لا تُحدثوننا عن فضل رمضان .. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

لا تُحدثوننا عن فضل رمضان ..

  نشر في 01 يونيو 2018  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

لا نحتاج لتكرار ما سمعناه طيلة حياتنا عن الشهر الكريم، وعن جماليته وكرمه وفضله، والأجر الذي فيه، كلنا حفظنا ذلك عن ظهر قلب في المدارس والمساجد، وحتى في تجمعات النساء، سواء في الحمامات أو صالونات التجميل أو عيادات طب الأسنان، أو فقط في طوابير الأسواق الممتازة.


كلنا نتكلم، وكلنا نحفظ المعلومات بشكل جيد، فرمضان هو شهر الله، وللصائم فرحتان، وليلة القدر خير من ألف شهر، والعشر الأولى رحمة، والثانية مغفرة، والثالثة عتق من النار، ومن صامه إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم وما تأخر.. وعمرة في رمضان كحجة من النبي عليه السلام.. وغيرها من الفضائل التي تغشى هذا الشهر من أول يوم فيه إلى يوم عيده السعيد. فكيف هو حال الصائم الذي يعلم ما سبق؟ وكيف يكون طبعه وسلوكه وهو قد حُرم الأكل والشرب ولذة الفرج؟! 


إنه يكفي أن تزور الأسواق والأحياء المكتضة والثانويات؛ لتكتشف رمضان آخر لا علاقة تربطه لا بالصبر ولا بالعبادة ولا بالرحمة ولا بالمغفرة؛ بل هو شهر أكثر ما يميزه الشجار والعراك والسباب، فضلاً عن خلافات وشجارات الأزواج في هذا الشهر بالذات، والتي تجعل البيت جحيماً لا يُطاق فقط بسبب الصوم. فهل يعقل أن شهراً جاء ليهذبنا ويربينا ويصحح غرائزنا ويلطفها بعد عام من الجشع والتخمة والشهوات والملذات أن يكون سبباً في شقائنا، وسبباً في تراجع إنتاجنا والتهاون في عملنا، وإطلاق العنان لأنفسنا الجاحدة التي تصوّر لنا أن نقص الطعام والشراب والقهوة يمكن أن يكون مبرراً قوياً لكل تصرف سيئ وقول خادش وربما حتى كذب نسميه أبيض وهو أسود قاتم؟! 

إن أهم ما في هذا الشهر الفضيل هو أنه عتبة تحملك للتغيير الذي تحلم به، فقد يستعصي عليك أمر ما، وقد يرهقك عمل ما، لكنك في رمضان وأنت تهجر أحب شيء إليك، بكامل رضاك في يوم يطول كل سنة، ثم ها أنت تقدر على فعل ذلك، وتكتشف أن أعذارك كلها مجرد أوهام وضعتها مطبات أمامك. 


يصير كل ما تتمنى تحقيقه هيّناً سهلاً إذا قورن وما تقوم به في هذا الشهر، فمثلاً انضباطك في قراءة عشرين صفحة يومياً من كتاب معين هو أمر لا يقارن بعملك في يوم صيفي مشمس بدون ماء يروي ظمأك ولا طعام يشد عضدك، كذلك ثلاثون دقيقة من ممارسة رياضة معينة يخيل لك أنك لن تحترمها يوماً هي أمر بسيط إذا ما قارنته بتعبك داخل ازدحام المواصلات، وأنت الصائم المحتسب الذي لا يجد حرجاً ولا غضاضة في الأمر، فكيف تسمح لعقلك باستغفالك والحيلولة دونك ودون التغيير الذي تتوق إليه؟!


لهذا الشهر روح خفية تحس بها بمجرد صيامك لليوم الأول، تشعر بهذا المدد الإلهي الغنيّ رحمة وبركة وسكينة وتوازناً، توازناً يقيم اعوجاجك، ويوقظ غفلتك، ويبعثك من داخل تابوت الشهوات إلى حياة الغنى بالله، والزهد بمن دونه. 


رمضان هو بمثابة القلم الأحمر في يد أستاذ حكيم، يحسن خطنا ويتدارك أخطاءنا ويمنحنا ملاحظات قيّمة تبقى عالقة داخل أذهاننا إلى الأبد. 


فها هو شهر تصحيح وضعنا وتحسين سلوكنا وتهذيب أفكارنا وغرائزنا قد منحنا شرف دخوله.. وها نحن متعطشون متلهفون لفيض كرمه فهل سنكون مجتمعاً لائقاً بهذا الشهر نيةً وعملاً وسلوكاً؟!


  • 5

   نشر في 01 يونيو 2018  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات

للاسف ...زارنا ... و غادرنا بسرعة ...
رائعة حقا كتاباتك... اعجبني كل حرف كتبته
عن و صفك لاعظم و اجمل و اجل الشهور ..
دام سحر قلمك
2
Salsabil Djaou منذ 6 سنة
كلامك من الواقع تماما ،مازالت الظواهر السلبية تسيئ لهذا الشهر الفضيل ، وقد شهدت بناتي شجارا بين فردين ينتظر منهما ضبط النفس (بمفتاح سيارة لحسن الحظ)و ذعرن جدا ، إضافة الى حوادث الطلاق المتكررة في شهر رمضان ،والنرفزة الشديدة ، و غيرها من السلبيات ، و بعض الزوجات اللاتي تتحولن قسرا الى شيفات والا... ،حتى انني اذكر قولا لإحداهن " قريب نكره رمضان "،بسبب ما تتعرض له في هذا الشهر المبارك من كل سنة ، و بدل ان نلقي اللوم على السيجارة والقهوة و الجوع لابد ان نعمل بنصائحك القيمة اختي السعدية ، كل فقرة من مقالك نصيحة قيمة لنا،اعاده الله عليك بالخير واليمن والبركات و تقبل الله سائر طاعاتك ، مودتي وتقديري اختي الكريمة.
2

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا