رينيه ديكارت واحد وعشرون قاعدة لتوجيه الفكر
محطات فيلسوف
نشر في 15 يونيو 2020 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
قبل التطرقِ إلى فلسفة ديكارت ، لابد لنا من الإشارةِ إلى موجزٍ بسيط عن حياته.
هو مواطنٌ فرنسي، ولد من مدينة لاهي الفرنسية عام 1596 لعائلة تمتهن العمل السياسي فقد كان والده مستشاراً في البرلمان بينما كانت والدته ابنه الحاكم العام في بواتييه . درس الحقوق في باريس وتخرج منها ثم انضم إلى الجيش في هولندا و الدنمارك . وفي عامه ال 23 قرر أن يقضي فترة عزلةٍ قصيرة بعيداً عن أجواء الحروب والأزمات الإجتماعية التي تخلفها الحروب وجبهات القتال التي شهدها ليقوم بصياغة رسالته التي أطلق عليها "أولمبيكا" .
أمضى ديكارت جلَ حياته متنقلا ومتأملاً وقد ساهم ذلك في زيادة إنتاجه العلمي والفكري فبعد أولمبيكا قام بكتابه ما سماه " قواعد لتوجيه الفكر" ومن ثم " وجود الله ووجود النفس " و " كتاب العالم" وكتاب " التأملات" و"رسالة في الإنسان"
لقد كانت مجمل مؤلفاته تعرض وتدقق من قبل لاهوتي ذلك الزمان إما للإشادة أو الإنتقاد وهذا ما نأمل ألا يكون قد صبغ كتاباته بصبغة تطرفية. وعلى الرغم من ذلك كله إلا أن المجتمع لم يلبث أن اتهمه بالإلحاد وذلك عقب مناظرة له في هولندا مع أستاذ اللاهوت فوتيس.
يرى ديكارت في كتابه " قواعد لتوجيه الفكر" وجوب امتهان المرء لكل أنواع العلوم والمهن فيما أحب ذلك حيث أشار إلى أن " الحكمة الإنسانية " لاتكمنُ في التخصص بل على النقيص من ذلك بأن جوهرها يكمن في التوسع بمختلف العلوم.
من ناحية أخرى وجد ديكارت في قاعدته الثانية أن على المرء أن يبذل قصارى جهده في الوصول إلى المعرفة اليقينية " البديهية " من منطلق أن قبول موضوعات تحتاج إلى الشك والدراسة المستمرة هو فعل يعارض العقل حتى أن ديكارت وقف متعجباً من مسألة الحججِ العلمية غير المطلقة وقال بوجوب اقناع العلماء بعضهم لبعض في دراسة الظواهر العلمية وقد استثنى من تلك العلوم الهندسة والحساب.
ثالثاً، يؤكد ديكارت أهمية الحدس والاستنتاج النابع من أنفسنا أولا قبل التفكير في استنتاجات الآخرين والأخذ بها. يطلب ديكارت من الباحث الحذر من الوقوع في فخ الآراء ذات الحجج القوية وكأنها شباك يسهل للأغرار في العلم الوقوع فيها. يقول ديكارت " وحتى وإن كان القدامى مخلصين صريحين،فإنهم لم يفرضوا علينا أبداً قبول أشياءٍ مشكوك فيها على أنها حقائق. فهم على العكس، تراهم يعرضونها علينا كلها بنية طيبة. ومع ذلك ، فما أن يدلي أحدهم برأي في شيئ حتى يثبت الآخر نقيضه ، بحيث يتعذر علبنا أن نعلم بأيهما نثق."
يشير في القواعد الأخرى إلى أهمية اتباع طريقة صائبة في منهج البحث عن الحقيقة ووضع لذلك أسساً معينة وبرأيه لا يتم بلوغ الحقيقة إلا بها ويمكننا القول أنها جملة من القواعد البحثية الديكارتيه ويؤكد على أهمية الحدس والإستنتاج .
يعيد ديكارت في قاعدته العاشرة فكرة أهمية اِلمام المرء بسائر أنواع العلوم والحقائق المعقدة والبسيطة منها .ويشير إلى أهمية الفنون كافة أما في قاعدته الثانية عشر فيدخل ديكارت لقلب الإنسان ليؤكد أهمية استخدامه لكل ملكاته من ذاكره وحواس وذهن وخيال في سبيل تفعيل حدسه.
يقول ديكارت في قاعدته الثالثة عشر" إذا كان هدفنا أن نفهم مسألة ما فهما تاماً ، فينبغي أن نجردها من كل تصور غير مجد، وأن نبسطها تبسيطا تاما ، وأن نقيسها بواسطة التعداد إلى أجزاء صغيرة قدر الإستطاعة."
يقدم فيما بعد جملة من القواعد الذهنية المتعلقة بدراسة الأشكال وتصنيفها وعلاقتها بالفكر والمنهج العلمي.