لديّ طبع غريب، أنني عندما أقع في حب عملٍ فنيّ أو كتابٍ ما، أشتاق كثيرًا لرؤية صاحبه و سماع صوته ومعرفة كل شيء عنه ولا أهدأ حتى أصل لمبتغاي.
وإنَّ أكثر عمل فنيّ يأسر قلبي هو الكون، بكل ما فيه من جمادات ومخلوقات، فأنا مولعة بمشاهدة شروق الشمس وغروبها، ومتابعة السماء المتقلّبة والزهور حينما تتفتح أو تذبل. لكنّ أكثر ما حُبب إليّ هو متابعة الهلال وهو يكبر رويدًا رويدًا حتى يكتمل بدرًا ثم لا يلبث إلا ويبدأ مسيرتة نحو النقصان من جديد..
منذ بضعة أيام كنت أنظر كعادتي للسماء، وكان القمرُ بدرًا. بدا كاملاً وجميلا، فابتسمت وأنا أفكر أنه ذات القمر الذي قال عنه سيدنا إبراهيم عندما رآه "هذا ربي" ، ثم هدته فطرته إلى أن ربّه أكبر.
وهو نفس القمر الذي نظر إليه المصطفى وهو بين أصحابه في ليلة تمامه، فقال " إنكم سترون ربكم، كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته " ..
مؤخراً، بت أشعر أن أحاديث الرسول كلها سلوى لنا، "إنكم سترون ربكم" أي بشارة أجمل من هذه البشارة، وأيّ دليل أجمل من الدليل الذي ساقه إلينا "كما ترون هذا القمر"، دليل يتكرر مرة كل شهر، ليُذكرنا وهو في أعالي السماء بالبشارة الصادقة.
كل يوم أفهم لماذا قال موسى، ربِّ أرني أنظر إليك، لأنه من رأى الوجود بعين العابد، لم يستطع إلا أن يسأل مولاه نظرة إليه. وأزداد يقينًا أنَّ أجمل نعيم الجنة هو "وجُوهࣱ يومئذࣲ نَّاضِرَةٌ * إِلىٰ ربِّها نَاظِرَةࣱ"!
وأيّ شيء يعدل أن نرى وجه صانع هذا الجمال، فاطر السموات والأرض، مُجري الرياح ومُسيّر الجبال الرواسي، خالق الإصباح، فالقُ الحبّ والنوى، الذي رزقنا كُل خير، ومنع عنا برحمته كل شر ..
أي نعمة أجمل من أن أرى الذي خلق أمي بكل ما فيها من جمال، الذي بعث فينا رسولا من أنفسنا، الذي أكمل لنا ديننا وأتمم علينا نعمته ورضي لنا الإسلام دينًا؟ وكتب علينا الموتَ نُكابده لأنّ من بعده لقياه ..
فاللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم أن نلقاك ..
-
زهرة الوهيديأكتب... لأنني أحب الكتابة وأحب الكتابة... لأن الحياة تستوقفني، تُدهشني، تشغلني، تستوعبني، تُربكني وتُخيفني وأنا مولعةٌ بهـا” رضـوى عاشور :)