معنى تسمية تيسمسيلت
"شمس الله" ... بعيداً عن قصص الغروب
نشر في 02 ماي 2021 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
تيسمسيلت ولاية جزائرية من ولايات سلسلة جبال الأطلس التلي. لكن ما هو أصل تسمية تيسمسيلت؟
منذ صغري كنت أسمعهم يقولون: تيسمسيلت تعني غروب الشمس من "تيسم" و "سيلت"... وبعضهم قال "تيسمس" "إيلت" أي آلت الشمس إلى الغروب...
وبالأمس صادفت مقالاً لشخص يدعي تصحيح المعلومة بربطها بعين ماء تمسي عندها الشمس... كذا وكذا.
ولأنني من أبناء تيسمسيلت رأيت لزاماً علي أن أبحث قليلاً...
ووجدت أن لا أصل للقول بأن معنى تيسمسيلت من: تيسم = غروب . سيلت = الشمس.
إذ بالبحث في معجم أماوال amawal.net
Amawal the berber dictionary
لا تجد لكلا اللفظتين أصلاً ولا جذر كلمة قريب، ويتضح أنه تقسيم اعتباطي للكلمة لمقاربة المعنى المتواتر الذي له علاقة بالشمس حقاً.
ولا أصل للقول بأنها من الإمساء أو آلت الشمس إلى المغيب. ويبقى العامل المشترك بين كل الروايات هو "الشمس"
يمكن إيجاد لفظة شمس في كلمة تيـ "سمس" ـيلت، ويبدو جليا أن لفظة سمس هذه تعود إلى لغة سامية فافترضت أنها من الفينيقية وبقي أن أضيف إليها "إيلت" ليتضح المعنى.
وعلى الأغلب هناك تداخل قديم بين البربرية والبونيقية في هذه التسمية، إذ عندما نحذف تاء التأنيث في بداية التسمية نحصل على كلمة "سمس إيلت" والتي يمكن ترجمتها حرفيا في البونيقية إلى شمشيلت: ŠMŠ ’LT (semes ilet)
"الشمس الآلهة" أو "شمس الآلهة" لا أعلم على وجه الدقة.
شمش = شمس
إيلت = آلهة
إيلت في البونيقية هي مؤنث إيل وهو الإله مثلما في العبرية صمو_إيل إسرا_إيل... فهل التسمية من سمس_إيل؟؟؟
معلوم أن الجزائريين القدامى عبدوا الشمس والقمر، وكذلك فعل الفينيقيون الذين تواجدوا في شمال إفريقيا. ومثلما أثر البربر على الفينيقيين تأثروا هم كذلك بهم وبمعتقداتهم، ومازال أثر تلك المعتقدات مترسباً في موروثنا كقول البعض "هذا محصول بعلي" عن الأرض التي تنبت زرعا دون تدخل المزارع؛ ويغفل القائل عن الأصل الوثني للتسمية التي تلمح إلى أن الإله بعل هو من تكفل بالزرع. أو كقول الأطفال في بعض المناطق عند خلع سن لبني "يا شمس هاكي سنة الحمار واعطيني سنة الغزال" في دعاء للشمس يغفل الكثيرون عن بعده الوثني.
لا بد من الإشارة إلى أن "إيلت" أو "إيلوت" قد يشار بها أيضا إلى الألهة عشتار آلهة الخصوبة غير أنها تمثل القمر لا الشمس، ومن يمثل الشمس هو بعل، وربما تكون تاء التأنيث في آخر الكلمة أضيفت لاحقاً فيكون المقصود هو الشمس الإله أو شمس الله "سمس_إيل" وقد تدعم ذلك مذكرات الكولونال سكوت المطبوعة سنة 1842 إذ يذكر فيها تيسمسيلَ tissumsileh دون تاء في الصفحة 97
وتيسمسلي tissumseli في الصفحة 115
وهو حسب ما لاحظت لا يهمل حرفا منطوقاً عند نقل الكلمات العربية ولو على حساب مخرج الحرف ككتابته عَيْم aim بدل عين في تسمية بعض المناطق، أو إم شا الله Emshallah بدل إن شا الله وذلك قد يكون دليلاً على نسخه للأصوات بدقة وفق طريقة نطق الكلمات من أفواه من رافقهم وقتها أي الأمير عبد القادر ورفاقه.
أشير كذلك إلى أن أقرب الكلمات البونيقية التي وجدتها في معجم Charles R. Krahmalkov
Phoenician-Punic Dictionary
هما كلمتا: semes-alem سمسعلم وترجمها تشالز إلى الشمس الأبدية، الآلهة الشمس.
وعبارة semes silek سمسيلك وتعني حرفياً "الشمس تسلَّك" أي تنقذ.
الخلاصة:
نتعامل باستخفاف عظيم مع هذه الأمور إلى درجة شيوع معلومات مغلوطة تماماً تكاد تصبح ثوابت تاريخية رغم أن المصادر اللغوية والتاريخية لا تدعمها. وأتساءل أين أهل الاختصاص من هذا؟
وعليه فتيسمسيلت لا علاقة لها بالغروب بالنسبة لي إلى أن تظهر دراسة أكاديمية تفصل في الأمر. إما شمس الله أو الشمس الآلهة.
-
خالد شناويكاتب جزائري