من المعروف و المذكور بأن الإنسان يعبر عن ما هو مكنون في داخله بوسائل شتى و مآتي مختلفة كلٌ حسب ما رزقه الله من مواهب استطاع صقلها و استثمارها و توظيفها للتعبير عن المشاعر التي يحس بها و الظروف التي يمر فيها ، فالكاتب مثلاً يستطيع نثر حروفه و تشكيلها حسبما يريد لتترجم المعاني و المقاصد إلى كلماتٍ تُرى و تُقرأ و جُملٍ تُفهم .
لقد تطورت الكتابة و أساليبها منذ النشأة و التكوين حتى يومنا هذا بدءًا من الكتابة الهيروغليفية و المسمارية و انتهاءً بعصر الكتابة الإلكترونية ، فقد مرت الكتابة بمخاضاتٍ عسيرة ذاق فيها الكُّتاب الويل و ضاقوا ذرعا للمحافظة على هذا الفن و توصيل أفكارهم للقراء و مع مرور الزمن تطورت العلوم الطبيعية و الإنسانية و تبدلت الأحوال فتطورت معها الكتابة لتصل إلى ما نحن عليه الآن .
ما أود الحديث عنه في هذا المقال هو عن ازياد عدد الكُّتاب و إصداراتهم مما دعا إلى انتشار دور النشر و ارتفاع أسهم أصحابها مقارنة بالتجار الآخرين في السوق، و قد يرى البعض في ذلك مؤشراً جيداً إذا ما نظرنا للأمر من ناحية الأرقام و الإحصائيات المتعلقة بها، أما إذا ما أتينا للواقع و ما تحتويه نسبة كبير من هذه الإصدارات و الكتب فنصعق بكمية الكلمات التي لا معاني لها و كمية الأفكار السطحية و الضحلة التي يتبجح بها أصحابها و الطامة الكبرى هي أنها تلقى رواجاً كبيراً على حساب الكتب و الإصدارات التي من المفترض أن تتصدر المشهد الروائي أو الشعري و النثري .
إذا ما جئنا لتحليل هذا الواقع المرير فنحن أمام كُّتابٍ لا يقرأون و هذا هو السبب الرئيسي للأفكار السطحية و المفردات الباهتة المستخدمة في هذه الكتب مع القليل من الهالة الإعلامية المسلطة عليهم ، و أمام جمهور همه التقاط الصور مع الكتب و ما جاورها من قهوة أو حديقة و هذا الجمهور يعد متصفحاً و ليس قارئاً و شتان بين المتصفح و القارئ ، و أمام دورٍ للنشر همها الربح المادي دون النظر إلى الرسالة السامية التي من المفترض أن تتبناها و تحملها على عاتقها هذه الدور و المكتبات ، فالكم لديهم يطغى ميزانه على الكيف و إن كان على حساب المجتمعات و قيمها و الأفراد و احترام عقولهم .
و أخيراً أقول كما قال صديقنا الدكتور علي الوردي رحمه الله ساخطاً و متهكماً : "يا ويل القراء من أولئك الكُّتاب الذين لا يقرأون " .
-
إبراهيم بن حاتمإماراتي الأصل رافديني الهوى عاشق على ذمة بغداد
التعليقات
فلا احد يفرض على القارئ قرأتها، فالأمر اوله واخره يعود للقارئ .