لاشك ان لكل نفس انسانية قدرات و مميزات خاصة حباها الله بها تختلف من انسان لاخر و هذا بداية السبيل الذي يجب ان تعييه عزيزي القارئ فلا يمكن وضع النفس في مقارنة مع الاخر للاختلاف التام بين كل شخصية و اخري يحضرني هنا موقف عباس بن فرانس الذي حاول الطيران باستخدام اجنحة مما ادي لسقوطه ووفاته و هذا مثال لعدم معرفة و تقدير الذات فلو ادرك الفرق بين طبيعة الانسان و الطيور ما حاول التمرد علي طبيعته الانسانية..
هذا و قد علمنا التاريخ علي مدار العصور عوامل تقوية الثقة بالذات تجلت ذلك في وصايا الرسل و الانبياء و الحكماء نستدعي هنا وصايا - لقمان الحكيم - لولده حين وصاه الا يمشي في تكبر و خيلاء بين الناس حيث ان الغرور هو النقيض التام للثقة بالنفس و هو ينطوي في احيان كثيرة علي احساس بالنقص قال تعالي { و لا تصعر خدك للناس و لا تمشي في الارض مرحآ ان الله لا يحب كل مختال فخور }
و نستقي من المنهج النبوي عوامل تدعيم الثقة بالنفس منها دعوة النبي صل الله عليه و سلم الي تغير الاسماء القبيحة حيث ادرك النبي - صل الله عليه و سلم - بحكمته اهمية الاسم الجميل في تدعيم الثقة بالنفس فكان يحب اسم الحسن و يتفائل به و يكره الاسم القبيح و يغيره و في رواية نافع بن عمر في صحيح بن عمر ان ابنة لعمر كان يقال لها عاصية فسماها جميلة و في رواية اخري عند الامام مسلم ان رسول الله غير اسم عاصية الي فقال: انت ميلة و ايضآ نهي الرسول عن تحقير الذات ففي الحديث الذي رواه البخاري و مسلم و غيرهما عن عائشة قال رسول الله صل الله عليه و سلم: لا يقولن احدكم خبئت نفسي و لكن ليقولن خسئت نفسي } ( معني لقست اي غثت او ضاقت و في هذا الحديث نهي عن تحقير الذات و يكره للمسلم وصف نفسه بالصفات القبيحة حتي لو كان صادقآ ايضآ وجه الرسول الرسائل الايجابية الي الصحابة من حوله يوجهم الي ايجابيتهم و كان ذلك من هديه مما كان له اكبر الاثر في تكوين مفهوم ايجابي عن الذات و منها قوله لابن مسعود - انك لمعلم - و من هديه توزيع الالقاب علي صحابته ففي الحديث الذي رواه البخاري و مسلم - لو كنت متخذآ من الناس خليلآ لاتخذت ابي بكر خليلآ - و في سنن الترمذي عن عقبة بن عامر - لو كان من بعدي نبيآ لكان عمر -
و هكذا كان يقوم بتوزيع الأوسمة و النياشين على صحابته عبر الالقاب المختلفة و قد توارثت الامة هذا فصار لدينا - حبر الامة - - امين الامة - الخ
كان السلاطين المسلمين عبر التاريخ يتخذون من الالقاب ما دعم الثقة الايجابية بالنفس - كالسلطان - الذي اشتقه المسلمون عن الفرس و استخدموا للدلالة علي الحاكم الذي بيده امور الدولة و هكذا علي مر التاريخ..
ايضآ علمنا النبي مدح النفس و لكن بحدود و ضوابط يقول النبي صل الله عليه و سلم - انا سيد ولد ادم انا حبيب الله و لا فخر انا اكثر الانبياء مبيعآ يوم القيامة انا اعلمكم بالله و اتقاكم انا احق من وفي بذمته }
نذكر هنا قصة سيدنا موسي و الخضر حينما قال موسي - انا اعلم اهل الارض - فارشده الله الي الخضر الذي علمه من آياته قال تعالي { فوجد عبدآ من عبادنا آتينه من لدنا علمآ } سورة الكهف
و قد نهي الله عن تذكية النفس خشية دخول الرياء او الاعجاب قال تعالي { فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقي } سورة النجم اية 32
و قد حرص النبي علي عدم توجيه الرسائل السلبية قال الرسول لابي ذر { ان فيك من خصال الجاهلية } و هنا نتعلم من الرسول قاعدة تربوية - ذم الخصلة و عدم ذم الشخص نفسه -
ايضآ حرص النبي علي توظيف طاقات المسلمون فلما قدم زيد بن ثابت الي للمدينة و هو ابن احدي عشر سنة و ما اجازه النبي في بدر و لا احد و لكن اجازه في الخندق و كان ابن لخمس عشر سنة و لما رده النبي عن الجهاد اسر زيد لامه ان يتقرب الي رسول الله فأخذه رجال من قومه الي الرسول فقالوا هذا ابننا يحفظ سبع عشرة سورة من كتاب الله و يتلوها صحيحة كما انزلت علي قلبك و هو فوق ذلك حاذق يحيد القراءة و الكتابة و يريد ان يتقرب اليك و يلزمك فاسمع منه فسر رسول الله به لحفظه و حسن تلاوته فتخصص في القراءان و كان من كتبة الوحي و صار المرجع الاول للقراءن بعد وفاة رسول الله..
ختامآ عزيزي القارئ الثقة بالنفس دعامة هامة توجد شعرة بسيطة بينها و بين الغرور تجاوزها يعزز مستقبل ايجابي لديك...
-
Menna Mohamedكن في الحياة كعابر سبيل و اترك ورائك كل اثر جميل فما نحن في الدنيا سوي ضيوف و ما علي الضيف الا الرحيل الامام علي بن ابي طالب