نقرت ْروحي ..نقرات, غاضبة..عليّ ..أنا الإنسان..
قالت ..أتسمعني..لِمَ لا يصلك صوتي.. لِمَ تخنقني..
خُلقتُ حُرّة ..مُبدعة.. أعشق الحياة ..
و لكنّني..
أتضاءلُ في حضرتك كلّ يوم..أغوص في بحار جهلك كلّ ساعة..أكاد أغرق..ألا تسمعني..ألا تُنقذني؟؟؟
كأنّك أُصبتَ بالصّمم..و أنا من فرط صراخي أكاد أُصاب بالبكم..
تقطف كلّ يوم زهرة من بساتين الشّهوات.. و أجوع أنا..
غيرُ مُنصِفٍ أنت..غيرُ عادل..
تمتلئُ بطنك..و أجوع أنا..تتقلّب بين شهوات جسدك.. و تنساني أنا..
أنا المبادئ و القيم..أنا القدرات الخارقة..أنا الشّهوات المُتّزنة..
أنا الصّفاء و الرّضا..و السّكينة و الهدوء..و الحكمة و البصيرة..
فكيف تتجاهلني ؟؟ لن ترتاح ..إلاّ بي..لن تعرف سرّ الحياة إلاّ بي..لن تحلّ شفرة الكون إلاّ بي..
أدخلتني سجن أفكارك..حرمتني طعامي و شرابي..ركلتني بقدم غبائك إلى زنزانة مُظلمة..
أدقّ الباب كلّ يوم..أصرخ كلّ ساعة..لأُذكّرك ..
بأنّني ..أنا الرّوح..أنا النّفس..أنا مفتاح الكُنوز..أنا الأصل..
و ما أنتَ يا جسد..إلاّ بَدْلَة إرتديتُها لأتمكّن من خوض تجربة الحياة..فكيف تنسى..كيف تسعى لقتلي..لدفني؟؟
أتعي بأنّك أنتَ الفاني ..أنتَ الذي تموت.. و لستُ أنا؟؟
أنا الباقية..الدّائمة.. الأزليّة..
انفض عنّي غبار السّنين..لا تسمح للأقدام المُتّسخة أن تطأ عقلك..نظّفْ حجرات قلبك..اسمح لنور الله أن يخترق نوافده..عطّر خلاياك بذكر ربّك..
اعْلنْ براءتي..اخرجني من زنزانتي..فُكّ قيودي و اتركني أنطلق إلى رحاب الله..حيث الفضيلة و النّور و الجمال و الحب الخالص..اتركني أُحلّق عن كلّ هذه الدّنايا..
و اسمحلي بأن أُضبّط شهوتك..لألاّ تكون أسيرها و عبدها..بل سيّدها و قائدها..تُوجّهها حيث يرضى الله فتُلبِسُها بذلك حُلل الملوك و تصرفها إلى قنواتها المشروعة..
اتركني أغوص في أعماق أعماقي لأجده ..لأتلذّذ بقربه و هو الأقرب إليّ من حبل الوريد..
اسمحلي لأن أعبر غابات صمتي..لأسترجع ذاكرتي يوم أن قال لي ..و للأرواح كلّها..
"و إذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين" <سورة الأعراف.172>
اتركني أرتقي..لنلتقي أنا و أنت في قصور و خيام الجنّة..نأكل من ثمارها و نشرب من خمورها و نتلذّذ برؤيته..
اسقني و اطعمني..لألاّ نكون أنا و أنت..حصب جهنّم نأكل من زقّومها و نشرب من عينها الآنية!!