عاشت في الجزائر بعض الأقليات منذ فترات تاريخية سابقة ،ومن بين ابرز الأقليات التي نجد لها بصمة حاضرة في مختلف مراحل تاريخ الجزائر الفئة اليهودية التي أثرت و تأثرت بمجريات الأحداث بالداخل و الخارج وخصوصا في أواخر العهد العثماني، حيث أن هذه الفئة استطاعت التغلغل في الأوساط الحاكمة و جعلتهم يتحكمون في القرارات السياسية شيئا فشيء، مما فسح المجال للاحتلال الفرنسي بطريقة غير مباشرة

و لقد ارتبطت كلمة يهودي في أذهان الناس بتصور خاص وصفات معينة في التاريخ، فعند ذكر كلمة يهودي نقول" ليهودي حاشاكوم"او حاشا دين محمد

و القران الكريم وصف أحوالهم و أخلاقهم ،فقد وصفهم بالكفر و الجحود و الأنانية و الغرور و الجبن و الكذب و المخادعة و أكل أموال الناس بالباطل و التحايل و تحريهم للكلم عن مواضعه وقتلهم للأنبياء إلى غير ذلك من الرذائل ، وان هده القبائح التي سجلها القران الكريم عليهم يراها الإنسان واضحة جلية فيهم على مر العصور و اختلاف الأمكنة ولهذا أطلق عليهم عامة الناس أمثال شعبية لازال الكثير يرددها في وقتنا الحاضر

ففي المكر و الخداع قالوا عنهم "ليهودي كي الفار متوريلوش باب الدار"، "لضحك اليهودي للمسلم اعرفو بلي راهو للغش تحزم"، "سير مع اليهود وخلي الجيران شهود" ،"الما بدود و لا جميل ليهود " ،"لا تامن القرود واليهود ولا الشرفا بلا جدود"

وفي الجبن قالوا عنهم "الحشيشة يهودية ومولاها ديما خايف "

وفي التمسك بمعتقدهم قالوا عنهم "البغل ماينسى السكة و اليهودي مايزور مكة "، "قهوة بلا دخان كي ليهودي بلا خاخام "، "وين مشاو ادراهمكم ياليهودي قالو في السبوت و العيود"

و اليهودي بطبيعته منفعي وصولي "منين تحتاج ليهودي يقولك يوم عيدي"

ولان التجارة كانت مصدر رزقهم فقد تفننوا في الحرف كالصياغة و الخياطة "خياط المضارب يهودي ومول الذهب ولده" دليل على احتكارهم للصياغة و الخياطة قديما "خذ الصنعة و الحرفة من ليهود و الشرفاء" و "التحزيمة نصرانية و الشغل يهودي "

ولان المسلمون يبغضون اليهود فانهم يضربون بهم المثل بكل مضرب يليق بهم "جنان ليهودي كولو والعن مولاه"، "ليهودي كول طعامو ولاتنعس في فراشوا " ،"ما عمل الضيق فالكوري غير حمار ليهودي "، "خسارة فالعبد سنيه وخسارة فاليهودي عينيه" ،"مزلوط ليهود لادنيا لا اخرة"، "لي يزوج يهودية يلصق المرض فيه صباح وعشيا"

وليس بالضرورة أن تكون هذه الأمثال وليدة البيئة الجزائرية بدليل أننا نجد نفس الأمثال في مناطق أخرى من المغرب العربي أو حتى من المشرق تختلف من حيث الصيغة إلا أن مضمونها واحد مثلا "بالصابون ماتاجرت وبالبحر ماسافرت ويهودي ماشاركت وكيف انكسرت "من كتاب امثال شعبية لبنانية هذا المثل أيضا يقال بالجزائر عند تعثر الحظ لكن بصيغة مغايرة نوعا ما "بالصابون ما تاجرت و بالبحر ما سافرت ويهودي ماشاركت وعلاش ماربحت" ويضرب مثل أخر في تعثر الحظ سواءا بالجزائر أو المغرب الأقصى "الثقل والعقبة ولحمار يهودي"

وفي النفاق يضرب المثل التالي "جلابة مسلمة و الي لابسها يهودي" هذا المثل يقال في المغرب الأقصى ويردد بالجزائر بنفس الصيغة عن الشخص المنافق

بعد استقلال الجزائر رحل الكثيرون من اليهود إلى فرنسا و دول أخرى فقيل عند رحيلهم "مابقى عكو أي يعقوب ولا شريكو" أي الاحتلال الفرنسي "داوود عمرو مايعود"

وبمدينة الاغواط مازالت إلى اليوم عالقة بها ذكريات اليهود فالقدماء الذين تجاوزوا اليوم الثمانين من العمر لم يستوعبوا الرحيل المكثف لليهود والكثير منهم يتأسف لذلك فقال احدهم "لبلاد كي خطاوها ليهود كي المقبرة بلا شهود"

وحتى وان رحل اليهود إلا أن هذه الأمثال لازالت راسخة ليومنا هذا في أذهان الكثيرين تردد على أشخاص سيئ الطباع

واخرى تردد في مناسبات مختلفة مثلا إذا اختلفت الآراء يقال "لاه راسي وراسك في شاشية وحدة "

و إذا دعا شخص على أخر أساء له يقول" ربي يجعل حالتك حالة ليهود والنصارى"

وفي النصيحة يقال "اعمل الخير ولو في اليهود يحفظك الله ممن العدا والحسود"

"ادا خلات بلاد يولي ودانها يهودي" ادا خلت البلاد وتدهورت يصبح مؤدنها يهودي يستعمل هداالقول للتنديد بما قد يحصل من سوء الاختيار لللافراد للقيام بالمهام التي ليسوا اهلا لها

وكما قيلت هذه الأمثال في اليهود من طرف المسلمين نجد ان لليهود ايضا امثالهم الخاصة عن المسلمين نذكر منها "المسلم خونا من الطين وعدونا من الدين " "التلمساني و الفار لا توريهم باب دار" الخ

جمعت هذه الباقة من الأمثال من بيئتي الخاصة من على السنة بعض كبار السن ولا انكر انني اقتبست بعضها من كتب قيمة ككتاب سعيد بنفرحي اليهود في الأمثال العربية العامية و الفصيحة وأيضا كتاب الأمثال الشعبية لقادة بوتارن وغيرها من الكتب التي تخص الأمثال العربية سواءا بالمشرق أو المغرب لتكون هذه الباقة في النهاية مقالا مسليا تفوح منه رائحة الماضي.