في يوم من ايام كنت اتابع التلفاز مع اختي الصغيره وكنا ما نشاهده هو احد حلقات افلام كارتون المفضل لدينا ( غامبول ) وفي متابعتي لها صدمني شي وكان مشهد كأتي :

غامبول وأخوها دارون كان مشاكسين في مدرسه لذلك قرار مديرهم حبسهم مع عدد من طلاب وخلال فترة الحبس قرار الهروب من مدرسه بمساعدة شخص ثالث وحين ما سنحت لهم الفرصه في الهروب كان يركضون في ممرات المدرسه ويعودون الى نفس قاعه الحجز وهنا دار حديث بين اخوين حيث قال دارون لقد انسانى الحجز طعم الحرية وأصبحنا لا نعرف طريق الخروج هنا كانت الصدمة كيف تغيرت الطبيعة البشرية ستقول لي انه مجرد تفلسف كاتب ليس إلا وسآتي لك بأدلة القطعية ان كاتب كان يقصد بكتابته ان الطبيعة البشرية متغيره بتغير ظروف حوله.

منذ فجر تاريخ والى هذا الحظه مازال العلماء في حيره من أمرهم عن الطبيعة البشرية فهي لغاز من الالغاز التي لم يفك شفرتها علماء الاجتماع والنفس قديما ولا حتى علماء هذا زمن ولا اظن انهم سيفكون شفرتها في مستقبل فطبيعة البشرية في تقلب مستمر في كل لحظه وثانيه مره تجدها تسعى نحو الخير وحب الخير ومره تجدها تسعى نحو الشر وكل طريق يؤدي الى الشر إن العلم بالطبيعة البشرية هو أكثر العلوم نفعاً وأشدها تأثيراً على الإنسان وأقواها تحسيناً لحياته وإن الجهل بالطبيعة البشرية هو أخطر أنواع الجهل وأكثرها ضرراً على حياة الإنسان الفردية والجماعية ورغم ذلك فإن الإنسان ما زال غارقاً بتفهم الأشياء ومنصرفاً عن تفهم نفسه ولو فهم الإنسان طبيعته وعمم هذا الفهم لتغيرت حياته وحياة البشرية جمعاء تغيراً جذري.

الطبيعة البشرية لا يوجد فيه طريق واحد كما يظن البعض فهناك من يقول ان الطبيعة البشرية ام خير كلها او شر كلها وأنا لا اعتقد ذلك ابدا فهي تحتوي على الشر والخير في أن واحد وإنما الظروف تتحكم بيه فتجعل منه طبيعة كلها خير او طبيعة كلها شر.

الحاكم او الرئيس الديكتاتوري قبل ان يصبح ظالم ربما تجدها مظلوم و محب للخير ويسعى نحوها بكل طرق وشتى الوسائل لكن مجرد ان يتسلم السلطة و وجد ان لا احد يقف في وجه فيصبح طاغية شرير يضطهد الناس ويعذبهم ويحاربهم .

في تصفحي لحياة هارون الرشيد وجدة كيف تكون الطبيعة البشرية بين طريقين طريق الحق وطريق الباطل في بعض احيان كان يذهب الى الصالحين والواعظين ليعضوها وكان اغلب اوقات يغمى عليه من شدة الوعظ وخوف من الله وهذا هو طريق الحق ، وفي بعض احيان كان يحي مجالس الطرب والغناء وألهو والإسراف وشراء الالف جواري بأموال المسلمين وهو طريق الباطل هذا هي طبيعة البشرية فهي تحكمه الظروف .

في احدى تجارب العلمية والعملية والدراسات واهمه التي تسمى اختبار سجن ستانفورد تحت اشراف من الباحثين يقودها فيلب زيمباردو حيث تم اختيار ٢٧ شخص اغلبهم من طلاب الجامعات واغلب ذو بشره بيضاء وجرى تقسيمهم الى مجموعتين مجموعه السجناء ومجموعة الشرطه وبعد مرور فترة ليست بقصيرة اصبحت الشرطه عنيفة وقاسيها وكانت تمارس اقصى انواع التعذيب النفسي والجسدي بحق السجناء حتى بلغ امر ان دخل اثنين من سجناء الى مستشفى من جرأ القسوة والتعذيب ويقال ان مدير الابحاث فيلب اندماج مع الشرطه انا لست بصدد ان اسرد القصه كاملة او نتائجه وإنما غاية ان هؤلاء كانوا طيبين كيف أصبح اشرار ذلك هو ما نقصد ان طبيعة البشرية بين خطين خط الخير وخط الشر وان ظروف هي التي تسحب البشر نحو احد تلك الخطيين كم حدث في تجربة سجن ستانفورد حيث الشرطه الذين كانوا طيبين سابقين عندما وجود القوة المطلقه بدون رادع تغير الظرف فتغيره الطبيعة من خير الى شر وبذلك ما يحاكم الطبيعة البشرية هي ظروف البشر نفسها .

اتذكر قصة ذاك القاضي الذي كان يحاكم السارق الفقير عندما استوقف المحكمه وأمر ببراءة المتهم حيث قال القاضي لو لا حاجته لم سرق لا يهمني اذا كان القاضي عادل ام لا ما يهمني ان الظروف لعبة دورها في الطبيعة البشرية للسارق وجعلتها يسرق لحاجتها الملحه بمعني ان ظروف تلعب دورها في الطبيعة البشرية وأنا لا ابرء المتهم او امنحها عذرا ان يسرق او يقتل او يغتصب بحجة الظروف هناك شي اسمها السيطرة على الطبيعة البشرية كنبي الله يوسف عليه السلام حين ما همت عزيزة مصر ان تزني قال اني اخاف الله هنا ادراك نبي الله يوسف معنى السيطرة على نفس والطبيعة البشرية وما احوجنا في هذا الزمن الى شباب كنبي الله يوسف الصديق عليه السلام.

ان لست بصدد تبرئة الشرير عن شره انما على انسان ان يكبح تلك الطبيعة بكل الوسائل والطرق الممكنه حتى لو تغيرت ظروف وان لا يجعلها تسيطر عليه وتتحكم بيه وإذا جعلها تسيطر عليه فهو ظالم لي نفسها لذلك جعل الاسلام والرسول جهاد النفس اعظم انواع الجهاد حيث قال بهذا الصدد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه وهواه) رواه ابن النجار وصححه الألباني ، وكما في ألحديث (المجاهد من جاهد نفسه في الله) . رواه الترمذي وصححه الألباني ، وفي ألحديث (أفضل الجهاد من جاهد نفسه في ذات الله عز وجل) . رواه الطبراني وصححه الألباني.

لذلك يعد اسلام جاهد الطبيعة البشرية والسيطرة عليه اعظم جاهد لأنها اخطر على انسان واضر شي على بشر ففي الجاهليه كانت الطبيعة البشرية تميل كل ميل نحو محور الشر و الباطل وباعتراف الكثير من صحابه فهناك من كان يقتل البنات بدعوة لا افهمه لحد هذا الحظه وهناك من كان يستعبد الناس وهناك من كان يشرب الخمر ويطرب ولكن تغيرت الطبيعة البشرية بقدوم الاسلام لقد جعلها تميل كل ميل نحو الخير والحق فحرموا القتل بغير الحق ومنع الخمر و رفع الاستعباد فأصبح بلال الحبشي كعمر بن الخطاب.

(ظلم النفس اشقى انواع ألظلم , فمن المعقول ان يظلم الانسان غيره , اما ان ظلم نفسه فليس معقولا! فالذي يترك الصلاة ويتكاسل ... نقول له : انت ظلمت نفسك ؛ لأنك ظننت انك تحقق لنفسك متعه بينما اورثتها شقاء اعنف وابقى) الامام الشعراوي , الامام الشعراوي في ظلم النفس ليس فقط ترك الصلاة اغلب الظن انما يقصد ترك الطبيعة البشرية بدون قيد وتحيد فتميل للجانب المظلم في المشي بطريق كل ما هو سيء من كذب وشرب الخمر والقتل كلها اعمال تظلم بيه نفسك لأنك لم تسيطر على تلك الطبيعة ولم تجعلها تميل نحو جانب النور الذي يضئ طريقك ليجعلك تبني نفس بشرية تحب الخير وتعمل بيه , والذي يؤيد ما اظن بيه هو انك تجد من يذهب كل الصلوات الخمس الى المسجد القريب من داره او مكان عمله لكن ما ان يخرج تراه يكذب وينافق ويخدع ويغتاب , كان قصد الامام الشعراوي ان تجعل تلك الصلوات الخمس تسطير على طبيعتك البشرية فتسلك بيه مسلك كلها نور وخير .

الانسان الصالح والتقي هو الذي يضبط اوتار الطبيعة البشرية ويكبحها عن طريق الشر مهم تغيره الظروف و اوقات حتى لو وقعة السلطة تحت يده يبقى مسيطر على تلك الطبيعة ويجعل جانب الخير تغلب جانب الشر في كل وقت وكثير من صالحين وأتقياء ضبطوا تلك اوتار وكانوا خير اناس وخير البشر على وجه الارض.

ان تغير النفوس والسيطرة على الطبيعة البشرية هو بداية التغير الرباني الكبير ، عندما تغير من طبيعتك من كل جوانب وتجعلها تصب في مصلحة الخير والمحبة والتسامح وقته يأتي التغير الرباني لي يدعمك ويغير من واقعك ومستقبلك ، دعوتي لي ولك ان تبدأ بضبط اوتار تلك الطبيعة البشرية وان تسطيره عليه.