بقايا انسانة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

بقايا انسانة

  نشر في 24 مارس 2019 .

معلقة يداها بالحبال و قد اوصدت كل كف بالمقابض الحديدية..  شعرها الاشعث يتدلي من كل جهة..  و قد تصبغ بدمها المسجي..  ثيابها الرثة  البالية المخضبة بالدماء.. تصرخ باعلي صوتها طالبة النجاة.. 

يهوي بسوطه الحديدي علي جسدها بقوة..  تتعالي صراخها و سيول الدماء تنزف منها  بغزارة.. يضحك بقوة علي منظرها المذري.. يستمر في الضربات بقوة و هي تئن بشدة من الالم.. 

تركله بقدمها الصغيرتان حتي يهوي علي الارض..  تحاول بقوة ان تخلص كفيها قبل ان يقوم المجرم.. لمحت عيناها ذلك الحمل المعلق.. كانت تصدمه بكل ما اوتيت من قوة بكفيها الذين تحاول تخلصتها من الاكبال.. يهوي  الحمل لااراديآ فوق المجرم..  الذي يسقط صريعآ في الدماء.. 

تتخلص اخيرا من فك المقابض الحديدية من كفيها.. تفر لا اراديا بكل ما اوتيت من قوة بعيدآ عن الجسد المسجي بلا حراك... 

كانت تتألم بقوة من الكدمات و النزيف الغائر بجسدها الصغير.. تضغط علي نفسها و هي تحمل جسدها المتألم..  تطلق لساقيها العنان..  و تجري رغم خفوت قوي  الجسد..  و نزيفه الغائر.. الي حيث عالم غريب لا تدر اين هي موارية.. تحمل بقلبها الالام عدة انهكته حتي وهن من الالام.. 

تآوي الي منزلها و الجسد يرتجف من الالم.. سحبت جسدها اسفل الغطاء.. حتي تخضب الغطاء بالدماء..  كانت دموعها الغائرة من عينيها مخضبة بالدماء.. تعتصر قواها وهن الجسد المآ كانت تئن بخفوت و هي تدر ان جسدها الهزيل لن يقاوم طويلآ.. 

سكون تام خيم علي ارجاء الغرفة..  تشتم انفاسه المتصاعدة رويدا..  مما يرتجف جسدها بقواينفتح باب الغرفة فجأة و تتصاعد معه دقات قلبها بقوة.. تفر من موضعها و هي تتألم بجسدها الهزيل الذي انهكه النزيف.. 

يولج الي الغرفة بجسده المسن.. عصاته الخشبية السوداء يدوي اصوات ارتطامها بالارض.. 

يقترب منها و هو يعلو صياحه بقوة.. تصرخ و هي ترتجف و تئن من الالم بقوة مستعطفه اياه ان يتركها تنجو.. تلمح عيناها الباب الخلفي..  تفر تجاهه و هي تصرخ بعد ان وهن جسدها و اجتمع المعشر علي قتلها.. 

تغلق خلفها الباب بقوة و هي تسمح صراخ العجوز و هو يرتطم الباب بقواه الوههنة.. يشتد بها النزيف و هي تشعر بقرب حلول الاجل.. 

تلمح ذلك السلم الخشبي  الغريب الذي وضع بقرب النافذة الزجاجية.. لم يكن امامها كثيرآ من الوقت.. ولجت اليه و هي تئن بقوة درجت السلم حتي باتت في الحديقة الخلفية.. 

تجري باعلي قواها الواهنة و نزيفها يتصاعد من كل جهة..  تصل الي النهر الشاسع.. تلقي بجسدها الي قاع النهر دون تفكير.. كانت تسبح بكل ما اوتيت من قوة رغم خوار قواها ووهون الجسد..  و كأن مياه النهر كانت برئآ لجسدها من علاله حيث سكنت الالام قليلا و داوي الجرح بالمياه.. 

ولجت الي الضفة الاخري من النهر..  و كانها تخطت الحدود ووصلت الي مدينة اخري بعيدة عنها..  

كانت تري معشر الرجال و النساء و هم يصعدون المراكب في جولات نهرية..  يعلنون الاحتفالات..  يتراقصون سويآ و ينشدون اغان تراثية.. 

لمحها قائدهم و هي بهذا المنظر المذري.. كانت تئن بخفوت و تضائلت الروءية حتي باتت اشبه بالسواد.. 

لم تعي ما يدور حولها...  كانوا ينظرون اليها بشفقة..  حملوها علي اكفهم ليداويها الطبيبافادت عيناها ذبولا و هي متذبذبة الروءية لم تفهم شيئآ مما يقولون لان لغتهم غريبة عنها.. كانت الممرضة تحقنها بحقنها عدة و هي تتألم خافتآ..وجدت جسدها معلق علي اجهزة عدة و نظرات الاطباء تحاوطها بشفقة.. حاولت ان تحرك اصابعها الا ان وهن جسدها جعلها تفشل في ذلك.. اغمضت عيناها مرة اخري بعد ان فطنت عجزها عن الحركة..  خفت نبض الجسد حتي توقف تمامآ.. كانوا ينزعون عنها الاجهزة و يحملون جسدها الصغير الي المشرحة... 

وجدت جسدها مسجي ببن اجساد عدة داخل ثلاجة الموتي..  رمقتهم بتحية فابتسموا لها مدركين اتيان زميلة جديدة.. بات الجو باردآ في الثلاجة. الا انها لم تعد تشعر بالبرودة.. رمقوها بنظرات غريبة ثم بدآ الحوار بينهم لتلطيف الجو..  ينظر اليها الجسد الازرق الملفوف بملائة بيضاء لرجل عجوز: 

اهلا بكي يا ابنتي...  مسكينة تبدين فارقت عمرك في ريعان الشباب.. 

لم اعشه يا عزيزي.. كانت حياة بائسة..  و قد وهن جسدي و خفت بعد التعذيب الذي عشته من مجرمي البشر.. لا ادري لماذا حدث لي كل هذا. لكني لم اري الامان يا عزيزي في دنيايي.. هل جربت ان تعيش مطاردآ من معشر من حولك..  هذا ما حدث لي عزيزي..  عشت في عذاب و تهديدات بالقتل تحولت الي حقيقة.. لم انعم بحياتي قط حول ذلك العجوز المعتوه حياتي الي جحيم..  لا ادري لماذا فعل بي ذلك.. دبر لي اختطاف و قد عذبت بالفعل من ولده لكن فررت منه و انا انزف دمآ الا انه عاودني مرة اخري الي منزلي محاولا قتلي الا انني فررت منه.. 

اتدرين انا اعرف سر هذا العجوز؟؟؟ 

ماذا؟؟؟  اخبرني فورآ لماذا فعل بي كل ذلك؟؟؟ 

اعرف انكي عاهدتي الدنيا يتيمة و كانت حياتك في ملجأ بائس حتي كبرتي و اصبح لكي مسكن مستقل..  

لحظة وفاة والدك قبل ان تولدي باشهر طلب من جارك ان يعتني بزوجته و طفلته القادمة و آل له الوصايا علي اراضيه و شركاته و قد عاهده العجوز علي ذلك..  

رحلت والدتك عن الحياة بعد ولادة متعسرة فادخلك العجوز ملجأ و استولى علي كل الميراث و كتب الممتلكات لابنه..  و ما كبرتي يا ابنتي و تركتي الملجأ خاف العجوز منكي ان تدري الحقيقة و تطالبي بحقك لهذا عزم علي قتلك.. 

تبآ لتلك الاموال التي افقدت البشر انسانيتهم.. 

لا عليكي يا عزيزتي..  الان خير لنا رحيلنا بعيدآ عن هؤلاء المجرمون.... 







  • 1

  • Menna Mohamed
    كن في الحياة كعابر سبيل و اترك ورائك كل اثر جميل فما نحن في الدنيا سوي ضيوف و ما علي الضيف الا الرحيل الامام علي بن ابي طالب
   نشر في 24 مارس 2019 .

التعليقات

رائعة ومعبرة وعميقة
1
Menna Mohamed
اشكرك عزيزتي و انتي ايضآ كتابتك رائعة و معبرة و عميقة اتمني ان اري لكي كتابتك الجديدة الجميلة بالتوفيق عزيزتي ❤
سهام السايح
شكرا لك جميلتي
قريبا ان شاء الله

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا