أخبرني صديقي مؤخرًا وهو سعيد أنه أصبح لا يبالي بأي شيء، أصبح لا يبالي بالتغيرات المناخية ولا الاضطرابات السياسية ولا أغنية جديدة لصوته المفضل ولا فيلم لفنانة الموهوب ولا أي شيء كان يهتم به سابقًا، الأهم أنه أصبح لا يبالي بمظهره ولا ملبسه ولا حتى رائحته، في الحقيقة أعتقد انه أصبح شخص آخر.
سألته لماذا هذه السعادة؟
أخبرني أنه ظل يجاهد كثيرًا حتى يصل الى هذه المرحلة حيث أنه كان يهتم كثيرًا لأشياء في وجهة نظره الآن ليس ليها أي قيمة وانه يتحسر ويندم على كل دقيقة ذهبت في سبيل هذه الأشياء. يندم على وقته الذي ذهب في تصفيف شعره قبل الخروج الى الجامعة يوميًا، يندم على الأموال التي ذهبت في شراء ملابس جديدة لكي يبدو في قمة الاناقة، يتحسر ويندم ويكاد يضرب رأسه بالحائط كلما تذكر محاولاته الفاشلة في التقرب من الناس ومحاولة كسر الجليد بينه وبينهم، صديقي هذا كان ولازال يتمتع بانطوائية اجتماعية عجيبة.
كنا في العشرين من عمرنا حين أخبرني انه لا يعجبه سلوكه ولا يرضى عن ذاته وانه بحاجه لان يكون أكثر اجتماعية واندماجا مع الناس، لأنه ليس لديه أصدقاء الا أنا وهو يشعر ان هذه نقطة ضعف في شخصيته بالإضافة الى انه يشعر بعدم حب الناس له وانه يجب ان يعطى الفرصة لهم لكي يعرفوه ويفهموا أفكاره وانه يجب ان يتعلم كيف يعبر عن نفسه دون توتر او تلعثم.
أعتقد ان صديقي هذا كان يفكر بطريقة صحيحة وسليمة فلابد لكل منا ان يطور من ذاته وان يملأ الفراغ الذي بداخله، لكن ما وقع فيه صديقي هذا كان شيئا مختلفًا.
انه ابتغى رضا الناس عنه وليس رضا ذاته، بمعنى ان كل فعل كان يقوم به او قول يتحدث به هو يريد به رضا الناس عنه ومدحه وشكره لكن رضا الذات ليس مهمًا، بالتالي أصبح يشبع حاجات الناس لا حاجاته هو وأصبح يعيش للناس لا لنفسه.
الآن وبعد عامين من قراره هذا قرر التراجع عنه بعد ما تأكد انه لن يبلغ رضا الناس مهما بلغ اقصى جهده وأن من حوله يريدونه نسخة منهم وكل منهم يرونه من وجهة نظر مختلفة، فأصبح تائه ولا يدري من هو ولا ماذا يريد، يبحث عن شخصيته الحقيقية في نفسه فلا يجد لها أثر، لذلك قرر التوقف عن العيش في قوالب من صنع الناس وبدأ في صنع قالبه الخاص.
اللامبالاة بآراء من حولك ليست بالطبع إيجابية في جميع الأوقات ولكن المهم أن تفهم أنك لك شخصيتك المستقلة وأنه ليس بالضرورة أن تكون آرائهم فيك كلها مدح وذكر لفضائلك وأخلاقك.
الغريب في هذا كله أن صديقي هذا يشبهني كثيرًا لدرجة أنى ظننت انى اتحدث عن نفسي.
-
Abdulhammedكاتب مبتدئ، احب الكتابة وأحب أن اكتب