الحركة الإحيائية في الشعر العربي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الحركة الإحيائية في الشعر العربي

  نشر في 28 فبراير 2023 .

شكلت التجربة البعثية التي ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر و بدايات القرن العشرين أول منعثق للشعر العربي من الجمود و الخمول بعد سبات دام حوالي خمسة قرون ، عرف فيها الشعر العربي إنعكاسات صارخة أثرت بشكل كبير على القصيدة العربية إذ جعلتها هشة و ضعيفة مفتقدة للشدة و الصلابة. لذلك رأى مجموعة من الشعراء العرب إعادة بعث هذا الشعر حتى يستعيد مكانته و قيمته كسائر الفنون الأدبية، تلك المكانة التي سلبها عصر الإنحطاط الأدبي، و ذلك عن طريق تقليد السلف القديم من الشعراء، حيث جعلوهم أسوة لهم و ساروا على منوالهم و نسجوا أشعارهم من خيوطهم حتى يعيدوا للشعر العربي هيبته و حضوره بين الأجناس الأدبية الأخرى.

ارتبطت إذن مدرسة البعث و الإحياء بالوعي التاريخي الذي تشكل في الواقع العربي بضرورة التفكير في إحياء الأمجاد التاريخية،الماضوية، و اعتبارها نموذجا أدبيا و حضاريا مثاليا أي بمثابة ذلك المثل الأعلى. هذا الوعي التاريخي الذي حرك مدرسة البعث و الإحياء يعني حتما أن هذه المدرسة لها نزعة ثراثية في ممارسة الشعر و تمثل قيمه و وظائفه. إن هذا الإختيار الذي تبنته مدرسة البعث و الإحياء هو إختيار قهري و إضطراري ليس له بديل، فالشعراء الذين ينتمون لهذه المرحلة إلا إعادة إنتاج القيم الأدبية القديمة.

كما أن هذه "النهضة" الشعرية تحققت وفق منطق التدرج، فالتحرر و الإنعتاق من خصوصيات الإنحطاط الأدبي إحتاج إلى أطوار متكاملة فيما بينها، فالنص الشعري في عصر الإنحطاط كان يفتقد لروح الحس الإبداعي و أصبح مجرد نصوص عارية و خالية من أية نزعة إبداعية أو ذاتية. هذا الإنحطاط ليس بدوره إلا إمتدادا للإنحطاط التاريخي العام، و التفكير في إعادة إحياء الشعر العربي لا ينفصل عن المشروع النهضوي الذي بدأه بعض المفكرين العرب من أجل إعادة إحياء النموذج العربي القديم الذي تميز بالإبداع حسب معايير ذلك العصر. و بذلك نستنتج أن الثراث الشعري العربي القديم، شكل خزانا استثمره شعراء البعث و الإحياء من أجل إنطلاقة جديدة مع شعراء نجحوا في اقتباس و استيعاب و تمثل نموذجية الماضي و مثاليته. تجذر الإشارة إلى أن المحاولات الأولى للنهضة الشعرية بدأت محتشمة إذ لم يتجسد فيها النبوغ الأدبي، لكنها عبرت عن طموح و  انشغال و تطلع و هم ثقافي يتجلى في ضرورة إنقاد الشعر العربي.

أما فيما يتعلق بخصائصها و مضامينها، فيمكن القول و بإيجاز كما توضح للقارئ أن هذه الحقبة لم تحد عن المبادئ و الأسس الأسلوبية و المضمونية للشعر القديم، حيث أخذوا عنهم بداوة المعجم و إحتفظوا بقانون التفعيلة الخليلي الذي يقوم على وحدة الوزن و القافية و الروي، كما إحتفظوا بنفس

إن مشروع المدرسة الإحيائية كان مشروع حضارة عامة و نتاج لضرورة و وعي تاريخيان. لكن فيما تقدم ذكره يمكننا القول أن الشعر الإحيائي يفتقر إلى مقومات الإبداع والتجديد، لأنه شعر خطاب أيدولوجي موروث لا نجد فيه أي شكل من أشكال الإبداع شكلا و مضمونا اللهم إلا تقليد ما تغنى به القدماء، و كأنهم يبكون مع طرفة ابن العبد على أطلال خولة.



   نشر في 28 فبراير 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا