار السياسي وتصارع الثقافات والإيديولوجية السياسية، أي غياب درجة مناسبة من الإجماع القومي، يُعتبر من أهم العوامل التي تهدد الأمن والاستقرار، خاصة إذا كان البنيان الاجتماعي يعضد هذا الانقسام وتلك التناقضات.

- الجانب المؤسسي الذي يشير إلى قدرة الدولة على التدخل والحركة، فالتخلف السياسي يعني مؤسسات غير قادرة على ربط القمة بالقاعدة في الجماعة السياسية. ويمثل ذلك جانب ضعف قابل للاختراق الخارجي، حيث أصبحت القاعدة الاجتماعية والجبهة الداخلية عموماً من الأهداف المباشرة لتهديد الأمن القومي.

- الجانب الاقتصادي، فالتخلف الاقتصادي من العوامل التي تهدد الأمن القومي، فالتبعية الاقتصادية قد تؤدي إلى تبعية سياسية.

- الجانب الاجتماعي، ويمثل عصب الجبهة الداخلية لأي دولة، حيث أصبحت الجماهير تؤثر بشكل مباشر على السياسات الداخلية والخارجية، وأصبحت هدف الحرب النفسية والدعائية.

الحالة اليمنية الراهنة.

نحن في اليمن لدينا دولتان ( السعودية , والإمارات ) تدخلتا بكل ثقلاهما الدبلوماسي, والعسكري ,والاقتصادي, والاجتماعي لحماية اليمن, فيحين دويلة (قطر)تخلت عن الشعب اليمني في منتصف الطريق , بل الكارثة تحولت الى خنجر مسموم في خاصرة اليمن, وحلفاء اليمن في مهام استعادة الدولة.

معضلة أخرى بأن عدد كبير من اليمنيين لايمكنهم التمييز بين مفهوم الأمن القومي, والإستراتيجية القومية,فالمقصود بالإستراتيجية أساساً فن القيادة، وهي مفهوم عسكري أساساً تطور ,وأصبحت له مضامين سياسية واجتماعية، فصارت الإستراتيجية هي تلك العملية التي يتم فيها الصهر الكامل لكل مصادر القوة في الجسد السياسي ,والاقتصادي, والاجتماعي للدولة من أجل تحقيق المصلحة القومية العليا، والأهداف المطلوب إنجازها في إطار فلسفة الأمن القومي.

وبالتالي فتصريحات بعض الوزراء, وقادة الجيش المحسوبين على الشرعية بما يخدم الدول التي تخلت عن اليمن, في مواجهة الدول التي مازالت تقف مع اليمن يعد جريمة تهديد صارخ للأمن القومي اليمني ,ومعها يجب إلقاء القبض على هكذا مسئول, وإيداعة السجن قبل إقالته من منصبة , ولايقل الأمر أهمية عن إعداد قائمة سوداء بحق كل من يساند الدول/الدويلة التي خذلت اليمن في هذا التوقيت العصيب من بواية حرب استعادة الدولة, ومن بوابة الإضرار بحلفاء اليمن.

حماية الأمن القومي حق للدولة لليمنية, ويتعلق بسيادتها ,ولايمكن للأفراد التصرف فيه, أو التنازل عنه بل ذلك للدولة فقط. فالدولة تستطيع دائماً بسط حماية الأمن القومي على رعاياها, وقد تلجأ الدول في كثير من الأحيان إلى إبرام اتفاقيات مع الدول المضيفة بقصد مزيد من البسط، علماً بأن الدولة ليست ملزمة ببسط حماية الأمن القومي, بل قد تكون هناك مصلحة تستدعي عدم اللجوء إلى هذا الطريق ومحاولة إصلاح الضرر بالطرق الدبلوماسية.

ألف - توحد الآراء حول الشرعية, ودولة الشرعية.

في الراهن اليمني لا يكفي لقيام الدولة توفر عنصر الشعب ,والإقليم العربي الداعم ,ولو بدولتين عربيتين كحد أدنى , بل لابد من سلطة منظمة تقوم بالإشراف على الإقليم, وتفرض النظام فيه ,وتحميه ,وتتعامل مع الكيانات الدولية الأخرى وفقاً للقانون الدولي. ولاينبغي الخلط بين السلطة والسيادة. فالسيادة هي استقلال السلطة المنظمة في مواجهة الدول الأخرى وسمو إرادتها داخل إقليمها، وبمقتضى السيادة تضع السلطة التشريعات الوطنية الداخلية وتدخل في علاقات دولية، فالسيادة هي حرية السلطة في التنظيم. وكما عرفها مورغنثاو (إن السيادة هي السلطة القانونية العليا للأمة لغرض تشريع القانون وتنفيذه ضمن أرض معينة)، وهي لاتتجزأ.

وبذلك فليست السلطة في اليمن بناء من يقود الشرعية ,والتي ترتبط إرتباط عضوي بمشروع أخوان المسلمين في اليمن ,ومشروعهم الكارثي في 2011 عندما أطاحوا بنظام علي عبدالله صالح ,بل كبرت الشرعية في اليمن لتصبح العلاقات الدولية, وأشخاصه هم الدول ,والأشخاص الدولية الأخرى. أما تجيير القانون الدولي الخاص من بوابة رغبة أخوان المسلمين في اليمن في الاستفرارد بالسلطة بمايخدم قطر ,وتركيا ,وإيران, فلا شأن له بالدول, وموضوعاته العلاقات ,والوقائع التي تنشأ بين الأفراد الطبيعيين ,أو الاعتباريين الخاضعين للقانون الخاص. وهو مجموعة القواعد الوطنية التي تحدد جنسية الأشخاص التابعين للدولة ومراكز تواجدهم خارج اليمن, , ودورهم المهدد للأمن القومي اليمني , وتبين الحلول الواجبة التطبيق في حالة تنازع الأشخاص القاضي أو تنازع القوانين.

عوامل التهديد الداخلية ذات الطبيعة العسكرية في اليمن هي مشكلة الراهن اليمني، فمن أهمها ضعف القوة العسكرية للدولة، كما يعد الاعتماد على دولة واحدة كمصدر للسلاح, والمعدات, وقطع الغيار من أهم عوامل التهديد، كما أن الطبيعة الاجتماعية داخل بنية الجيش، وخلفياته الاجتماعية يمكن أن تُستغل لإيجاد الفرقة والصراع ,والحرب الأهلية بين قطاعات الجيش. بالفعل , ليس هنالك مخاطر من وجود ميليشيات عسكرية بعقيدة بناء دولة لا تخضع لسيطرة جهاز الدولة في الخفاء, نظرًا لأنها تعد نواة جيش تكتسب شرعيتها من الشعب الجنوبي في اليمن, وذلك قوة , وليس ضعف , وخير دليل ألوية المعالقة التي نجحت في تحرير الساحل الجنوبي الغربي , والغربي للشمال اليمني .لكن الخطر الحقيقي في الأحزاب الدينية , والتي تمتلك جيش بمظلة شرعية, وهي لاتقل كارثة عن الطائفية الميليشاوية, بل قد توجد نقاط تفاهم مشتركة في تقاسم الشمال اليمني , والجنوب العربي.

العرف الدولي في اليمن فيمايخص استعادة دولة الجنوب العربي قاعدة عامة مجردة, وملزمة , وهذا يلزم مشاركة جميع الدول في تكوينه حتى يكتسب هذه الخاصية؟

ذكرت محكمة العدل الدولية أن "حرمان البشر من حريتهم وإخضاعهم لقيود مادية في ظروف تتسم بالشدة دون وجه حق، يشكل في حد ذاته أمراً يتعارض بوضوح مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك مع المبادئ الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" وهذا هو ماقاد أبناء الجنوب العربي ليخرجوا من عباءة الشرعية التي متعارف أنها تدار لصالح أخوان المسلمين, ودولة قطر منذ 2011 , وفوق هذا وذاك فأخوان المسلمين في اليمن لم يعد لهم قبول عندغالبية اليمنيين رغم حيلتهم الثورية التي يتشدقون بها منذ 2011.

بدءاًا من الإرهاصات الأولى لثورة 11 فبراير 2011 ,وحتى اليوم بمزاعم السيادة الوطنية ,ونقاط الخلاف التركية القطرية, ومن ورائهما إيران مع حلفائنا في دولتي الإمارات والسعودية.

أن المجتمع اليمني شهد قدراً معيناً من الاتصال مع الجوار الأقليمي، عن طريق الحروب التي تدور رحاها في اليمن, وبات يدرك مع من مصلحته في هذة الأزمة , وهذا التوقيت العصيب.ومصلحتنا مع الإمارات والسعودية فقط لاغير.

ولو ناقشنا حقوق الدولة اليمنية , فحق البقاء أو الوجود يعد أهم عامل يجغل كل قرارات الأمن القومي اليمني كنوع من حق الدفاع عن النفس في مواجهة شرعية أخوان المسلمين في اليمن ,ومن ورائها دولتي قطر, وتركيا, وكذلك إيران , ومعها تعد أية إجرءات تتخذ نوع من الدفاع الشرعي , فنحن نقدم المساواة مابين اليمنيين ,وحق الإحترام المتبادل مع حلفاء اليمن فوق كل الإعتبارات الديمقراطية لحلفاء قطر وتركيا,ومن ورائهما إيران.

علاقتنا مع السعودية ,والإمارات أشبة ماتكون معاهدات ثنائية ومعاهدات جماعية, أو من حيث قدرتها على إنشاء فموضوعها تبادل مصالح عامة , وليست فردية أو ذات طبيعة شخصية لاتتميز بخصوصية العمومية كما يفعلها وكلاء تركيا وقطر , وإيران في اليمن، ومن أمثلتها معاهدات رسم الحدود مع السعودية والاتفاقيات التجارية في ميناء عدن.

لم يعد لدينا سوى عدد محدود من التحفظات فيمايخص الجانب الاجتماعي , أو فمايخص غياب التكامل مابين مصالح كل اليمنيين, وفوق هذا فوكلاء قطر وتركيا, إيران جعلوا أبناء الشغب اليمني ضحايا, وليسوا مواطنيين.

لكن هناك تحفظ استراتيجي يجب الكشف عنه بكل شفافية , فالمخطط في اليمن يراد به جعل الميليشاوية الطائفية يحكمون الشمال اليمني في حين أخوان المسلمين يحكمون الجنوب العربي, وتوضيح هكذا مسألة يجعلنا نفهم لماذا اليسار الأمريكي يدعم الإسلام السياسي, والشيعة من بوابة قطر , وتركيا , وإيران في ذات الوقت , وخصوصًا فكرة إسقاط نظام الدولة لتكبر معها الفوضى الخلاقة المتمثلة في صراع (سني -شيعي) ظاهريًا ليتكشف نهاية المطاف بأنها فكرة تقاسم البلد ذاته مابين أجندات الاسلام السياسي " أخوان المسلمين " ,والشيعة " الطائفية المليشاوية " نهاية المطاف .

ختامًا ,يصعب تحديد كيفية تشكيل الإستراتيجية القومية وتنفيذها. وتنبع المصالح القومية من التفاعل بين القيم والبيئتين المحلية والدولية. ونظرياً يجب أن تُقدم هذه المصالح القومية الأهداف لإستراتيجية قومية. وفي الممارسة هناك صعوبتان مهمتان تتسببان في إعاقة تشكيل مثل هذه السياسة.

ليست الدول, والمنظمات الدولية هي الكيانات الوحيدة التي يمكن أن تكون طرفاً في علاقات دولية، بل هناك كيانات أخرى يمكنها الدخول في علاقات دولية ,وإن اختلفت عن الدول، منها: المجلس الإنتقالي الجنوبي , والمتضررين من سلوك أخوان المسلمين في اليمن , ومن نهج الطائفية الميليشاوية لجماعة الحوثي ، وبعض الكيانات الأخرى الشبيهة بالدولة, وحركات التحرر الوطنية التي قد تتبلور مستقبلا.ويمكن القول أن هذه الكيانات لاتتمتع بشخصية قانونية معادلة للدول, وإنما لها وضع قانوني دولي يمكنها من التحرك في المجال الدولي لتحقق أهدافها, وهذا مايكفله لها الأمن القومي اليمني في مجال الديمقراطية.


  • 6

   نشر في 23 مارس 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا