اللهم هوّن 2 - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

اللهم هوّن 2

في محاولة وصف مايجري

  نشر في 19 غشت 2015 .

بعض القضايا - كما بعض اللوحات - لا يمكنك أن تنظر إليها منفصلة عن الخلفية، إذ أن لون الخلفية يتداخل بقوة مع الرسم فيؤثر عليها وتؤثر عليه وتعطيه بقدر ما يعطيها وهذا حال كل القضايا التي تمس الإنسان فتجعل من صاحبها فكرة وتجعل من كل شخوص الخلفية قضية أخرى ...إقرأ " اللهم هوّن 1 " من هنا goo.gl/EI6cY7

حين أجرى الله حكمه على لسان القاضي فنطق ببراءة الصغير .. لامست البسمة وجهها، خفق القلب حمداً .. سجدت لله شكراً ، سجدت شوقاً ، سجدت لتُذيب الألم الذي راكمته ساعات الإنتظار الثقيلة على كاهلها .. أصفُ تلك الساعات ب ( الثقيلة ) وأعرف أن هذا أقل ما يُقال عنها ، لكنّ بعض الألم لا تستوعبه الكلمات ولا تكفيه الحكايات ، بعض الألم يبقى طوال الدهر مخزوناً في عيون أصحابه ...

لم تعرف متى سيسكُن شوقها برؤيا الصغير ..قالوا لها : تعالي بعد يومين ..تعالي بعد إسبوع ، أو ربما أكثر ..كأن الوقت لا يعني شيئاً ، كأن الإنتظار ليس موتاً هادئاً ..كأن الإنسان – في منظورهم وتصورهم – ليس شيئاً

حين أتت لاستقباله في رمضان ..في الحر الناتج عن الشمس وظمأ فؤادها ، حين أتت قالوا لها : إنتظري ساعتين ..لما قضتهم زاردوا على الساعتين ساعتين ، أمضتهم على الرصيف المقابل للسجن العمومي ..حيثُ يقيم الكثير ..الكثير من أولئك الذين ارتكبوا جرائم متعلقة بالفكر ، ليس لدينا ما يُسمى (شرطة الفكر) كما في رواية 1984 ، لكننا ندرك ضمناً أن الفكر والإشتباه بالفكر هو أمر خطير، لست بحاجة إلى الحديث عن الصمت والخوف المخيم على المدينة لتُدرك ذلك يا سيدي ، ربما لأنك تسكُن أصلاً في ذات المدينة ، فُتحت البوابة الضخمة التي تفصُل العالمين، ليخرج الصغير للمرة الأولى بلا قيد .. شخص يدفعه ليركب في عربة الترحيلات .... أما هي فقد شعرت بذات النشوة التي أحستها يوم رأته للمرة الأولى يوم كان رضيعاً لا يعرف عن الدنيا وقضياها سوى أمه وقضية حبها ..يوم كان لا يُميز معتقلاً ولا ضابطاً ولا يعرف ماذا يعني القيد والزنزانة ومواعيد زيارة ..أما هي لما رأته سكتت وحتى الصغير سكت ..لما تكلم تلعثم ، تحدث الدمع عنها أما هو فقد تكلم عنه جسده الهزيل ، الإرهاق البادي على ملامحه ، تحسسه المستمر لمكان القيد في معصمه ، عيناه المحدقتين في كل شئ كأنه يرى العالم للمرة الأولى ، تلك البسمة الذاهلة على وجهه ، حركته ذهاباً وإياباً كأنما يختبر قدميه ! ..عانقته لتُسكن شيئاً من اضطرابه وتلم بعض ما تبعثر من فكره ، تماماً كما كانت تفعل إذا طال غيابه يوم كان طفلاً ..لكنك هذه المرة أطلت الغياب ياصغير .

                                                                  - حدثت بالفعل -

إن محاولة رد بعض الحقوق لمن يطالب بكل الحق، هي – بطريقة ما – محاولة لسلبه ماتبقى له من حق في أن يُداعب الواقع بتخيل عالم أفضل تنكسر فيه تلك القيود الثقيلة وتُزاح الحوائط الملاصقة لأحلامنا وأفكارنا وعقولنا وحتى كلامنا ..كله يخرج ملتصقاً بالحوائط ! ..إن السُلطة  حينئذ تتجول بين تلافيف دماغ  وهي تردد باستمرار  : " تأقلم ..تأقلم ..هذا ما أنت عليه ..تأقلم "  والخوف – كل الخوف – على الصغير أن يتأقلم .


  • 4

  • Mariam Mostafa
    نحن نكتب لننتصر ..لأننا أقوى من كل ما نستطيع التعبير عنه فالحروف هي انتصاراتنا المتواضعه على ضعفنا قبل كل شئ
   نشر في 19 غشت 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا