تمضي الحياة والعمر في كنفها ينقضي بدفق الايام و الساعات،فهو كجواز سفر كلما زاد اكتساب المرء للدروس و العبر من الحياة كلما خول له هذا العمر او الجواز حرية السفر في عباب بحر تنسجه متلازمات الحياة،ولايسع المرء الانتقال من سفر الى آخر ما لم تكن الوجهة مدركة يقينا ،مع إعداد واف لشتى متطلبات السفر،وقد يكون السفر ،عملا،حدثا،مشكلا وغيرها من الصور.

ولن ينكر احد ان اهم فترة لخوض الاسفار هي فترة الشباب،فيها ما فيها من عنفوان و اندفاع ،ماقد يجر لاسفار على حين غرة،ولعل السفر الذي يكثر فيه القيل والقال في اوساط شبابنا ذكورا و إناثا هو الزواج،تجد هذا الحديث في المقهى،في فصول الدراسة في العمل ،بين المراهقين والراشدين ،و الادهى انه يكتسي طابع الاستغراق والاستهلاك كموضوع بعيدا عن الحيثيات والاسس التي تؤطرهذه العلاقة كمفهوم في بعدها الانساني قبل ان تكون جمعا بين كيانين،وليس هذا تعميما مرضيا لكن للناظر ان يرى هذا الامر في واقع اليوم،ليس الخلل في الزواج كمفهوم ،بل في الطريقة النمطية التي يصور بها في المجتمع،مجرد تقليد اكثر منه تأسيسا لمفهوم التساكن ،بل مرحلة من المراحل الازلية في ظل العقل الاستقراري المحض،دراسة فعمل فزواج و اولاد لكن اي قيمة مضافة للانسانية في هذا التسلسل؟ هل هو التكاثر ؟ ام نوع من اشباع الفضول لاكتشاف الاخر و الاستجابة لنداء الطبيعة؟

وليس في مامضى نكران لقيمة الزواج بل هو نكران لكل تفكير واهم لايوفي هذا المفهوم إنسانيته وحقه من الدراسة كمشروع حياة،و اولى مكامن الخلل في التفكير السطحي الذي يجعل هذا المفهوم في قلب الاولويات بعيدا عن الواقع،فنجاح هذا المشروع مبني على خلق توافق تام بين الذات ككيان و هدف .في الحياة،انت مطالب عزيزي الشاب ان تجتهد في بدايات شبابك لتخلق الواقع الانسب لك و لطموحك عندها ستجد الارضية المثلى لزواجك بدل ان تجعله هاجسا و سيد التفكير فلا انت بلغت من هدفك مبلغا و لا اعددت لزواجك عدة،نعيش في ظل واقع ،سمته التخلف في اوساط الامة ازاء الاخرين ،حري بشباب الامة ان يضعوا نصب اعينهم إقامة صرح جديد لهذه الامة علميا و اقتصاديا ،عندها سيكون الزواج امرا منطقيا ينعكس تلقائيا بدل ان يفرض وجوده كعادة و تقليد، وخلاصة قولي ان لكل مرحلة في العمر متطلبات و اولويات ،لايستقيم اقبار العقل بالتفكير والهواجس ازاء الاشياء التي تحتاج الى بناء وفهم عميق اكثر منه إلى الاحلام و النوازع ،كل شيء منطقي وكل شيء يأتي في أوانه شريطة ان يجد المرء و يخلص في مسعاه واهم شيء التأني و الروية .والزواج ليس كل شيء.ياصاح فكر قبلا !