الدولة لدى ستيفن والت - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الدولة لدى ستيفن والت

  نشر في 22 نونبر 2014 .

المدرسة الواقعية

المقصود بالواقعية هو ما عرفها به عالم السياسة ستيفن والت من كونها "برنامج بحثي واسع يضم داخلا العديد منالنظريات المتنافسة، تجمع بينها عدة أفتراضات رئيسية يتفق عليها أغلبية الباحثين" ، ويعتقد البعض أن الواقعية أكبر من أن تكون مجرد برنامج بحثي حيث يرونها "نموذج معرفيParadigm" أو "فلسفة عالمية" كما يذهب راندل شويللر، بأعتبارها تحاول سبر أغوار ومعرفة الأحوال الأنسانية والتقدم الاخلاقي ومدى نجاح البشر في سعيهم نحو إقامة عالم يسوده السلام والتعاون بين الدول.

ويجادل الواقعيون بأن الدول تتحرك بالأساس من أجل تحقيق الأمن والحفاظ على البقاء، ففي ظل تواجدها في نظام دولي فوضوي "أي لا يوجد فيه سلطات أعلى من الدول ذاتها" تسوده سلوكيات ومشاعر مثل عدم الثقة والغش والتنافسية، وتحكمه وتقوده أليات عمل مثل الأنانية والمساعدة الذاتية، فإن الدول في سعيها وراء الأمن والأستقرار تعتمد فقط على قدراتها ومواردها المادية ومصادر قوتها الذاتية التي هي عسكرية واقتصادية بالأساس، وذلك إما باتباع أستراتيجيات وأساليب سياسية مثل التوازن، الحياد، مسايرة الركب، الأنحياز، المهادنة، التبعية وغيرها من أنماط التعامل والتحرك الدولي الواقعي، كلا حسب نوعية توزيع القدرات بين القوى الموجودة في النظام الدولي، وطبيعة بنية النظام الدولي القائم "القطبية الدولية"، إن الواقعيون يشددون على أن الدول في تواجدها في نظام دولي فوضوي لا تتحرك إلا من أجل ضمان أمنها والحفاظ على وجودها.

وتتلخص رؤية النظرية الواقعية للدولة القومية في:

1- الدولة القومية هي الفاعل الرئيسي والوحيد في العلاقات الدولية: لأنها الطرف / الفاعل الوحيد الذي يحتكر حق أستخدام القوة العسكرية بصورة شرعية، فهذه الدول بأمتلاكها القوة العسكرية النظامية "الجيوش" تعتبر الطرف الوحيد القادر على إدارة التعامل في النظام الدولي، حيث لا يوجد لدي أي طرف دولي اخر "مؤسسات أو تكوينات عابرة للقارات" من القدرات ومصادر القوة المنظمة والمرتبة ما يساوي ما تمتلكه الدول، كما أن الدول وليس المؤسسات هي البناء التنظيمي الذي يمتلك القدرة على التحكم في حياة المواطنين وادارة شئونهم وطبيعة علاقاتهم مع باقي مواطنين الدول الاخري، فهي أعلي سلطة موجودة في النظام.

2- النظام الدولي نظاماً فوضوي Anarchic وليس نظاماً تراتبيا Hierarchic، ويرجع ذلك في رأي الواقعيين إلى أن الدول أعلي سلطة موجودة داخل النظام حيث لا يوجد طرفاً أعلي سلطة منها، فالدول نظرياً كيانات سيادية، لا يتحكم طرف في طرف ولا يملي عليا ما يفعل، حيث تعني الفوضي عند بعض الواقعيين غياب وجود سلطة مركزية عليا تقوم بالتحكم وادارة شئون العالم، وتفرض قواعد للتحرك على باقي الدول، وتختلف بنية النظام الدولي عن بنية النظام المحلي، الذي يتسم بالتراتبية, حيث توجد سلطة مركزية داخل الدولة "الحكومة" تقوم بتطبيق القانون وفرض النظام على الشعب. بينما السياسة الدولية لا تعرف وجود حكومة مركزية.

3- الهدف الأسمي للدول هو سعيها للحفاظ على بقاءها ففي ظل تواجدها داخل نظام دولي وبيئة دولية تتميز بالطبيعة التنافسية والفوضوية, وعدم وجود سلطات أعلى من سلطة الدول القومية، واتسام هذا النظام بكونه نظام "ذاتي المساعدة"، حيث الدول تتحرك منفردة للدفاع عن نفسها وضمان أمنها، وهو ما يجعل من محاولاتها وسعيها للبقاء والحفاظ على أمنها وتعظيم نطاقاه أهم أولويات الدول.

4- الدول لا تثق في بعضها البعض، ولا يمكنها التأكد ومعرفة نواياها تجاه بعضها البعض، فبعض الدول لديها نوايا شريرة والبعض الأخر لديها نوايا خَيرة، ولكن لا يمكن التأكد من هذه النوايا بصورة يقينية، وذلك لتغيرها الشديد، حسب دوافع الدول وتفاعلات وتغيرات البيئة الدولية، حيث أنه من الممكن أن تكون نوايا إحدى الدول خَيرة في أحد الأيام وشريرة في اليوم التالي والعكس بالعكس.

5- الدول في سعيها نحو البقاء تفكر جدياً في كيفية تحقيق ذلك، وبالتالي فهي فاعل عقلاني ولكنها تتعامل في ظل نظام دولي غير دقيق وغير كامل المعلومات حيث تكون هنالك فرص لأعدائها لإخفاء نواياهم الحقيقية عنها.

المدرسة الليبرالية ورؤيتها للدولة القومية:

المدرسة الليبرالية تنبع من خلفية اقتصادية ترى أن جل أهتمام الدول هو تحقيق المصلحة الوطنية في إطار مفهوم ’الثروة، فالدول في سعيها لرفع مستوى رفاهية مواطنيها, ورفع مستويات المعيشة والأزدهارالداخلي وتوسيع نطاق تجارتها الخارجية فإنها تسعى نحو الثروة، وليس للأمن كما تذهب الواقعية، فهي ترى ان الغنى هو من يحقق ما يريد بما يمتلكه من ثروة.

وترى المدرسة الليبرالية أن خير الطرق لتحقيق التعاون الإقليمي وتفسير العلاقات والتفاعلات الإقليمية هو أنتهاج سلوكيات مثل التكامل الإقليمي، وذلك عن طريق بناء مؤسسات دولية/إقليمية تكون قادرة على كبح جماح الدول التوسعية في أي إقليم، وتضيق حيز الشك والريبة الذي تتميز به العلاقات في النظام الدولي وذلك كما يذهب الواقعيون، نتيجة غياب وجود سلطة عليا في هذا النظام الفوضوي، حيث يوفر قيام هذه المؤسسات وجود نوع من تدفق وتوافر المعلومات عن باقي الدول المجاورة، وهو ما يتح للدول التقليل من الشعور بعدم الثقة تجاه نوايا الدول الأخرى، حيث يكون وجود مثل هذه المنظمات بمثابة رادع أمام القوى العدوانية الأخرى, ومنعها من التعدي على جيرانها الضعفاء، بما توفره هذه المنظمات من مقيدات على سلوك الدول الأعضاء بها.

إن طبيعة وأولويات الدول لدى الليبرالية توضوح لماذا يذهب الليبراليون وراء الأدعاء بأن تحقيق السلام والتعاون بين الدول ممكن وأن الحرب محتملة وذلك على عكس ما يذهب اليه الواقعيون. فعند الليبراليون تسعى الدول إلى تحقيق الثروة والقوة الاقتصادية، وعليه فإنها تهتم أهتماماً كبيرا بالمنافع النسبية المتوقعة من وراء تعاونها وعلاقاتها مع باقي الدول الأخرى. وعليه فإن هناك دوماً مجالاً للتفاوض والمساومة وأحياناً كثيرة للتراجع، على العكس من الواقعية، التي تجادل بأن جل أهتمام الدول يدور حول الحصول على المنافع / المكاسب الكلية، وحيث ما يكون على المحك هو أمن الدولة وبقائها، وعليه فإن الحرب لدى الواقعيين ممكن وقوعها في أي وقت أما التعاون فمحتمل. حيث لا يمكن التراجع عن ضمان سلامة بقاء الدولة.

فالعلاقات بين الدول من مفهوم الواقعيين هي معادلة صفرية اما غالب أو مغلوب أما لدى الليبراليين فالعلاقات بين الدول غير صفرية "الكل يربح".

إن الليبرالية ترى أن التقارب الجغرافي والثقافي خاصة القيمي بين الدول من جانب، وتقارب المستوى الاقتصادي يحفز الدول على أنتهاج سلوك تعاوني تجاه جيرانها من أجل الحصول على أكبر قدر من المكاسب التي قد تساعدها في تقوية الأوضاع والظروف المعيشة لمواطنيها وتشجيعها على السير قدماً نحو تحقيق الأزدهار الاقتصادي والاجتماعي ، عن طريق زيادة توطيد العلاقات الاقتصادية والتجارية والمؤسسية بين الدول. وبناء على ذلك فإن أحتمالات قيام الصرا عات والحروب يكاد يكون منعدما. فزيادة وتيرة التعاون ومستويات الأعتماد المتبادل بين الدول يزيد إحساس هذه الدول بالتقارب والحاجة إلى بعضها البعض، ويزيد الإحساس من خطورة تعاظم حجم المخاطر الناتجة عن تحطيم أو تقليل التقارب والتعاون بينهم. وعلية فإن العالم وفقاً لليبراليين فيما بعد الحرب الباردة قادم على عصر مديد بالسلام والأزدهار والديمقراطية .


  • 1

   نشر في 22 نونبر 2014 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا