التقبل في العلاقات الإنسانية هو أهم من الحب بل هو أول الطريق نحو الحب الحقيقي.
التقبل هو حين تتفوق رغبتك في الحفاظ على كينونة الشيء وذاته، على رغبتك في أن يبدوا كما تحب أنت.
حب بلا تقبل هو شعور مشروط بتغيير ذات من يقابلنا لتبدو على هوانا. أو بعبارة أخرى هو حب غير صادق.
أن تزعم حب شخص أو شيء ثم تحاول تغيير ذاته، ستكون كمن يقص الوردة لتبدوا أجمل بينما هو في الحقيقة دمر كيانها وحطمها من الداخل بل وألغى وجودها كذلك.

من الممكن أن تقوم علاقة رائعة بين شخصين يتقبلان بعضهما حتى من غير حب.
حين تتزوج أنت تنتمي لأسرة ولست تتملكها.
هذا المبدأ وعلى بداهته إلا أنه غالباً أصلا كل المشاكل بين الزوجين او الأبناء.
حين تقرر بناء أسرة يجب أن تعي أنها ستتكون من عدة أنفس (زوجة وأبناء) وكل منها لها شخصيتها المستقلة و ذاتها التي ستسعى لتحقيقها وآراءها المختلفة عنك.
ما إن يدخل الزوجان قفص حياتهما الزوجية، يبدأ كل أحد منهما بمحاولة السيطرة على الآخر وتملكه. وينزعج من تصرفاته التي لايحبها ليبدأ في تغييرها. بينما كان الأجدر به أن يتقبله كما هو.
وتنتقل محاولة السيطرة هذه الى الأبناء، فعند انجابهم وبزعم التربية الخادع، يحاولان زرع صفات يرغبانها لدى الطفل، وهذا جيد إن لم تكن تؤثر على ذاته وشخصيته الأصلية. لكن الواقع أنهما يجعلانه يتخلى من ذاته (ب اسم البر) ليرتدي قناعاً لشخصية لا تخصه فقط ليبدوا للجميع على أنه الطفل المثالي.
وأصبح الابناء بمثابة (مادة خام) وأصبحت عمليات التصنيع والتشكيل لشخصيته تسمى عبثآ بالتربية والتقاليد. كل ذلك لإنتاج إنسىان بمواصفات قياسية. وبدلا من تقبلنا لذاته المتفردة عن غيره نقوم بطمسها وتشكيلها كما نرغب.
مع أن تلك الذات ليست ذاته وذاك الطريق قد لايناسبه وتلك رحلة لم تكن من اختياره. ليبدأ بشعور الاغتراب عن نفسه.وهنا يحدث التعثر فلا البذرة تحققت امكاناتها ولا الذات الأصلية قد بقت.
وكل ذلك لم يكن ليحصل لو انهما تقبلا شخصيته و قالا له: "بني نحن نحبك كما أنت لا داعي لتبدوا شخص آخر فأنت رائع هكذا"
همسة أخيرة ..
إن كنت تريد فرض رأيك دوماً وقمع كل شخصية تعارضك في بيتك بل ووصفها بالتمرد والعقوق إن كان لها رأي يخالفك، فأحسن الله عزاء زوجتك وأبناءك فيك وجبر مصابهم. وسيسألك الله عن تلك الأمانة التي قمعتها وفرطت بها فأعد للسؤال جواباً.
-
ابراهيمخواطر ليس إلا...