العنف ضد المرأة.. رجولة أم جريمة؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

العنف ضد المرأة.. رجولة أم جريمة؟

  نشر في 25 فبراير 2022  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

- ضلع المجتمع .. انكسر!

الأم.. الأخت.. الصديقة.. الزوجة والابنة

المرأة التي هي أساس المجتمعات ومن رحمها تخرج الشعوب، كرمتها الأديان السماوية وحثت على الرفق بها والمعاملة الحسنة لها، تواضعت هي في كرمها الأبدي، ولكنها أصبحت الضحية والسبيل الأول في تفريغ طاقة الغضب والعنف والكراهية!، وبعد أن إتخذت قرارها الأصعب في تكوين أسرة وبيت هادئ وشريك حياة يتمثل به السند والحصن الحصين لها من كل ضربات الزمن العنيفة القاسية، أصبح هو أول صفعات القدر لها!، الضربة التي لا خلاص منها ومن أثرها على مر السنين؛ لتخرج إلى الحياة بإعتذار رسمي لها عن قراراها التي حسبت به أن تكون ملكة مُتوجة لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها أو الفتك ببراءة أنوثتها في وجوده، ولكن هل يُجدي الندم بعد فوات الأوان؟!، فما وراء الكواليس الكثير من المُعاناة التي يصعب على المرأة الضعيفة بفطرتها أن تتحملها وحدها!

- "جوازة ولا جنازة؟!".. حينما يتبدل "الفستان الأبيض" إلى "كفن الموت"!

الحب أمام "العقد النفسية".. من ينتصر؟

حُلم الفتاة الأهم مذ أن خرجت من رحم التكوين إلى ضياء الحياة هو "الزواج"، أن تعثر على فتى الأحلام صاحب العضلات المفتولة والعيون المُلونة، الفارس الشجاع الذي يحتمل السقيع القاتل من أجل أن يتغنى أسفل شُرفتها بأعذب ألحان الحب والهيام، وتتنسم هي العشق وكأنها تُولد معه من جديد؛ ليتمكن منها الحب ويحكم سيطرته على قلبها؛ وحينها لا مفر من الوقوع في شِباك الزواج وتوديع حياة العزوبية، يصبح أملها الوحيد هو أن تُشارك الحياة مع حبيبها وإن كلفها الأمر أن تُقاتل العالم بأسره من أجل نظرة واحدة منه، يكفيها أن تظل برفقة من أذاب القلب عشقًا حتى تذوب هي تحت الثرى، وهُنا تبدأ في حزم أمتعتها وأحلامها ونبضات قلبها لتنطلق معه في رحلة الحب الساحرة، وأما عن ما ينتظرها بعد ذلك فهي الصدمة الكبرى والمأساة التي لن تُداويها نشوة الحب أو يُرممها الكلام المعسول!

تخرج الفتاة من "بيت أبوها" حاملة أحلام الأمومة والأسرة السعيدة والزوج المثالي، حتى تدخل في كنف زوجها وتحمل اسمه وشرفه ومسؤولية كيانه، تجد بعض الصعوبات في بداية الأمر؛ فبعد أن كانت مُدللة لا تضطرب لأمر سوى خدشًا أصاب يدها وشوه جمالها وإن لم تكن تراه حتى، لتجد أن الحياة تزداد تحديات ومواجهات و.. صراعات دامية!، ومن هُنا تبدأ الحكاية.

- "حد يلحقني بسرعة".. طلب النجدة من زوجة تحتضر والقاتل ..؟

"فيس بوك".. محكمة أسرة تكنولوجيةوالحكم بعد "الشير"

في الفترة القليلة الماضية زادت عمليات التعذيب والعنف الأسري التي تقع المرأة ذبيحة لها، وبدلًا من أن تُشارك أسباب نجاح زواجها لتُلهم الأخريات، أو توجه الأمهات لأهم نصائح تربيتها السليمة لأطفالها، أو حتى لتتباهى بوسامة زوجها وتستغنى عن حرارة الغيرة الساحقة، أخذت تُشارك خيبة أملها في من اعتبرته أمام البشرية "راجلها وضهرها"، أصبحت منصات التواصل الإجتماعي "الكتالوج" الأمثل لكل أشكال الضرب والإهانة والذل الذي تتعرض له المرأة في يومنا هذا، لتتفق "الجروبات النسائية" يوميًا على مئات المشكلات ذات مضمون واحد: "جوزي ضربني.. أعمل إيه؟"، وفي المقابل تخرج السيدات لمؤازرتها في مصيبتها ونصحها أن تترك له بيت الزوجية وتفر إلى بيت أهلها قبل أن تخرج منه جثة هامدة؛ فالبداية لا تُبشر بالخير ولا تدل على إتزان نفسي للزوج؛ وهو الأمر الكفيل بأن يجعل الحياة الزوجية تتحول إلى "جهنم" بين ليلة وضحاها!، لتتلاحق النصائح التي تتضامن معها وتؤكد دعمها الكامل لها، حتى أن غالبية التعليقات تؤكد أن ما خفي كان أعظم!، لتقول إحداهن: "أنا كمان حصلي كده إنتي مش لوحدك، لازم توقفيه عند حده"، والأخرى: "دخلت مرة المستشفى وخيطت راسي من كتر ما الضربة كانت شديدة، قال رجالة قال!".

المؤسف أن تتحول بيوتنا إلى "ساحة قتال"؛ والسبب هو زوج استحل دماء زوجته وأصبحت أمامه بمثابة جسد بلا روح يسمح له بأن يُفرغ ما في صدره من غل وحنق به بلا رأفة أو عطف، يتغافل عن معنى المودة والرحمة الذي نادى به ديننا الإسلامي حتى قيام الساعة ويُمارس ما أسماه "رجولته" عليها والحق أنه لا يُنسب إليها من قريب أو بعيد!

حالة أخرى أثارت الجدل لما سردته من تفاصيل تشيب لها العقول!، حيث خرجت إحدى المؤثرات في مجال التجميل لتصرخ وتروي قصتها بألم وحسرة، وبعد أن تمايلت بجمالها وملامحها المصرية الأصيلة، أصبح الحزن هو "مكياجها" لتخفي به جروحها الغائرة!، أكدت أنها واجهت الأمر ذاته على يد زوجها ولم تجد سوى أن توثق "فيديو" يثبت حقها إن لم يُصدق أحد على روايتها، وهو المُنتظر من المُحيطين بها إن كانوا أهلها أو أهل زوجها، وأخرى صورت مقطعًا -من قلب الحدث- وهي تختبئ بغرفتها وتحاول ردع الزوج الذي يحاول بكل جهده تهشيم الباب والدخول للامساك بها ليتنسى له أن يُكمل انقضاضه عليها كما لو كانت فريسته المُغرية!، وكأن الحياة تبدلت لتصبح غابة بشرية يتسابق فيها الرجال على نهش لحم النساء والقضاء عليهن!، وبعد قصص الحب المُشتعلة بكلمات الشوق والحنان، أصبحت العِشرة مستحيلة بينهما!، أصبح الجرح النفسي الناتج عن الألم الجسدي هو نهاية كل قلب أراد حياة هادئة وأسرة سوية، حتى أن بعضهن تخرج من تجربة الزواج بالرفض القاطع للدخول في تجربة جديدة، لتكتب نهاية لقلبها الذي لم يطمح إلا في زوج يحنو عليها ويحتوي ضعفها.

- سعادة مُلطخة بالدماء!

دموع الألم بدلًا من دموع الفرحة!.. زفاف يتحول إلى "حلبة مصارعة"!

وفي حادثة أخيرة شهدتها مصر وتحديدًا في محافظة الإسماعيلية، وفي يوم نعتبره "ليلة العُمر"، استقبل العريس عروسه بالسحل والضرب بدلًا من أن يستقبلها بنظرات المحبة ويلتقطها بين ذراعيه بلهفة المشتاق!، تصاعدت صرخات العروس وتفاقمت الأزمة في وجود أسرته التي تفننت في ما بدأه العريس، ليصبح "فستان الزفاف" شاهدًا على مأساة صاحبته في أول يوم وقبل أن يسترهم عش الزوجية عن عيون الناس!، والغريب أن بعد كل المشاهد المرعبة التي شاهدناها وأدمت قلوبنا على حال العروس المُزرية، إلا أنها استكملت اليوم وختمته برقصات الفرح والسعادة مع عريسها الذي عانقت الضحكة وجهه حتى الصباح!، ليؤكدان أن قصة حبهما استمرت 13 عامًا وأن الأمر طبيعيًا ويحدث كثيرًا في بيئتهم ولكن أهل المدينة قد وجدوا صدمتهم فيه لأنهم لم يعتادوا عليه، يقصد بذلك أن ضرب الأنثى مُباح ولكن "أهل البندر" على حد وصفه لا يسمحوا به وهو على النقيض في محيطهم وثقافتهم!

ولكن

أي دين يسمح بذلك؟

هل خرج إلينا دين جديد على يد هؤلاء "أشباه الرجال"؟

هل أصبح ضرب المرأة بهذا الشكل غير الآدمي عادة لا اختلاف عليها؟

هل أصبحت المرأة مخلوقًا يُدهس تحت قوة الرجل وإن كان زوجها؟

هل تستحق المرأة هذا؟

وهل تعتبر ردها "هرب" من نظرات المجتمع لها إن انفصلت وهي لا تزال في شهر العسل؟

وهل يمكن أن يكون صمتها سببه الأول خوف من شكلها الإجتماعي خاصةً وسط ثقافتها الصارمة؟

وأما عن السؤال الأهم: هل هي قصة مُفتعلة وسيناريو مُخطط للشهرة وجني الأرباح من وراء "التريند"؟، هل وقعت كرامة المرأة اليوم في فخ "المادة"؟

وفي النهاية..

العنف ضد المرأة غير مسموح، في كل بقاع الأرض، في كل زمان، المرأة التي خلقها الله لك هدية عظيمة القيمة لا تكن أنت من ينتزع منها أنوثتها فتُسلب منك إنسانيتك قبل أي شيء، وقبل أن يتلاعب بك شيطانك تذكر أنك دونها دون!، أنت دون زوجتك لا مأوى لك، مشاعرك ضائعة وقلبك مهموم، ودون الأم أنت لن تخرج للحياة مُطمئنًا، دعاء ورحمة وجنة تنتظرك إن أحسنت معاملتها، وأنت دون الأخت وحيد لا تعي معنى الونس والرحمة، ودون الابنة ينقطع ذكرك واسمك من الأرض وكأنك لم تكن!، كن مع المرأة إنسان؛ تكن لك الحياة.


  • 1

   نشر في 25 فبراير 2022  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا