لم يكن يتوقع النجم العالمي أن هناك موعداً مع الموت شاء أم أبى هذا المصير الحتمي المكتوب على بني البشر منذ خلق الله الخلق، فقد كان يعمل بمبدأ أحيني اليوم وأمتني غداً، تلك المعادلة الغريبة التي عاش بها طوال حياته منذ الصغر حتى تفاجئ بأن العمر لحظة تمر أمامه في آخر أيام عمره رأها مندهشاً أين الشباب وأين المجد والشهرة ،
حضر النجم العالمي جنازة صديق عمره الفنان اللامع وصاحب رحلة الفن معه، ووقف وسط ذهول منه ومن أصدقائه الباقين في قاعة حضور المناسبات بإحدى المساجد الكبرى بمدينة نصر، يجتمع الكثير من أصدقاء الوسط في أجواء تختلي منها المساحيق والدهانات للنساء، وشعورهم تغطى بقماشة خفيفة أعلى الرأس، النظارات السوداء تخيم على المكان بل كذلك اللون الأسود هو العام، ليست أول جنازة لأحد أبناء الفن ولن تكون الأخيرة ولكن موت الفجأة أصبح كثير جداً ويصيبهم بالهلع،
نظر العالمي حوله في القاعة وجد كثيراً من أصحابه القريبين من عمره، ظهر على وجوههم تجاعيد الكبر وأنطفئ من وجوههم النضارة وحيوية الشباب يقفون محزونين على صديقهم بل على موعدهم القريب، يعلمون أن الموت اقترب منهم وماذا هم فاعلون من ماضيٍ مصور بكل كبيرة وصغيرة من أفعال كانوا يحسبونها هينه وأصبحت تتداول بين الناس كمثل السيئة الجارية أعمالهم ليست كلها هادفة ولا خالية من مشاهد تغضب الله
ثم وقف مع نفسه شارد الذهن يفكر اليوم أنا أقبل عزاء صديقي وغداً سوف يقبل عزائي إنها الحقيقة التي يجب أن أسلم لها الآن ماذا بعد الموت
جلس يسأل نفسه وماذا أفعل بكل هذه الأفلام التي فعلتها وما بها من الذنوب التي لا يعلمها إلا الله فضلا عن إستمرار مشاهدتها لكل الأجيال القادمة، لا يوجد فيلم واحد خالي من شيئ يغضب الله هل كل من يشاهد هذه الأفلام بعد موتي يصب في ميزان سيئاتي أم أن الله غفور رحيم
نعم الله غفور رحيم ولكن ما ذنب كل هؤلاء البشر الذين ساعدتهم على الانحراف بأفكاري وأفعالي في كل أفلامي، كنت دائما أجادل كل من يتهمني بأني ناشر للفكر الهابط ومثير للفتن والشهوات ومساعد على الانحلال العام وأقول لنفسي دائما بأن المجتمع كله فاسد وهل أنا وحدي من تسبب في كل ذلك
يعاوده صوت ضميره ويقول له أنت كنت سبب من أسباب هذا الفساد دون أن تشعر تراكمت عليك أفعالك طوال هذه السنين وأنت تأخذك الغفلة ولا تتوقف تنتهي من عمل تُسرع إلى الآخر يعجبك الثناء والإنفتاح والحرية المزيفة كنت حريصًا على ألا يفعل ببناتك ما تفعله مع زميلاتك في التصوير، لماذا؟ ، كنت تخشى عليهم من الاقتراب من هذا المجال بالرغم حبك الشديد له، وتحاول قدر الإمكان ألا يعرفهم من يصطادون الصغار
الآن أيقظ ضميرك كل ما بدخلك واليوم تودع صديقك المشارك في أغلب أعمالك وغداً أنت راحل لا محالة فهل تفكر في التوبة أم أن من حولك يمنعونك ويتهمونك بالجنون، ولكن هل رحل مع صديقك أحداً منهم أم رحل هو وعمله فقط
بعد كل هذا التفكير العميق قام من مكانه راحلاً من القاعة معلنًا إعتزاله وتوبته من كل فعل يعصي الله عازماً ألا يعود في الوقت القصير المتبقي من عمره
مؤمن محمد صلاح
https://www.facebook.com/pro.momenms