المواطن والأحلام
من حق المواطن أن يحلم بما يشاء وقتما يشاء يسبح في ذلك العالم ويتنقل بين محطاته التي يصنعها ويكتب أحداثها وقت يقظته وقبل منامه ، لكل زمنِ حلم يتناسب معه ولكل عقلِ طريقته في برمجة الأحلام ومحاولة تطبيقها على أرض الواقع ، أكثرُ شيء يشغل بال البُسطاء هو المستقبل الذي ينتظرهم وينتظر أبناءهم المستقبل بتفاصيلة الدقيقة فالبسطاء يكدحون من أجل حياةِ أفضل والمستقبل يُصدق ذلك الحلم أو يُكذبة .
البسطاء لا يشتغلون بما لا يرونه مفيدا لهم في حاضرهم ومستقبلهم يتركون كل شيء لا ينتمي لأحلامهم ويتنحون جانباً إذا شعروا أن أحلامهم ستبقى معلقةُ في الهواء والتنحي هنا ليس إستسلاماً أو يائساً بل صبراً فالفرج يخرج من رحم المعاناة لكنه لا يخرج إلا مُتأخراً ، البُسطاء يشكلون النسبة الأكبر ويمثلون قاعدة الإنتاج والإبداع التي لولاهم ما كانت لتكون ، يحلم البسطاء بمسكنِ لائق وبتعليمِ لايقل تطوراً عن تعليم أبناء الطبقة المُخملية ، يحلمون بخدماتِ صحية لا خطاء فيها ولا إستجداء ويحلمون بوظائفِ تتناسب مرتباتها مع حجم متطلباتهم التي لا تتجاوز توفير لقمة العيش ، البُسطاء مؤمنون بالقدر خيره وشره ومؤمنون بأن ما ليس للإنسان إلا ما سعى وهذه سذاجة توارثها البسطاء وورثوها بعدما تلقوها من وعاظ ودعاة مهمتهم المدفوعة الثمن تتخلص في تخدير المجتمعاتِ بخطابِ وعظي يُركز على الأنثى والدار الأخرة ويتجاهل الحياة الدنيا وصراع الطبقات من أجل البقاء ، البسطاء فئتين فئة يُطلق عليها في علم الاجتماع الطبقة المتوسطة وفئة يطلق عليها الطبقة الفقيرة أو ما دون المتوسطة ، فئتين أو طبقتين يجمعهما الكثير ويفرقهما ويميزهما القليل اليسير الذي لا يكاد يكتشفه أحد ، على أكتاف تلك الفئة من الناس يتسلق البعض وعلى أحلامها يرقص آخرون وعلى مستقبل أبناءها يساوم بعض من باع الأمانة في سوق المصالح ، تلك الفئة لا يسمع صوتها أحد فالجميع يعلم بوجودها لكنه لا يسمعها ليس لأن الصمم أصاب الأذان بل لأنها فئة لا تستحق إلا الفُتات وهذا قانون العرب الذي لم ولن يتغير طالما بقيت عقدة المصالح والمحسوبيات والإستئثار بالمال والسُلطة ، ولأن تلك الطبقة تحلم وتحلم وتحلم فإن هناك من يحسدها على ذلك الحق ويحاول بشتى السُبل منعها منه تارة بالترهيب الوعظي وتارة بعصى التخوين "تُهمة خيانة الأوطان " فلماذا يستكثرون عليها الحلم الذي لا يراه إلا صاحبه في منامه لا في يقظته ؟
@Riyadzahriny
-
..مدون وكاتب