شاءت الأفكار .. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

شاءت الأفكار ..

  نشر في 15 فبراير 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

شاءت الأفكار أن نُبحر ونحن لا نُجيد فن السباحة , أن نسلك طرقاً لم تعهدها خطواتنا من قبل , أن نرى وجهاً أخر لأنفسنا لم نطمح لرؤيته يوماً , أن نرتحل كأننا نبحث عن موطننا الأصلي ولكننا لا نملك أي دليل على وجوده ! , أن نُغامر بما تبقى داخلنا من إتزان , من هدوء وإستقرار , فقد لا نملك أياً منهم بين ليلة وضحاها ! ..

شاءت الأفكار أن نعتزل الحياة , المنطق يصبح عبثاً واللامعقول يصبح منطقياً بالقدر الكافي لنحيا به , تتبدل الأحوال بمنتهى السلاسة , وبعد أن كانت الأفكار مجردة من المعاني , أصبحت هي المعنى ودونها لا جدوى من الوجود ..

شاءت الأفكار أن تُلقينا خارج نطاق الإرادة ,  وبعد دهور من السيطرة عليها شاءت أن نتبدل إلى خُدام مُخلصين لما تُمليه علينا ! , تتقاذفنا أينما ووقتما أرادت ذلك , كأن المتعة واللذة تكمن في رؤيتنا نتخبط ولا نعي ما الداعي لذلك ؟! ..

شاءت الأفكار أن تُظهر الحقائق ولكن بطريقتها الخاصة , الطريقة التي لن تترك البشري بسلام , تُصعقه الحقيقة وتنهش حُطام راحته حتى التبدد , فتتركه بعد ذلك يُعاني أعراض الوضوح والإدراك المُطلق , المُتسبب في تلك الحالة هي الفكرة , ولكنها تتهرب من إصلاح ما أفسدته في نفس البشري , تنسحب هادئة مطمئنة تاركة خلفها من يحترق في سبيل أن يستعيده , يستعد ذاته التي تشتعل ولا يقوى شئ على إخماد تلك الفوضى ! ..

شاءت الأفكار أن تمنح البشري بعض الذبول , فقد شق عليها أن تراه متوهجاً مُفعماً بالحياة , سلبت منه الحياة وقدمت له الموت المؤقت ! , فهل يجد البشري القوة الكافية لرفض هدية ثمينة كهذه ؟! , وإن تملكته الشجاعة للرفض فهو رفض مرفوض ! ..

شاءت الأفكار أن تجعل البشري ينظر نحوه نظرة خوف , إرتعاب , كأنه يرى شبحاً مُخيف يسير على أقدام بشرية ! , ينظر له عبر مرآته نظرة إنكار لما وصل إليه من حال لا يدري كيف النجاة منه ؟! , هل هو مصير أبدي أم أنه النجاة منه أمر مُحتمل ؟ , ولكنه سرعان ما يُدرك أن في تساؤله هذا فكرة أخرى بحقيقة جديدة تُزيد من إنغماسه في تعاسته اللانهائية ! ..

بإمكانك الهرب كما تشاء .. من عالمك بأكمله , وترتحل كما يحلو لك .. وإن أصبحت جاهلاً لمقصدك ضائعاً ولكنك بضياعك هذا تجد المتعة المطلقة متمثلة في الإبتعاد عن حياة لم تمنحك سوى الضجر .. بإمكانك أن تنشق , تبتعد , تتلاشى .. ولكن ما الجدوى من ذلك إن لم تستطع أن تهرب مما يستقر بداخلك ويأبى الإقلاع عنك ؟! .. حينها وفقط , يصبح الفرار لا فرار منه ! .. فلن تجد إقتلاع كيانك من جذور أفكارك بالأمر الهين ..



  • 4

   نشر في 15 فبراير 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

شاءت الأقدار أن أقرأ لصاحبة قلم جميل مثل قلمك ..
لقد وصفت الحياة و التقلبات التي تحدثها بداخلنا باحترافية ..مقال رائع ..يصف بمضمونه تلك الحروب القائمة بين العقل و القلب ..
أحسنت ..دام إبداعك ♡
بالتوفيق في مقالات أخرى ..
2
نورا محمد
أشكرك لكلماتك الطيبة , لا عجب أنها نابعة من عقلية راقية وقلب نقي مثلك أستاذي المحترم .. لقد إزادت كلماتي رقي بقراءتك لها ..
كل الشكر لك :)
ابراهيم محروس
هههه وانا كمان شاءت الأقدار أن أقرأ تعليقك الراقي الجميل اخي الجميل العزيز عبد الغنى.. لا املك ان أضيف شئ فوق ما ذكرته على مقال المبدعة دوما نورا ... هي نورا التى لامست قلوبنا جميعا ودائما بكتاباتها الرائعة عميقة الفكر والتعبير....
.. فقرة تلخص الكثير .. ( ولكن ما الجدوى من ذلك إن لم تستطع أن تهرب مما يستقر بداخلك ويأبى الإقلاع عنك ) . تحية تقدير واعتزاز لكى نورا .. القلب والعقل
مقال رائع كالعادة بروعتك اخت نورا ..فعلا تقلبات الأفكار تتعب بال النفس ..أحيانا الأفكار تنبع من القلب و تارة اخرى من العقل ...وتارة تمتزج أفكار العقل مع القلب لتستقيم هذه الافكار فتملأ النفس حكمة و قوة ..لكن قد لا تجد هذه الأفكار أرضية لها ...فتختار عالم الخيال ليكون مرسى لها .....بالتوفيق اخت نورا
2
نورا محمد
جميلة هي كلماتك وإضافاتك الراقية .. كالعادة تُسعدني تعليقاتك , ووجودك الأروع والأجمل غاليتي .. أشكرك على كلماتك الطيبة يا مبدعة :)

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا