سيطرت الدولار على الاقتصاد العالمي من قاعدة الذهب الى قاعدة البترول.... بقلم م.م. كرار طالب الحميري - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

سيطرت الدولار على الاقتصاد العالمي من قاعدة الذهب الى قاعدة البترول.... بقلم م.م. كرار طالب الحميري

  نشر في 29 مارس 2021 .

    كان النظام النقدي العالمي يعتمد على قاعدة الذهب في التغطية العملات , وفي عملية التبادي النقدي على الرغم من مروره بعملية ايقاف كما حصل في عام 1929م عندما حصل الكساد العظيم (أزمة اقتصادية عالمية استمرت لسنوات)، مما دفع الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت إلى إلغاء تغطية الدولار بالذهب عام 1933م ولكنّه أعاد تغطية الدولار بالذهب عام 1934م مع تعديلٍ نسبي لسعر الدولار للتخلص من إرهاصات تلك الأزمة. استمر الأمر على ما هوّ عليه إلى حين حصول اتفاقية Bretton Woods..

بعد قيام الحرب العالمية الثانية وتدمير اوربا بالكامل بسبب الحروب من المانيا النازية كانت الولايات المتحدة الامريكية قد استغلت مسألة انهيار الاقتصاد الاوربي جراء اثار تلك الحرب الضروس وقد ساعدها ذلك:-

- انهيار النظام النقدي الجديد بسبب نقص في الذهب والفصة والعملات جراء اثار الحرب العالمية الثانية.

- اوربا كان في ذلك الوقت بحاجة ماسة الى من يدعمها عسكريا واقتصاديا من اجل اعادة اعمارها ومواجهة المد الشيوعي الخطر الجديد الذي حل بدل النازية.

- كانت المنتصر بتلك الحرب الحقيقي هي الولايات المتحدة الامريكية , وذلك بسبب ان الحرب لم تحدث على الاراضي الامريكية , أذ لم تتأثر الاخيرة بأثار تلك الحرب بالعكس كان الصناعة العسكرية والمدنية قد انتعشت بسبب توقف اسواق اوربا جراء العمليات العسكرية على اراضيها.

لذلك كان العم سام استغل الفرصه لهيمنته على العالم متعمدا على ماذكرناه اعلاه بعقده معاهدة بريتون ودز في 20 تموز 1944 الذي اوجد نظام نقدي جديد حل محل النظام السابق لغطاء العمله , في الماضي كانت دول العالم تستخدم قاعدة الذهب المباشرة كمرجع لغطاء عملتها , واستمرت العملات في ذلك الوقت بأستخدام تلك القاعدة خلال فترة 1876 -1914 حتى عقد الاتفاقية المذكورة في غابات بريتون في نيوهاميشر بالولايات المتحدة الأمريكية. وقد حضر المؤتمر عقد الاتفاقية ممثلون لأربع وأربعين دولة. وقد وضعوا الخطط من أجل استقرار النظام العالمي المالي وتشجيع إنماء التجارة بعد الحرب العالمية الثانية, وتم الاتفاق بان يكون غطاء العملات الدولية هي الدولار الامريكي على ان يكون غطاء الاخير هو الذهب بقيمة 35 دولار يساوي اونس من الذهب كمبدأ جديد في التعاملات النقدية العالمية.

بذلك خرجت الولايات المتحدة الامريكية هي المنتصرة والمسيطرة على العالم عسكريا واقتصاديا في حين يرى المناصرين للنظام الرأسمالي ان الاتفاقية هي التي قضت على الكثير من المشاكل كالمضاربات والتعويم للعملات وثبتت اسعار العملات كمرجعية ثابته لها التي هي الدولار.

لكن اذا قراءنا ما بين السطور كباحثين في التاريخ الحديث وفي علم الاقتصاد او في علم التأريخ الاقتصادي نرى بأن الولايات الامريكية تعمدت هذا الامر لتحقيق اهدافها الاستراتيجية اهمها:-

- السيطرة الاقتصادية على العالم وارغام العالم على استخدام الدولار كغطاء مرجعي الذي يعتبر نصراً جديدا للعم سام , اذ لم نرى في التاريخ اي دولة قوية قامت بأستخدام هذا النوع من الدهاء الاقتصادي في تطويق العالم اقتصاديا وجعله ما بين كماشه.

- محاولة من الولايات المتحدة تطويق الاتحاد السوفيتي الذي اصبح دولة عظمى مترامية الاطراف من اليابان شرقا حتى برلين غربا ناهيك عن القوة العسكرية من مشاة الجيش الاحمر المرعب الذي جند لهزمة النازية اصبح الان يشكل خطرا على الغرب والرأسمالية , والاسوء هو سيطرتهم على معلومات سرية لصناعة الاسلحة الفتاكة كالقوة النووية , ومعلومات عن اسلحة المانية متطورة اصبحت تحت يد السوفيات بعد اقترابهم من برلين. فكان لابد من العم سام ان يسيطر اقتصاديا على النقد العالمي بهدف القضاء على هذه القوة العظمى الجديدة عن طريق التحكم العالمي بالاقتصاد.

- هذه القاعدة تؤدي النهاية الى خدمة الاقتصاد الامريكي الرأسمالي , اذ بسببه سيدخل الدولار دول العالم كلها كالسيل وبذلك تصبح عملة عالمية تعطي قوة وانتعاش للاقتصاد الامريكي.

بذلك سيطر الدولار على العالم بتلك الاتفاقية وخرجت امريكا هي المنتصرة عسكريا واقتصاديا ثم حصل ما لم يكن متوقعا او اقول كان متوقعا!!

اذ اندلعت حرب الفيتنام 1956-1975 فكان حربا خاسرة للعم سام , اذ خسرت الكثير من الارواح والعتاد الامر الذي اضطر لحكومة واشنطون طبع الكثير من العملات لتغطية نفقات الحرب , وقد يسأل سأل لماذا لم تنسحب الولايات المتحدة الامريكية بدل من هذه الخسارة ؟؟ الاجابة هي ان من يقراء تاريخ الحرب الباردة سيجد ان الاحداث كانت معقدة جدا ففي حالة انسحاب الولايات المتحدة سيكون ذلك بمثابة هزيمة الرأسمالية وانتصار الشيوعية في الفيتنام الامر الذي سيشجع الدول التي تسير في الفلك الامريكي في الشرق الاقصى وغيره الى اقامت انظمة شيوعية مماثله وخوض تجربة مشابهه لتجربة الفيتنامية , وهذا الامر لم ترضى به الولايات المتحدة بأي ثمن كان .

فبادرت الى طباعة فوق المسموح به خلال السبعينيات من القرن الماضي فتخطى مخزونها من الذهب بسبب تلك الحرب لأن الذهب الموجود في الولايات المتحدة لم يعد كافيًا ليغطّي الدولار الأمريكي، لم يعد بالإمكان طباعة المزيد من الدولارات لأنّ الذهب الموجود لم يعد كافيًا لتغطيتها، وبالتالي قامت الولايات المتّحدة بتجاوز الحد الأعلى المسموح من الدولارات المطبوعة، وقامت بطبع دولارات غير مغطاة بالذهب دون أن تُعلِم أحدًا بذلك!!!.

ولكن الأزمة الكبرى حصلت عندما طالب الرئيس الفرنسي تشارل ديغول عام 1971م بتحويل الدولارات الأمريكية الموجودة لدى البنك المركزي الفرنسي إلى ذهب (طالب بتحويل 191 مليون دولار إلى ما يقابلها من الذهب، وكان سعر الأونصة 35$)، عملًا باتفاقية Bretton Woods التي تسمح بذلك; أدّى هذا الأمر إلى عجز الولايات المتّحدة لاحقًا عن تحويل أي دولارات أمريكية إلى الذهب، مما دفع الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون إلى إصدار بيان في عام 1973 يلغي فيه التزام الولايات المتّحدة بتحويل الدولارات الأمريكية إلى ذهب، عُرفت لاحقًا باسم Nixon Shock أو صدمة نيكسون.

انصدم العالم بالخدعة الامريكية فبدل ان يكون الاخير مخزون الذهبي الاقتصادي العالمي بادر العم سام الى استنفاده عن بكرت ابيه لخدمة حروبها التي لم يجني منها العالم لا ناقة ولاجمل تهدف الى خدمة شهوات سيطرتها على العالم بسيطرة اقلية يهودية على الاقتصاد والاعلام والسياسة في الولايات المتحدة الامريكية , فأصبح الدولار حرا غير مقيدا بالذهب واصبح الاخير حرا ايضا.

بذلك اصبحت المعاملات 100% ورقية!! والعالم كله مرتبط بالدولار الامريكي الذي وجد له بديل لقاعدة الذهب وهو النفط الموجود في دول الخليج العربي خاصة السعودية فموجبة عاد الأمريكيون ليثبتوا تسعير النفط بالدولار عبر اتفاقات مباشرة مع السعودية في عام 1974، قادها وزير الخارجية الأمريكي كيسنجر تضمنت عملياً: ضمان استمرارية تسعير النفط بالدولار، واستخدم فوائض الدولار في الاقتصاد الأمريكي سواء عبر الاتفاقيات الاقتصادية مع الشركات الأمريكية لشراء السلع من تكنولوجيا وصناعات وأسلحة وغيرها، أو عبر إعادة تدوير فوائض البترودولار السعودية لتستخدم في السوق المالية الأمريكية وسندات الخزينة الحكومية.

بهذه الاتفاقات تغطي الولايات المتحدة طباعة دولارها بالهيمنة على تجارة النفط الدولية، وأيضاً باستهلاك فوائض النفط في الاقتصاد الأمريكي، وأصبح نمط العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة محدداً لدول مجلس التعاون الخليجي، وعموم دول أوبك الأخرى المنتجة للنفط نظراً للهيمنة الأمريكية على عوائد النفط السعودية، والوزن السعودي الأهم في منظمة أوبك.

بذلك ظهر مصطلح جديد يحكم تعاملات الدولار الذي هو ( البترودولار) اذ اصبح الامريكان يمتلكون غطاء جديد للعملة بدل الذهب بفضل بحيرات الهائله من البترول في الخليج العربي والسعودية مقابل ان تحصل على الاخيرة على الدعم العسكري والتكلونوجي من قبل الولايات المتحدة الامريكية. فأصبحت الاخيرة لا يكلفها انتاج الدولار شيء سوا طابعة وحبر واوراق لصك عملة الدولار!!! ما دام النفط موجود كغطاء لهذه العملة .

انعكاسات تلك السياسة الجديدة هو ان ارتفع سعر النفط واصبح يعرف بالسياسات الامريكية ( بالذهب الاسود) ! واصبحت الولايات المتحدة بفضل سيطرتها العسكرية والسياسية على العالم تتحكم بأسعار النفط حسب مزاجها , وأي دولة تقف اما سياستها فأن الولايات المتحدة تحرك اساطيلها البحرية وطائراتها لتبيد تلك الدولة بحجة ( الارهاب او تهديد للامن القومي الامريكي !) وغيرها فالدول اليوم تطبق السياسة الامريكية مرغما , وان كان اسعار النفط ثؤثر على اقتصادها بسبب خوفها من العم سام وجبروته . فالعالم اليوم يزداد فقراً كل يوم خاصه الدول النامية بسبب سياسة الدولار الجديدة.

سيطرة الدولار على الاقتصاد العالمي من قاعدة الذهب الى قاعدة البترول.... بقلم م.م. كرار طالب الحميري

قائمة المصار:-

1- جان دينزت, الدولار....تاريخ النظام النقدي الدولي.

2- مصطفى احمد فريد,الاقتصاد النقدي الدولي.

3- لرو فرانسوا, الاسواق الدولية للرساميل.

4- محاضرات عمران حسين " بريتون وودز الدولار الامريكي والبترول : على الشبكة العنكبوتية YouTube .

5- منال محمد تيسير سرو, العوامل المؤثرة في سوق العملات الأجنبیة- دراسة تطبیقیة على مؤشر الدولار الأمریكي.

6- سياسات أسعار الصرف , سلسلة دورية تعنى بقضايا التنمية في الأقطار العربية العدد الثالث والعشرون ـ نوفمبر/تشرين الثاني 2003 ـ السنة الثانية 



   نشر في 29 مارس 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا