يدخلُ عامٌ جديد على الناس بعد آخر مضى كسُوقٍ وانفض، فربح فيه من ربح، وخسر فيه الآخرون، وأخذ كل ذي مصلحةٍ مصلحته.
لن أتكلم في العام الجديد فكلها باتت تقريبًا تشبه بعضها، سوى بعضِ فروقاتٍ أنت تصنعها لنفسك.
أمّا فيما يخص سوق عام 2017 كان دوري فيه ليس البائع ولا المشتري ولا حتى قطة تتجول آخر الليل بين أزقته لتنال نصيبها من هذا المكان، وخَطَرَ ببالي في أُولى أيام عامنا الجديد ذات السؤال الذي يجول بخاطركم "إذًا أين كنت أنا؟!".
فعلًا أين كنت طَوال هذه الفترة كلها؟! هل كُنت ميتًا؟! أم أعيشُ على كوكبٍ آخر ليس فيه سوق ؟! أم .. أم هل كنت التاجر الأكبر الذي يجلب البضاعة لكل البائعين؟!!!
سؤالٌ لم أجد له تفسير، لكن لحسن حظي قررت وضع خطة ل2018 -على غير عادتي- وتضمنت هدفًا مُراده الإجابة عن ذلك السؤال، وبدأت أسترجع ذاكرتي لعلي أجد طرف خيط يوصلني لمكاني آنذاك.
أخيرًا، وجدت نفسي إنها هناك في مكان بعيد عن الناس أعلى الجبل، لكن؛ لماذا لم أنزل إلى الأسفل وأشارك الناس تسوقهم؟! لماذا ألعب دور المراقب؟! عجبًا لذلك؟!
تعمقت أكثر في عملية بحثي عن ذاتي، واكتشفت أنّي كنت ضائعًا داخل عام كان الأصعب في حياتي، ليست صعوبة بالمعني المعروف، بل صعوبة في مخالطة الناس، ومعرفة الطريق الصواب للتعايش في بيئةٍ يملؤها الضباب.
في ذلك العام بدأت حياتي بصورة طبيعية جدًا، تعرفت على أصناف كثيرة من الناس، وحصلت على وظيفة في مكان كنت أحلم بالعمل ضمن فريقه، وتوسَّعَت آفاقي بحمد الله، واكتسبت خبرات عديدة علَّها تساندي في أعوامي القادمة، لكن رغم كل تلك الانجازات لم أكُن بتلك السعادة، لم أكُن في مزاج يوافق تلك الانجازات.
في الثُلث الأخير منها، عِشت حالةً لا توصف من التخبط الداخلي، رغم أن من يراني لا يلاحظ ذلك - وتلك مهارة تعلمتها ذلك العام-، كنت لا أدري هل أسير في الاتجاه الصحيح أم لا؟! هل أنا على صواب؟! هل هكذا تسير الحياة؟! هل هذه طبيعة المرحلة العمرية التي أعيشها؟! هل تَجنُبي لبعض الناس كان صوابًا؟! هل وهل وهل ...
وعلى غرار المقولة الشهيرة "في ديسمبر تنتهي كل الأحلام" إلّا أن حلم الخروج من هذه الدوامة العميقة لم يفارق خيالي، جلست مع نفسي -على غير عادتي أيضًا- واجهتها، عنفتها، فباحت لي بسِّر يعرفه الكثيرون منكم وقالت: "هذه الدنيا لا ترحم، أنت على صواب طالما دُمت متوكلًا على الله، لقد وصلت لمرحلة لم يصل لها غيرك ممن يحاولون وضع عثرات في طريق نجاحك، خوفًا من أن ينطفئ بريقهم بلمعانك، استمر ولا تيأس، فعلى هذه الأرض ما يستحق الحياة"
صدقتِ يا نفسي.
-
علاء برهوم - Alaa Barhoomصحفي من قطاع غزة المحاصر بموقعه الجغرافي، ولكن هيهات هيهات للأفكار أن تُحاصر.