لماذا يجب على مدارس المراهقين بدأ الدوام متأخراً؟
خليط من محاضرات تيد ومن مقالات أجنبية من صحف مختلفة .
نشر في 12 شتنبر 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
رغم ترجمتي المتواصلة للعديد من المقالات حول مواضيع مختلفة ، إلا أنني في هذه الفترة وأنا أغوص في عالم النوم أضرار وفوائد وغير ذلك الكثير لا أعلم ما الدافع الذي جعلني اتوسع أكثر في لُب الموضوع ، كتابتي لهذا الموضوع أعي أنه لن يغير شيئاً في واقعنا العربي فالمدارس الإعدادية والثانوية ستظل في نفس نهجها التي اعتادت عليه كما تعلمون ، ربما من يستفيد من مقالي هو ذاك المراهق الذي يسهر ساعات طويلة ثم يستيقظ في السادسة لأجل دوامه ، فيسارع إلى تعديل نومه فور معرفته الأضرار، فوجود فائدة واحدة كهذه يكفي لكتابة هذا المقال ..
عنوان المقال اقتبسته من إحدى محاضرات تيد (هذا العالم الجميل والممتع الذي أصبح عالمي المفضل )
ويندي تروكسيل بوصفها لنفسها عالمة نوم تقول أن المراهقين لا يحصلون على وقت نوم كافٍ وإن بحثنا عن السبب هذا لا يعزى كونهم يقضون وقت طويل في تطبيقات مختلفة كالسناب شات ، وليس نتاج الحياة الاجتماعية ،او هرمونات .. لماذا إذاً؟
ما الدافع وراء بحوثات ويندي؟؟
تقول أن دقات الساعة تشير إلى السادسة ، الوقت مظلم وإبنها ذو الاربعة عشر ربيعاً غارقاً في نومه العميق ،الجو هادئ ومريح لنوم أي طفل في عمره ، لكنها قامت بعمل عدواني أمام طفلها (شبهته بخلع السن) لذا كان عليها القيام بالأمر سريعاً حتى لا يزداد الألم ، أشغلت المصباح وحركت طفلها بسرعة حتى يستيقظ!
هذه هي طريقتها أما صديقتها فتصرخ "الناااار" ، وأخرى تصب الماء البارد ..
فهذا الأمر كما تقول قاسياً جدا يستحق أن ننظر فيه ، لكن نراه مألوف ،لذا لا نرى مدى قسوة الأمر ، وهذا كان سبب بحثها حول النوم ..
ولماذا المراهقون بالتحديد هم الفئة المستحقة لتأخر نومهم؟
تبدأ ويندي في شرح هذا فالمراهق خلال هذه الساعات من النوم يستفيد الكثير نظراً لنموه المتسارع ، إيقاظه قبل موعد دق جرس ساعته البيولوجية قد يضره ، كما تصف أن هذا أصبح وباء متفشي فواحد من عشرة يحصلون على نوم 8ساعات من 10ساعات يومياً .. وحصولهم على 8ساعات هذا تماماً لا يكفي كونه الحد الأقصى ،يبدو كحصولك على درجة تحصيل متوسطة.
هذا ما يضع المراهقين في معركة خاسرة منذ البداية ضد أجسادهم ، فالمراهق يعاني من تأخر في ساعته البيولوجية مما يحدد متى نشعر أننا في قمة النشاط أو الخمول ، وهذا ناتج عن تغيّر في إطلاق هرمون الميلاتونين ، فيبدأ إطلاقه في أجسادهم الحادية عشر ليلاً ، أي بعد ساعتين من توقيت إطلاقه لدى الأطفال والأشخاص فيما فوق مرحلة المراهقة ..
هذا يعني إيقاظ شخص مراهق خلال السادسة صباحاً كإيقاظه في الرابعة فجراً ..
تعلمون أن الاستيقاظ في الرابعة يجعلك تعيش يومك بلا جدوى وكما وصفت نفسها ميته لكن حية ،لا تملك تفكير سليم ،مزاجها عصبي، ولا ينبغي لها قيادة السيارة .. لذا فسلوكيات المراهقين السيئة قد تعود إلى حرمان من النوم ، ومن هنا نعلم أن لدينا فئة كاملة من المراهقين مرهقة لكنها مواصلة .
ما الفائدة والأضرار الناتجة عن النوم هذه الفترة ؟؟
بينت دراسات أن النوم خمس ساعات كل ليلة أو أقل كالقيادة بمعدل كحول في الدم أعلى من الحد القانوني ، وهبوط مستوى الانتباه والتركيز ، ويظهر على العديد منهم علامات سلوكية مشابهة لإظطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط ، وهذا يتخطى حدود الفصل للأسف إلى أن يظهر عليهم مشكلات نفسية "اكتئاب ،تعاطي ممنوعات ، وقد يسبب الانتحار .."وبين الباحثون في هذا المجال أن المناطق التي يتأخر فيها موعد بدء الدوام ، أصبحوا أكثر استعداداً للدوام ، وتراجع الغياب بنسبة 25%، وهذا ليس مفاجئ فقد تحسن تحصيلهم الدراسي، ووجد إرتفاع في درجات الرياضيات والقراءة بنسبة اثنين إلى ثلاثة ، إضافة إلى تحسن ملحوظ في صحتهم النفسية والجسدية ، وفي نهاية حديثها أوضحت أنه يجب ألا تبدأ المدارس الإعدادية والثانوية قبل 8:30..
قد يتسائل أحدنا تأخير الدوام يعني سهر أكثر للمراهقين!
كلا ، فكما قالت ويندي مواعيد نومهم أن تتغير ، فقط ما يتغير هو حصولهم على قسط إضافي من النوم قبل موعد الدوام ..
"تفكروا كم كان ليكون هدية رائعة لأبنائنا لو كان بمقدورهم الاستيقاظ بشكل طبيعي في تناغم مع ساعتهم البيولوجية .. أحلام سعيدة " ويندي تروكسيل
ومن خلال مشاهدتي لمحاضرة ويندي تروكسيل ومحاضرة أخرى في تيد لأرينا هوفينجتون رغم عدد الدقائق القليلة التي تحدثت فيها إلا أنها كانت تحوي فائدة عظيمة ،فتتحدث فيها حول أن النوم وسيلة للنجاح ، وسيلة للإنتاجية المُثلى ، واتخاذ القرارات الأمثل ، فأرينا تعتبر أن النوم وخصوصاً النوم ليلاً يخلق نجاحات لا حصر لها .
كما يقول عالم الإقتصاد تيني شابيرو في جامعة سانتا كلارا " مقارنة بإستراتيجيات أخرى لزياد تحسين الأداء ، تأخير الدوام المدرسي أسهل وأكثر كفاءة" وقد قدر شابيرو منفعة ساعة واحدة كخفض معدل التلاميذ في الفصول بالثلث ، أو تعويض أستاذ متوسط بآخر ممتاز..
وفي مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز ذُكر فيه أنه عقد مؤتمر حول النوم لدى المراهقين وأوقات بدأ الدوام ، أُعطيت فيه كلمة رئيسية موجزة حيث قدم العديد من الخبراء حججاً مقنعة تدعم أنه يجب بدأ الدوام في المدارس الإعدادية الثانوية في 8:30 أو ما بعد ذلك على النحو الموصى به من قبل الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال ، والأكاديمية الأمريكية لطب النوم .
وذكرت أيضاً الأكاديمية الأمريكية لطب النوم أن المراهقون خلال هذه الفتره13 -18 عاماً ، إذا لم يحصلوا على قدر كافي من النوم 8-10ساعات سيتعرضون إلى مخاطر زيادة الوزن ، والدخول في حالات اكتئاب ، كما أنهم لا يدخلون في أنشطة الفيزياء ،تحصيلهم متدين في المدرسة .
وقالت ويندي تروكسيل (عالمة النفس السريري، والسلوكي والاجتماعي) كما ذكرت نيويورك تايمز في إحدى المقالات "أن مشاكل فقدان النوم مرتبطة مرتبطة بمناطق الدماغ التي تتحكم بالعمليات العاطفية و المخاطرة ، ومشاكل النوم والصحة السلوكية والعقلية مرتبطة "
وذكر الدكتور دانيال بيسي، أستاذ طب النوم في جامعة بيتسبرغ ومؤلف مقال حول صحة النوم ، إن هناك محرك للنوم يتراكم حسب المدة التي تكون مستيقظاً فيها ،ثم يتبدد أثناء نومك ، وقال إن المراهقين البناء لديهم يستغرق لحظات أطول مما كانت عليه أثناء الطفولة وأضاف أنهم لا يصلون إلى هذا المستوى الحرج من النعاس حتى في وقت لاحق من الليل .
وقال الدكتور تشارلز. أ. تشيزلر ،أستاذ طب النوم في جامعة هارفارد "النوم أمر بالغ الأهمية فهو يحافظ على مستوى التركيز واليقظة ،لإصلاح خلايا الدماغ والحفاظ عليها ، من أجل التخلص من الأيضات السامة "
وذكرت الدكتورة ماري كارسكادون،أستاذة الطب النفسي والسلوك البشري في كلية ألبرت الطبية في جامعة براون عن تنوع التغييرات التنموية التي تحدث في مرحلة المراهقة من تغير في الدماغ إلى أنماط مختلفة في عملية التمثيل الغذائي ، وعندما يستيقظون يصلون إلى المدرسة ووظائفهم الدماغية ليست في أفضل حالاتها .
كما تقول ايمي ر. ووفلسون أستاذة علم النفس في جامعة لويولا في ماريلاند محررة إحدى الكتب ، أن طلاب المدارس الثانوية يميلون إلى أداء أفضل في الدورات التي تجتمع في وقت آخر من اليوم ، أدائهم أفضل خلال الاختبارات المعرفية في فترات دوام ما بعد الظهر .
كل ما ذكر كان صحيحاً ، فهذه تجربة شخصية لي بعد كل ما ذكرته ، لاحظت أن في بعض فترات الاختبارات التحصيلية ، أبذل جهد إضافي حتى أكمل المحتوى المحدد للإختبار، وهذا يعني سهر إضافي بشرب القهوة او الشاي حتى استطيع ذلك !( هذا وأنا مستيقظة فيما قبل السادسة صباحاً) حينما يأتي صباح اليوم التالي (يوم الإختبار) أحاول أن أبذل قصار جهدي كي أركز على الأسئلة الصعبة فأتمكن منها ، وفي الجانب الآخر أقع في فخ تلك الأسئلة البسيطة كوني أفقد تركيزي عليها ، هذا إلى جانب العديد من المرات التي لا أركز على إشارة السالب بجانب المسألة ، أو كلمة نفي توضع في الصح والخطأ ، ليس هذا فحسب بل وصل بي الحال ذات يوم أن قرأت المسألة بشكل خاطئ لو لم تأتي المعلمة قبل نهاية الإختبار لتقرأ ما إن أحدنا لم تستوعب شئ ما ، حينها لاحظت أنني قرأت السؤال والمسألة بشكل خاطئ لم أرى السالب ، الاثنين خُيل لي أنه ثلاثه وغير ذل في الحقيقة لست أنا وحدي من أعاني من هذه المشكلة بل اغلب زميلاتي في الفصل هذا وأنا تحصيلي ليس متدني ، وبعض من الواتي يتمكن من حل هذه الأسئلة البسيطة قد حضين تلك الليلة بنومة هانية أي منذ التاسعة مساءً..
ولا أنسى ذكر زميلتي تلك التي تعيش اغلب الأوقات وهي تغلق عينيها ثم تفتحهم أو تتظاهر بالمرض حينما يثقل النوم عينيها فتتوسد المنضدة وتضع رأسها عليها للأسف، كونها تعاني أسوأ مني في تأخر مجيئ النوم ليلاً إليها وما إن تبدأ تنام القليل حتى تستيقظ!
ومن كل ما ذكرته قد يتبين لك أيها القارئ أن النوم مهم جداً خلال هذه الفترة ، لكن للأسف حكوماتنا تغوص في عالم السياسة وتناست هذا الجانب المهم ، كون المراهقون هم شباب الغد ، والعمود الفقري للدولة ، لذا من المهم أن يكون هناك بحوث ودراسات حول هذا الموضوع في واقعنا العربي ، تماماً كما هو الحال في العالم الغربي لكن لا حياة لمن تنادي..
المصادر : 1http://www.latimes.com/opinion/op-ed/la-oe-lewis-school-too-early-20160918-snap-story,amp.html
http://amp.timeinc.net/time/4741147/school-start-time/?source=dam
https://www.cdc.gov/features/school-start-times/index.html
-
يسرى الصبيحيياريتَّا.
التعليقات
فليس معنى نشر مقال مترجم أن يكون كل مافيه أمور مسلم بها فهناك الكثير من العلماء المتخصصين فى علوم التربية والسلوك من أثبتوا أن الخير فى البكور ( الاستيقاظ مبكرا) وليس كما ذكر فى مقالك " ان الاستيقاظ فى الرابعة يجعلك تعيش يومك بلا جدوى"!!
وكنت أنتظر رأيك الذى شعرته فى مقال" هل انت انسان" بانه يجب ان نعود ابناءنا على ضبط ايقاع حياتهم مع ساعتهم البيولوجية بان يناموا مبكرا ليحصلوا على الثمانى ساعات المطلوبة وليس أن نؤخر الموعد صباحا لكى يسهر براحته على الشات حتى الساعات الاولى من الصباح..واشياء اخرى ولكن اكتفى بذلك . هذا رأييى تمنياتى بالتوفيق .
و أضيف على فوائد تأخير اليوم الدراسي للمراهقين إنه هيساعد في تقليل الإزدحام المروري الصباحي لأن للاسف الموظفين و الطلبه ينتشروا في الشوارع في وقت واحد لكن إذا أخرنا اليوم الدراسي ساعة بعد مواعيد بداية العمل هيكون أفضل .
بالتوفيق .