"الرمى" بأزقور.. موسم لزرع الابتسامة وخلق جو من الترفيه
نشر في 26 مارس 2019 وآخر تعديل بتاريخ 24 مارس 2023 .
بعضهم يرتدي ملابس تنكرية بالية ويضعون على وجوههم الأقنعة وبعضهم الآخر يرتدي لحى مستعارة، في حين يُوجد منهم من يفضل الظهور بأزياء عسكرية، ليقدموا أنشطة فنية ترفيهية لها صلة بثقافة أجدادهم، في موسم "الرمى"، الذي اختتمت فعالياته مساء الثلاثاء الماضي بدوار أزقور (حوالي 70 كلم من مدينة تنغير) جنوب شرق المغرب.
"أكدود ن الرمى" كما يطلق عليه محليا، هو "تظاهرة فنية شعبية يتم الاحتفال بها منذ أزيد من قرنين من الزمن، حيث يستعرض من خلالها ما يقارب 150 مشاركا هذا الموسم مختلف الأنشطة الفنية الثقافية في ساحة دوار أزقور"، حسب ما صرح به محمد ألحبيب، أحد المشرفين على الموسم.
وعن سر تسمية الموسم "بالرمى"، يقول ألحبيب، "إنه يستمد دلالته من لعبة الرماية التي يرتدي من خلالها بعض "الرماة" من مختلف الأعمار جلابيب تقليدية بيضاء "محزومة" من الوسط، ويحملون عصيا أو بنادق تقليدية، ويقومون بحركات رياضية استعراضية متناسقة على شكل دائري ويصدرون الأصوات نفسها تبعا لتعليمات قائدهم، في حين يرتدي آخرون أزياء عسكرية ويحملون مسدسات بلاستيكية لأداء أدوار تنظيمية".
ويضيف ألحبيب (73 عاما) "أن هذه التظاهرة الفنية تهدف بشكل عام إلى خلق جو من الترفيه في الدوار كموروث ثقافي وحضاري يتم نقله من الأجداد للأحفاد"، مشيرا إلى أن هذا الموروث "كاد أن يندثر في السنوات الأخيرة بسبب دعوات بعض الشباب لمقاطعته بمبرر عدم موافقة بعض الأنشطة التي تقدم خلاله للشريعة الإسلامية، غير أنه كلما استشرنا الفقهاء، يؤكدون أنه ليس هناك مبرر حقيقي لتحريمه".
ويتوفر منظمو الموسم على كتاب قديم مكتوب بخط اليد يوثق تاريخ هذه التظاهرة الفنية العريقة، ويحمل دلالاتها وأسرارها، غير أن فهم محتواه يظل أمرا عسيرا، بسبب الخط الذي كتب به، يقول بعض المشرفين عليه، "إن فهم مغزاه وما يتضمنه من معلومات لن يستوعبها إلا كاتبها، أو من له لديه دراية بهذا الخط".
أوحدو محمد، طالب باحث في الانتربولوجيا الثقافية، وأحد أبناء المنطقة الذين دأبوا على زيارة الموسم، عَبَّرَ عن انبهاره من المشاهد الفنية الشعبية التي تم استعراضها خلال هذه السنة، وقال في تصريح صحافي إن "موسم الرمى يندرج ضمن الثقافة الشعبية المحلية التي ينبغي تطويرها والحفاظ عليها".
ويزداد إقبال الزوار المحليين على موسم "الرمى" الترفيهي سنة بعد أخرى، ورغم أنه لا يحظى بمتابعة إعلامية كبيرة، إذ يحرص المشرفون على تنظيمه على الارتقاء به، لأنه يشكل بالنسبة إليهم "أرثا ثقافيا شعبيا خلفه أجدادهم"، حيث يقام الموسم على مدار ثلاثة أيام كل سنة بعد عيد الأضحى.
-
محمد لهميشحلم. صدق. تجرأ. فعل