استلقى على ظهرهِ، وأخذَ يبحلقُ في السقفِ الخالي سوى من ضوءٍ وحيدٍ باهتٍ. أغلقَ عينيهِ علهُ يرى نجوماً يَعُدها، أو يستأنسُ بنورها. و لكنه ما إن أقفلَ عينيهِ حتى أحسَ أنه في غابةٍ مليئةٍ بالقرودِ التي تتقافزُ في رأسهِ من جانبٍ الى جانب، و تُصدرُ ضجيجاً مفزعاً. فنهضَ من فراشهِ مهرولاً ليشربَ قليلاً من الماءِ، و يتنفسَ الصعداء. و لكنَ ذلكَ العراكَ في رأسهِ لم يتوقفْ، و أوجعهُ و أثقله. كانَ يجبُ أن يُوقفَ تلكَ القرودِ، و يعطيها مرادها المنشود. كانَ يجبُ أنْ يفكَ عن عقلهِ القيودَ، و أن يحلَ ما التفَ و تشابكَ منها كالحبلِ المعقود.
فتحَ بابَ نافذتهِ الخشبي، و أطفأَ الضوءَ اليتيمَ في غرفتهِ، ليعترفَ أنَ الغلبةَ لشمسِ النهار، و أنَ الليلَ لمْ يأتِ بعد، و أنَ للقرودِ غابةً يجبُ أن يعودوا إليها، و أن ليسَ من واجبهِ احضارُ الموزِ لهم … كلُ ما هو مطلوبٌ منه … أن يخطو خارجَ غرفتهِ قبلَ أن تغيبَ الشمسُ.
-
راوية واديكاتبة و رسامة فلسطينية .مدونتها الخاصة علي الإنترنت Rawyaart : (https://rawyaart.com) متفرغة للكتابة و الرسم في الوقت الحالي.