ثقافة الغيب ... ثقافة أوف لاين - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ثقافة الغيب ... ثقافة أوف لاين

  نشر في 07 يوليوز 2015 .

بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -


عند النظر الى ثقافة الإنسان العربي والشرقي تحديداً نلاحظ الكثير من التأثيرات الدينية والأسطورية والتراث القديم المتراكم في العقل اللاواعي الجمعي فهي مزيج من ثقافة البدو وثقافة الإنسان القديم وخاصة بلاد الشرق الأوسط وبلاد ما بين النهرين وهي ثقافة غيبية بكل المقاييس لا تعتمد على التجربة والبرهان المادي والعقلي ..

لنأخذ مثلاً ثقافة او مصطلح الخير عند تلك الشعوب فقد إرتبط بالعديد من الإحتياجات المادية اليومية للبشر ومنها خاصة أمرين أساسيين آلا وهما الخبز والمطر حيث كان لهما دلالات رمزية عديدة مازالت حتى عصرنا هذا تعتبر من ثقافة الإنسان الذي يتفاخر بتمدنه وسعة إطلاعه .

فالمطر هو رمز الخير والعطاء وبالتالي كل مطر هاطل من السماء العليا لا يحمل إلا الخير المطلق لأولئك العبيد المساكين (سكان الارض) وهذه المعتقدات تم توارثها من الديانات الخصيبية في بلاد ما بين النهرين إضافة الى الثقافة البدوية التي كان هاجسها البحث عن الماء وبذلك تمت الإشارة الى المياه وتحديداً المطر بالخير ..!!

فأصبح المطر يرمز الى الخير المطلق رغم ما قد يحمله من كوارث وأعاصير وفيضانات مدمرة (تسونامي ) قد تدمر البلاد والعباد بأسرها فالمطر في الثقافات والديانات القديمة هو الخير الذي يرسله رب الأمطار والخصب (تموز او بعل او يهوه او ...) ليلقح الارض الأنثى وينعم عليها بفضائله..

مازالت ثقافة المطر (الخير ) موجودة في كل الديانات حتى السماوية او الفضائية حتى يومنا هذا مع العلم أن العلوم الحديثة قد قالت كلمتها في هذا المجال فالمطر هو ظاهرة طبيعية تحدث عند تبخر مياه البحار والمحيطات وتتحول الى بخار الماء وتصعد الى طبقات الجو العليا وتتكثف على شكل غيوم مشبعة بالأبخرة وبعدها تبرد وتتساقط على شكل أمطار وهي بذلك تهطل على الأخيار والاشرار على حد سواء ولا علاقة لإرادة السماء بذلك ..

كذلك الرعد الذي كان يعتقد أنه صوت الإله الغاضب على البشر بحيث يستخدمه للإنتقام من خصومه السياسيين والغير تابعين له في أهواءه وهو الأخر ظاهرة فيزيائية تحدث نتيجة تلاقي شحنات كهربائية سالبة وآخرى موجبة وليس صوت الرب الغاضب على عبيده ..؟

أما بالنسبة لصديقنا الخبز فله قصة طويلة فهو يرمز الى الوفرة والأمن والإستقرار وبالتالي الى الخير من الوجه الأخرللقضية لنأخذ المثال التالي والبسيط وهو يصادفنا بشكل يومي .. عند مرورك في الطريق قد ترى العديد من الفضلات المرمية على الأرض ولتكن خبزاً وتفاحاً وقطعة شوكولا او بسكويت ..

فالتصرف اللارادي واللاواعي من الإنسان المتدين او العربي المحمل بثقافة الغيبية والقدرية المتوارثة وبشكل تلقائي يلتقط قطعة الخبز بإعتبارها نعمة اي (خير) ويهمل او يتغاضى عن بقية المواد الأخرى الملقاة على الأرض رغم ما تحمله من قيمة غذائية في أغلبها أنفع وأفيد من الخبز ومن الثقافة التي تحملها لكن الذي لا يعيه هذا العقل المتكلس هو ان الخبز ومن وراءه القمح هو المقصد فللقمح دلالة رمزية في الموروث الشعبي القديم والمقدسات السابقة فهو رمز للوفرة والعطاء المقدس التي باركتها الألهة القديمة وذلك نتيجة طقوس العبادة المقدسة والجنسية التي كانت تمارس من قبل أتباع تلك الديانات تقرباً للآلهة من أجل كسب ودهم ورضاهم حتى يباركوا محاصيل القمح التي كانت مصدر عيشهم وقوت يومهم بعد استقرارهم في مجتمع زراعي وهجرهم لأعمال الصيد والقنص ..

وقد بقيت تلك الثقافة الموروثة بعد إختراقها العقائد والديانات السماوية والفضائية في اللاوعي والعقل الجمعي للبشر وتنتقل من جيل الى آخر ونرى العديد من دلالاتها واضح المعالم (فالمسيح جسده يرمز الى الخبز والإسلام ضرب الأمثال في حبة القمح واليهود ومأثرهم العجيبة وقصة نبيهم يوسف مع سنابل القمح ..) الى آخر ذلك من حوادث ومواقف درامية عجيبة ..!!

إن هذه الثقافات والأفكار التي تسربت الى عقول البشر وإنتقلت كما تنتقل الصفات الوراثية بحيث أصبحت تشكل ملامح شخصية أساسية في كيان الانسان .. إنها كالوهم او المرض الذي يعشعش في الجسد والعقل رغم أن البعض يعلم حقيقتها ومكانتها إلا أن الإصرار والمكابرة على اعتناقها رغم عدم صحتها يرجع الى سبب رئيسي هو نرجسية العقل البشري المشبع بالأفكار الدينية الغيبية التي تعتمد على الأسطورة في بنائها الدرامي والذي لا يقبل الإعتراف بالخطأ حتى لا يقع ضحية وهم وسراب لطالما كان يشكل له أماناً وموطىء قدم يحميه من ضياع الشخصية التي لطالما إعتادت الإتكالية ..

علينا النظر الى الأمور من منظار أخر آلا وهو الإنسان ... فالإنسان هو مصدر الخير او الشر لأن الأفعال التي تصدر عنه تكون خيَرة بقدر نفعها للناس وشريرة بقدر تسببها بالضرر للأخرين ..

يجب عدم إلغاء دور الإنسان في تقييمنا للأمور على أساس الخير او الشر فبالنهاية هذا وصف أخلاقي وتقييم موضوعي للعمل والسلوك الإنساني والمعيار هو النفع او الضرر الناتج عن ذلك وهذا بدوره يشكل نقطة إنطلاق للبناء عليها في إعادة تشكيل المفاهيم للحكم على الناس بغض النظر عن توجهاتهم الدينية او الغيبية التي لا تنفع ولكن قد تضر في إعاقة مسيرة التطور الحضاري والإنساني بإستخدامها لأدوات وآليات عفى عليها الزمن وأصبحت من الماضي البعيد ولا تلائم عصر العلوم الحديثة ومكانة الإنسان المتمدن ..

اللاذقية 8\12\2012

 www.facebook.com/ihab.ibrahem.54

www.twitter.com/ihab_1975

e.mail:ihab_1975@hotmail.com

gimail:ihabibrahem1975@gmail.com


  • 3

   نشر في 07 يوليوز 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا