جالسة على الأريكة الواسعة التي تحتل نصف مساحة الصالة في تباهي .. أراقب بشرود ذلك الموقد الذي تلتهم ناره الحطب بنهم .. و أحاول تركيز سمعي نحو قطرات المطر التي تضرب النافذة الكبيرة بعنف .. أحاول بجهد أن أجمع شتات تفكيري و أن أركز على ما أريد .. يغريني منظر الحطب المدمر فجأة و يشعرني برغبة غريبة .. أمدد ساقاي أمامي بقوة و أنا أتأمل انعكاس شعاع النار عليهما و يغريني منظرهما بالرقص .. و في هذه اللحظة تخترق رائحة المطر اللذيذة أنفي و تدفعني أكثر نحو النهوض .. أغمض عيني فجأة و أتأمل بسمعي تلك الموسيقى الرائعة الصادرة من امتزاج صوت تحطم الحطب بفعل النار بصوت ارتطام المطر بالزجاج .. أنهض بتثاقل شديد و ألتف نحو جهاز الموسيقة الضخم المتربع في الزاوية فأديره .. أشعر لحظتها بانسياب ساقاي مع انسياب الموسيقى و كأنما قد خدرتا فلم أعد أحس بهما .. ألتف و ألتف و ألتف .. أرقص كما لم أفعل من قبل و أتمايل مع الأنغام و كأني قد انسلخت من الواقع لأعيش بضع لحظات في اللاشيء .. فجأة ! تتوقف الموسيقى .. و أتوقف أنا .. و يهدأ المطر .. و يصبح الحطب رمادا .. و ينتهي كل شيء .