السقوط في فخ الزمن - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

السقوط في فخ الزمن

الله والزمن

  نشر في 26 شتنبر 2014 .

   لقد وقعنا في الفخ..
خطرت علي رأسي هذه الجملة عندما قرأت مقالاً يتحدث كاتبه عن مقولة قالها رجل ممن يعدون من الصفوة الفكرية الأن.. إن الله لم يتكلم من 1400 عام
ووجدته يسوق كلاماً عجيباً يستدل به علي صحة هذا الهراء..وبدأت أفكاره تتداعي حتى تكلم عن أفكار هي أقرب للتعطيل..
ولم أكن أتصور أن هذا الفكر الذي " عفا عليه الزمان " لا يزال يجد من يردده بمنتهى الحماقة وكأن تطور العلوم لم يرتقي بالعقول أو يطورها ..ولكن العيب ليس في العلوم علي كل حال..وإنما في الأهواء التي إنحطت بأصحابها إلي نكسة بعيدة المدى كنكسة التعطيل
والسبب في نظري لهذا الفكر ككل..قديماً وحديثاً ..هو الفخ الزمني
فسقطت عقول المعطلة قديما في هذا الفخ..لكن المدهش حقاً أن عقول المفكرين في القرن الواحد والعشرين تقع في نفس الفخ.
فالزمن هو المعضلة الأكثر تعقيدا في هذا الموضوع..
لأننا أسرى في الزمن ولا نستطيع الخروج منه ووصف أي شيء خارج إطاره..
لأن أعمارنا نفسها هي الزمن الذي نعيشه..والخروج منه معناه الخروج من الحياة نفسها..
ولأننا لا نملك مفردات نتكلم بها عما هو خارج إدراكنا..وشعورنا وتجربتنا..
وبرغم هذا يمكننا أن نفهم ونعرف ونستنتج ونقترب من الحقائق وراء الادراك..
قلنا إن الزمن هو المشكلة..لأن الزمن الذي نعرفه هو عمرنا.. يمر بالانتقال من حال إلي حال ..نستوعبه بالتقلب بين الماضي والحاضر
فأنت مثلا قرأت السطور السابقة وهذا ماضي.. والأن تقرأ  كلاماً أخر حاضراً ليصبح في السطور القادمة ماضي ..
وهكذا هو الزمن..إلي أن ينتهي العمر فنخرج من الزمن..وما نراه ساعات طويلة يصبح كلحظة..تماماً مثل النوم ..تمر فيه الساعات ولا نشعر بها لتوقف إستيعابنا للأحداث وتغيرها من حال إلي حال..وندركه عند الإستيقاظ بإنقلاب الليل إلي نهار..أو رصده علي عقارب ساعة.
فهل هذا الحال جائز مع الله ؟؟
بالطبع لا..
ولنقترب من الفكرة ..يجب  علينا فهم بعض المعطيات التي نعرفها عن الله ..مما قاله الله عن نفسه..
كأن يقول أنا الدهر..أي أن الله هو الزمن ..وسباب الزمن هو إساءة لله نفسه..فماذا نستطيع أن نستنتج من هذا الكلام  ؟؟
الواقع أنه يمكننا القول أن الزمن هو وجود نسبي..يحاكي الوجود المطلق  الذي هو  " الله " ولكنه له بداية وله نهاية - عكس الوجود الإلهي الأزلي الأبدي - وما بين البداية والنهاية نطلق عليه زمن..
وتصبح كل حركة من البداية ماضياً كلما إتجهنا نحو النهاية..
وبناءأ علي ذلك فإن الله كما نؤمن به كمسلمين ..هو الدهر الأزلي الأبدي ..أي لا بداية  له ولا نهاية ..وكل الخلق منذ نشأة الكون إلي قيام الساعة ..هو جزء منه يبتدي وينتهي ..والمسافة بين هذه البداية وتلك النهاية تسمى  "زمن"
وعليه..فنحن نؤمن أنه لا يجوز  على الله أن يخضع لقوانين الزمن التي تأسرنا رغماً عنا ..هكذا خلقنا الله ولا مفر لنا..
أما هو فلا يتغير ولا يتبدل من حال إلي حال ..وليس له ماضي..لذا فإنه لا يصح أصلاً - إن أفلتنا من الفخ الزمني - أن نقول أن الله سكت عن الكلام منذ كذا وكذا ..أو توقف عن فعل ما مثل ما يتم تداوله علي ألسنة المعطلة ..لأن هذا يعني بالضرورة الإنتقال بين الأحوال والماضي والحاضر..
لذلك فإن معتقد أهل السنة  أن الله لا يزال فاعلاً..لا يزال متكلماً..
وربما أستشهد هنا بكلمات رجل غير مسلم..يتكلم مستنداً إلي منهج عقلي بحت بعيداً عن المعتقدات الدينية الإسلامية..أو أقوال أهل السنة..لعل هذا يقرب الفكرة أكثر
ففي كتابه  " الزمن والخلود " يقول  " براين  ليفتو "..
إن مفهوم الإله الموجود خارج الزمان وخارج المكان..يتمشى مع نظرية النسبية الخاصة لأينشتين.. والتي تنظر للوجود بإعتباره رباعي الأبعاد .. وأن الزمن هو بعده الرابع ..مع الأبعاد المكانية الفراغية الثلاث.
ومن ثم ..فإن الإله الذي لا يحده المكان ..ينبغي أن يكون خارج الزمان..
ويعيننا إدراكنا لوجود الإله خارج الزمان..على التوصل إلي الكثير من صفاته..فوجوده خارج الزمان معناه أنه لا ينسى..فنحن ننسى ما حدث في الماضي..والإله لا ماضي عنده..ويعني ذلك أيضا أنه لا يتوقف عن الفعل..فالتوقف عن فعل ما ..يعني إنتهاء زمن هذا الفعل..وهكذا
كذلك قولنا بأن هذا الإله خارج الزمان معناه أن كل شيء يفعله ..فإنه يفعله لحظياً..فهو لا يفعل شيئا قبل شيء..ولكن قد تظهر لنا بعض أفعاله قبل البعض الأخر..
إنتهى من كتاب الزمن و الخلود..

وهكذا نرى أن فكر التعطيل عبارة عن فراغ فكري و ضيق أفق  أقرب للمراهقة العقلية ..لا تستقيم في الفكر  السليم فضلاً عن الإعتقاد ..
سقط في هذا المستنقع ..المعطلة قاصري العقول..وسقط فيه بعض مفكري القرن الواحد والعشرين بسذاجة عقول وسماجة فكر
وسطحية فهم....أو رفضاً وعناداً لعلماء الإسلام أو من ينتسبون بشكل أو بأخر للعلوم الشرعية..ولا معنى لحماقتهم هذه
إلا  السقوط في فخ الزمن..


  • 1

  • sameh shawky
    سامح شوقي صيدلي المدينة المنورة
   نشر في 26 شتنبر 2014 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا