كان في بلد ما حاكمٌ ظالم لشعبه ، يسرق ثروات شعبه ، يسجن و يقتل و يبطش دون تأنيب للضمير ، التهمة لديه تكون على الظنة ، يشرك عائلته معه في الحكم لأنه يعلم أن كل شعبه يكرهه ، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي انتفض فيه شعبه وقرر مواجهته مهما كلف الأمر ، و قد شارك الجميع في هذه الثورة لأنهم ليس لديهم ما يخسروه .
انقسم هذا الشعب إلى ثلاث فئات ، الفئة الأولى من هذا الشعب تركت كل ما تملك من أُسَرٍ و أعمال و بدأت تهاجم قصر هذا الحاكم بكل قوة غير مكترثة بما سيحل عليهم ، ظلوا هكذا يواصلون هجومهم يومياً ، لكن كل يوم يمر يُقتل الكثير منهم جراء هذا الهجوم الشرس ، فقد كان جيش الحاكم من أخطر جيوش العالم و أقواهم ، حيث كان أكثر عُدّةً وعدداً .
الفئة الثانية من الشعب كانوا أقل عنفاً من الفئة الأولى ، فقد كانوا يخرجون على فترات مختلفة و على أيام مختلفة ، و كانوا أيضاً يهجمون على القصر بحذر فهم كانوا يفكرون بأمرين الأول هو مهاجمة هذا الحاكم الظالم و التغلب عليه أما الأمر الآخر هو تفكريهم بأعمالهم و بأسرهم و أهاليهم و بما سيحل عليهم إذا ما أصابهم مكروه ، ولذلك كانوا أقل خسائراً من الفئة الأولى .
نأتي للفئة الثالثة والتي تشترك مع الفئة الأولى في عدة أمور أهمها قوة هجومهم ، ويشتركون مع الفئة الثانية في تفكيرهم بأهاليهم و أعمالهم ، لكنهم كانوا في مرحلة أعلى من الوعي ، فبالرغم من وعيهم لأهمية مواجهة الحاكم ( المرحلة الأولى ) و كذلك بإدراكهم حجم الخطر المحدق بحياتهم ( المرحلة الثانية ) ، لكنهم تجاوزوهم حين ضحوا بكل ما يملكون من أجل قيم أعلى مثل الدين و الحرية .
الآن سأبين لكم بشيئ من التفصيل المراحل الثلاث والتي تشمل جميع الناس ، مرحلة الوعي الأولى هي المرحلة التي يتصف الفرد فيها بتهور غير مدرك تبعات أفعاله التي غالباً تكون مادية و دنيوية ، و يكون تفكيره منحصر على المدى القصير ، و غالب هذه الفئة من المراهقين ، أما مرحلة الوعي الثانية هي المرحلة التي يوازن فيها الفرد بين أمور دنياه كالأسرة و العمل وغيرها مع أمور أكبر قيمة كالدين و الحرية و الكرامة .
أما مرحلة الوعي الثالثة وهي أرقى المراحل و أصعبها ، يتمكن الفرد من تجاوز أمور دنياه كالأسرة و العمل و الترفع عنها و التفرغ لأمور أسمى كالدين و الحرية ، وتزداد منزلتهم حين يعلمون وقوع الموت عليهم لكنهم يواصلون دربهم ، وأذكر حادثة علي ابن أبي طالب حينما بات في فراش النبي محمد ( ص ) ، بالرغم من علمه بأمر استهدافه من الكفار لكنه فضل التضحية بحياته من أجل غاية أسمى و هي حفظ الإسلام .
عمار محمد
-
Ammarعمار محمد علي ، طالب جامعي محب للعلم
التعليقات
تفصيل المراحل عظيم ومفيد ويسير جدا.. رائع