ألهذا افترقنا ... - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ألهذا افترقنا ...

  نشر في 03 ماي 2021  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

كانت أياما رائعة حقا و كنت أجمل ما فيها .

هي آخر عبارة كتبتها و تركتها بين صفحات كتابي المفضل ..

قبل الرحيل ..

كانت تحزم حقائبها مخفية دموعها بين قطع من ملابسها المكدسة

مرت بجانبي و لم تقل شيئا ..

و لم أقل شيئا ..إكتفينا بالإصغاء إلى اللحن الذي تصدره الحقائب و هي تعزف على الأرضية موسيقى الرحيل ..

بقي كلانا يحتفظ بكبريائه و إفترقنا في صمت رهيب ..

دون فتح نافذة لفرصة ثانية ..

كنت من وراء سدائل النافذة أختلس النظر إليها و أحتفظ بآخر صورة لها و هي تخطو خطواتها الأخيرة نحو سيارة الأجرة مغادرة المكان ..

لماذا أحاول الإحتفاظ بأواخر الأشياء دائما ..

لماذا أرهق ذاكرتي و أرغمها على الإحتفاظ ببقايا الذكرى الحزينة .عوضا عن الشروع في بدايات جديدة ..سعيدة

بعد رحيلها أدركت غيابها ...

أدركت مدى خطئي ..متأخرا تخليت عن كبريائي

أذكر أنها ذرفت الكثير من الدموع و هي ترمي إلي بإلتفاتة من داخل السيارة ..تجوب بعينيها كل جزء بالمنزل الذي جمعنا .. وكان شاهدا على كل تفصيلة بحياتنا ..

لازالت غير مصدقة ..

إفترقنا .

لم أصدق هذا ... و لا هي تقبلت الفكرة ..

رجاءا عد بنا أيها المخرج عند ذلك المشهد علني أمسكها من يدها و أطلب منها أن لا تغادر ..علني أقنعها بالبقاء ..

عد بنا إلى تلك اللوحة علها ترمي بحقيبتها جانبا و تعانقني ..

كان خلافا صغيرا ..أخطأت هي و أخطأت أيضا ..

نسيت أنا مناسبة زفافنا ...و نسيت هي عيد ميلادي ..

ألهذا إفترقنا ..

لم يكن حبنا قادرا على مقاومة النسيان ..

أم أننا لم نحب بعضنا يوما ..

يا لسخرية القدر ، كيف لتاريخ كان سببا في جمعنا ، أن يصير اليوم سببا في شتاتنا ..

تبا للمناسبات ..و تبا للإحتفالات ..

كانت الأيام تمضي ..

مر أسبوع ..بل أسبوعين ..

كانت هي كل صباح تنظر عبر شباك النافذة تنتظرني ..

وترى خيالي و تتصور ملامحي بوجه كل رجل يمر بجوار منزلها ..

و كنت أيضا أمضي ساعات بالشرفة أنتظر عودتها ...

وبقي الطريق الفاصل بيننا ينتظر أيضا مرور أحدنا..

أحس بضيق ..أختنق و أنا أدخل المطبخ و لا أجدها

لا أجد طعما للقهوة إلا بحضورها ..

تموت هي كل يوم و لا أحد يوقضها بتلك الطريقة ..بعدما اعتادت على أناملي السحرية تجوب خصلات شعرها كل صباح ..

لا أحد منا إعتاد على غياب الآخر .

نحاول الإنكار فقط ..

حملت هاتفها مرار و تكرار ..و حاولت أيضا الإتصال بها..

تراجعت هي ..و قطعت أنا المكالمة بآخر لحظة ..قبل أن يرن هاتفها ..

حملت هاتفي مجددا ..و حملت هاتفها أيضا إتصلنا ببعضنا بنفس الوقت ..بنفس الدقيقة و الثانية ..

إصطدمت المكالمتين بالجو و أحدثتا عطلا بالشبكة ..

ظننتها هي .. و لكنه كالعادة صوت تلك المرأة اللعينة ..مغلق ..

تلقت هي نفس الإجابة ، رمت هاتفها بقوة فوق السرير و صرخت ..ما الذي أحاول فعله ..تبا له ..

كيف إستطعت فعلها ، هو حقا لا يستحق ..

و حطمت أنا هاتفي بالجدار ..

كم أنا أحمق ...

لقد نسيت في أيام كل ما حدث بيننا ..و غيرت رقم هاتفها و قد أجدها غيرت العنوان أيضا ..

لن أعاود الإتصال بها مجددا ..لن أفعل ..

بذلك اليوم و بعد مرور أسبوعين قررت الهروب من سجنها

و قررت هي التخلص من سحري ..

إرتدت الأبيض ..و إرتديت أنا بدلة سوداء.

دون تحديد الوجهة

خرجت هي من المنزل بنظارات شمسية سوداء مخفية وراءها أسبوعين من الفقدان ..من الإنتظار ..من الخيبة

و خرجت مرتديا حداد أسبوعين ..و كاني أحاول أن أرثي نفسي بنفسي ..أن ارقع تمزقاتي لوحدي ...

ذهبت إلى المكان الذي إعتدت الجلوس به كلما ذاقت بي الحياة ..

فوق تلة ضخمة تعلو المدينة ..حديقة ساحرة بكراس خشبية أنيقة مدسوسة تحت أشجار ضخمة متشعبة بأغصانها ..متعانقة بأوراقها في السماء ..حاجبة عن زائريها بالنهار جنون الشمس الحارقة و بالليل تحمل ضوء القمر و ترسم فوق الأرضية أروع اللوحات ...

بزاويتي المفضلة جلست..

لم أنتبه لها و هي تجلس بنفس المقعد ..

لم أنظر إليها ..و لم تعرني إهتماما ..

لم نتحدث ..

و متى كان للغرباء حديث ...

فقط نظرات مشتتة تائهة .

لاحظت أنها ترتدي الأبيض ..

ولاحظت هي الأسود ببدلتي ..

هذا كل ما رأيناه صدفة ...

و واصلت مقاوماتي محاولا أن أفكر في كل شيء إلا هي ...

لم تتحرك تلك الفتاة بجانبي بقيت مثل صخرة ..حتى هي كانت تحاول الهروب مني و التخلص من لعنتي ..

لبرهة بقيت أحلل تلك الرائحة و ذلك العبق ..

رائحة أعرفها جيدا ..

رائحتها بالطبع ..

لماذا الآن ..و كلما حاولت أن أهرب أجدها تطاردني ..

لم أنظر إلى وجه تلك الجالسة بجنبي ..و قلت أن الأذواق تتشابه أحيانا ..

إسترقت هي نظرة خاطفة من تحت النظارات الى يدي الممدودة فوف الكرسي ..بعدما لفت نظرها بريق مميز لساعة اليد التي كنت أضعها

لم تصدق هي نفس الساعة و نفس النقش فوقها ..

كانت تلك الساعة التي قدمتها إلي بمناسبة ترقيتي إلى منصب مهم بالشركة ..

لازالت تذكرها جيدا ، كانت كل صباح تذكرني بها و هي تنادي علي من شرفة المنزل لقد نسيتها .

و تضعها بيديها فوق معصمي ..و تطلب مني ان أعدها بأن لا أنساها مرة أخرى ..

كنت أعدها مرارا و تكرارا ..

و لكني دائما ما أنساها ..

أحاسيس كثيرة تجوب رأسها ..

مثلما كان يفعل بساعتها التي أهدتها له ..فعل بها اليوم ..

لم يتصل حتى ، بل أغلق هاتفه ..

لم تصدق و هي ترى تلك الساعة مجددا ..

حاولت جاهدة إنكار أنه هو ، فكيف سيتذكر إرتداءها و أنا التي كنت أذكره بها كل يوم ..كيف سيتذكر ..

خاطبت نفسها ..لا ليس هو أظنها مجرد صدفة لا أكثر ..

فكلنا نتشابه في الأذواق مثلما نختلف ..

مضت دقائق و لكنها لم تستطع إقناع نفسها بتلك الكذبة أرادت أن تتأكد ..أدارت وجهها نحوه ببطء ..في حركة مدروسة ..

و أدرت أنا وجهي بالجهة المعاكسة ..بعدما نطقت فتاة صغيرة تحمل بيديها ورودا جميلة ..تسألني إن كنت أريد واحدة ..

كنت شاردا..

مبحر في زمن آخر لم أقل شيئا ..حركت رأسي نافيا ..

لم تستطع رؤيته بتلك المحاولة ..

وقالت : ما أغباني ..و ما شأني به إن كان أو لم يكن ..تبا ..

حين أرادت المغادرة إستوقفها شاب يحمل آلة تصوير ..

و قال : ثنائي جميل ، بالأبيض و الأسود تستحقان صورة للذكرى

أليس كذلك ..

ماذا قلتما ،يا أحلى و أروع زوجين بهذا العالم ..

بتلك اللحظة ، تلاشى الإبهام ..نظرت إليها و نظرت إلي ..و نظرنا إلى ذلك الشاب ..

و صرخنا بنفس الجملة ..من أين تعرفنا ؟

ازالت هي نظاراتها و ركزت أنا النظر في عينيها و ملامحها ..

أهذه أنت ...؟

قالت : أهذا أنت ..؟

و كانت الصدمة ..

#موساوي عبد الغني 


  • 1

  • Abdelghani moussaoui
    أنا الذي لم يتعلم بعد الوقوف مجددا، واقع في خيبتي
   نشر في 03 ماي 2021  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا