لم تشفع فداحة المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية بأن تؤثر في سياسات حركتي “فتح” و”حماس” لصفحة خلافاتهما المزمنة نحو إنجاز المصالحة.
فقد خرج اللقاء الأخير بين الجانبين والذي جاء بعد طول انقطاع خالي الوفاض من خطة وطنية لمواجهة التحديات باستثناء مشهد المصافحة المتكرر في الحوارات الممتدة من عمر الانقسام القائم منذ العام 2007.
وبالنسبة لمسؤولين فلسطينيين؛ فإن الخلاف بين طرفي النزاع يتجاوز إشكالية اقتسام السلطة حد البرنامج السياسي؛ بما لا يعول كثيرا على الاجتماع الذي عقد بين أمين سر حركة “فتح” اللواء جبريل الرجوب ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” صالح العاروري، مؤخرا، حيث “لن يكون مقدمة لخطوة أخرى جدية نحو تحقيق المصالحة.
وقد غابت الخطة الوطنية الموحدة لكيفية مواجهة مخطط الضم الإسرائيلي لأكثر من 30 % من مساحة الضفة الغربية المحتلة عن آلية تحرك “فتح” و”حماس”، وبالتالي عن اللقاء الثنائي الأخير، بما يجعله “مجرد علاقات عامة ومحاولة لامتصاص الغضب الشعبي ضد استمرار الانقسام.
فعندما تم احلال جبريل الرجوب بدلا من "الاحمد" لكن ذلك لم يُبشر بالضرورة بدوران عجلة إتمام المصالحة، بالرغم من مؤشره الإيجابي في حال دعمه بخطوات فعلية.
يأتي ذلك على وقع جهود مصرية وروسية حثيثة حالية لإنهاء الانقسام الفلسطيني، غير أن توجه حماس صوب تركيا وايران لم يساعد على ذلك، كذلك صوت التراشق الإعلامي بين حركتي “فتح” و”حماس” لتبادل اتهامات مسؤولية فشل إتمام المصالحة، يببقى سيد الموقف الحاضر على خط رام الله – قطاع غزة المحاصر إسرائيليا.
وتتصدر قضايا سلاح المقاومة والبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية أبرز الملفات العالقة بين حركتي “فتح” و”حماس” من أجل إنجاز المصالحة.
وبحسب رأي مصدر قيادي في حركة “فتح” ، فإن إنهاء ما وصفه “بالانقلاب” الحمساوي في قطاع غزة يعد الخطوة الأولى على طريق إنجاز المصالحة”، في إشارة منه إلى مجريات الأحداث التي وقعت العام 2007 في غزة.
ولعل ذلك يكشف عن عمق الفجوة الفكرية والسياسية القائمة بين طرفي النزاع؛ فإن المصالحة لا يمكن أن تتحقق في ظل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الحالية، إزاء انغماسها في مسار مختلف جذريا عن مسارات الفصائل الأخرى مثل “حماس” والجهاد الإسلامي.
كذلك تحدث مقربون من جبريل الرجوب ، مسؤول رفيع المستوى في فتح مسؤول عن محادثات المصالحة مع حماس ، عن أجواء متوترة. يزعمون أن الرجوب شعر بالإهانة الشخصية عندما أوقف إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس؛ محادثات المصالحة. وبحسب مقربين من الرجوب ، أدى سلوك حماس في المحادثات إلى أزمة بين الفصائل الفلسطينية، خاصة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الشعبية من أجل الديمقراطية ، الذين يزعمون الآن أنهم تعرضوا للخداع ويطالبون بتغيير الاتفاقية الموقعة في اسطنبول. بطبيعة الحال ، فإن الرجوب وقيادة السلطة الفلسطينية غاضبون ويطالبون بالمشاركة المصرية في المحادثات، بعدما رأوا من المحاباة التي توليها تركيا نحو حماس وتدفع بالمصالحة نحو ما يدعم حركة حماس دون فتح، عكس الدولة المصرية التي عادة ما تقف على بُعد خطوة واحدة من جميع الأطراف.