دمياط تأخذ بثأر الملك معروف - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

دمياط تأخذ بثأر الملك معروف

مايو 2011

  نشر في 28 أبريل 2020 .

 قدمت الفرقة القومية المسرحية بدمياط عرضا مسرحيا تحت عنوان ( الملك معروف ) والنص الأساسي للعرض من تأليف شوقي عبد الحكيم وإخراج رشدي إبراهيم . ونص الملك معروف مكتوب في سبعينات القرن الماضي وكان يتطرق فيه إلى مشاريع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وعلاقته بالشعب ؛ وكيفية نهايته المشكوك بها ومن المستفيد من هذه النهاية ؟ التي ما يعقبها ردة عن مبادئه . وذلك من خلال هذا الملك معروف الذي قرر أن يمنح الثروة بل والعرش نفسه للشعب وأن يجرد النبلاء والعاطلين بالوراثة من ممتلكاتهم ويمنحها للبسطاء ؛ ولكن الوزير وزوجة الملك معروف نفسه لا يعجبهما هذا الأمر ؛ ويقرران الاستعانة بملك شرير آخر يسيطر ليتدخل في أمر الملك معروف ؛ وفعلا تحدث الانتكاسة ثم موت الملك معروف . وهنا ينتهي نص العرض ؛ ولكن عند شوقي عبد الحكيم يكون هناك طغيان من الوزير والملكة وعودة النبلاء والانتهازيين للتحكم ثانية في مقدرات البلاد وإفقار الشعب ؛ بعد أن كان الملك معروف قد أغناه من قبل ، وهنا أي عند شوقي عبد الحكيم تكون الثورة مبررة ؛ بعد أن زاد طغيان الزمرة الحاكمة وانتزعت المكاسب التي تحققه في عهد الملك معروف . ولكن عند / رشدي إبراهيم مخرج العرض لفرقة دمياط . كان كافيا فقط أن يموت الملك معروف ؛ لتندلع الثورة _ كأن الشعب يأخذ بثأر الملك معروف_. ولكنها لمتكن ثورة ماضوية وإنما هي الثورة المصرية ألآنية، وتتحول خشبة المسرح لتقديم ما يشبه المسرحية التسجيلية لثورة يناير عن طريق شاشات العرض التي سردت بعض الأحداث، والأعلام التي انتشرت فوق المسرح ؛ مستغلا الحالة الآنية التي يعيشها الشعب / الجمهور حاليا. إلى الدرجة التي تشعر معها انك أمام عرضين قدما لك في اقل من ساعة ، عرض انتهى بمقتل الملك معروف ، وعرض آخر يسرد عليك مشاهد الثورة واتخذ من موت الملك معروف وعلامته المكشوفة للجمهور مقدمة له.

عمل المخرج على المزاوجة بين الواقع والماضي من خلال هذه المجموعة التي تدخل قاعة المسرح من بابا الجمهور بشكل احتفالي أشبه بالموالد ؛ ويخرج من هذه المجموعة عدة رواه يتحاورون فيما بينهم فيما يقدمونه الليلة ؛ فيستقرون على حكاية رواية الملك معروف ؛ ومن خلال هذا الحكي تتجسد الشخصيات المروي عنها مثل الملك معروف وزوجته والوزير ... الخ ؛ ويكون هناك بعض التداخلات والمقاطعات بين الرواة وبين الشخصيات المستجلبة حكائيا ؛ ولكنها لا تدخل معها في حوار وإنما هو التوقيف والإرشادات فقط ، وأيضا نجح المخرج في إرساء عمق الدلالة الناتجة عن أن الشعب في الرواية يشترك مع الشعب الآن ؛ حينما يدخل الرواة ومن معهم في مشاهد شعب الملك معروف . ولكن على الجانب الآخر ؛ فإن الاعتماد على هذه التقنية؛ بالإضافة إلى التعديلات التي دخل بها المخرج على متن النص ؛ قد ساعدت أن يكون الأمر أشبه بالسرد المسرحي دون وجود صراع حقيقي على خشبة المسرح خاصة في المشاهد الأولى ؛ واقتصر الصراع على الرواية من جانب من يقومون بالحكي في معظم الأحيان .

كما أن الديكور الذي صممه فادي رمضان لم يكن له أي محل من الإعراب، أو ربما كان فوق مستوى إدراكنا المحدود ة ؛ فنحن أمام كتل لها أشكال غير دالة ،وهي ثابتة لا تتحرك ؛ ليس لأن مقتضى الحال لا يدعو إلى تحريكها وإنما لصعوبة هذا التحريك أساسا ، وربما يبدو أن هذا الديكور موضوع لكي يحاول كل مشاهد أن يبحث عن معنى له ؛ في عرض رسالته واضحة وربما اقتربت من المباشرة في الكثير من الأحيان!! والشيء الوحيد الذي نجح فيه هذا الديكور انه حدد مساحة التمثيل وابتلع عمق المسرح ؛ حتى لا يتعب المخرج نفسه في تحريك الممثلين ؛ ربما. ولكن رشدي إبراهيم _ والذي كان فيما يبدو مجبر على هذا الديكور ، مع ما في هذا من تعارض مع وجهة نظره في العرض_ حاول أن يخفي هذا العيب عن طريق الإضاءة وتوزيعها على خشبة المسرح ؛ فكانت هناك المنابع الداخلية في الديكور ذاته بالإضافة إلى المنابع الخارجية ؛ وعن طريق استخدام الإضاءات المختلفة سواء عن طريق اللون أو المصدر ،كان يحاول أن يعطي بعدا دلاليا في المعنى وأيضا في المكان ؛ بما يتناسب مع الحالة المروي عنها ,أيضا حالة الشخصيات على خشبة المسرح سواء كانت الشخصيات الحاضرة أو المستجلبة ؛ وكان يحاول أن يعطي مؤشرا لتغيير بعض الأماكن في العرض خاصة عند الانتقال من الماضي إلى الآن وبالعكس.

الشيء الوحيد المضيء في هذا الديكور ، كان لتنفيذه كرسي العرش الخاص بالملك معروف ؛ حتى عندما يقرر معروف أن يمنح هذا العرش للشعب فإنه يتفكك إلى ما يشبه المعاول التي يأخذها الشعب ويبدأ بها عملية البناء ؛ ويبدو أن هذا الأمر كان بناء على توجهات المخرج عن طريق نصوره الإخراجي للمشهد .

ولكي تكون هناك معالجة جيدة للفجوات بين الحالة السردية والمسرحة والجمهور ووجهة نظر المخرج التي صمم على قولها في العرض، كانت الاستعانة بالاستعراضات بما تحويها من أشعار وألحان، بالإضافة إلى الحركة التي من المفترض أن تكون معبرة . وللحقيقة فإن كريم خليل مصمم الاستعراضات مازال في بداياته الأولى ، نعم هي بدايات مبشرة وتنبئ عن وجود مصمم استعراض يعتني بالحالة والكلمات التي يصمم عليها الحركة ولا يكتفي بالجانب الجمالي فقط ، وساعة أن يتخلص من الحركات المحفوظة والجمل الحركية التي يجب أن تكرر، سيكون له شأنه في هذا المجال . أما الأشعار ؛ فقد كانت لأحمد فؤاد نجم ومحمد الزكي ، ومع اعترافي بأن الزكي شاعر جيد وقادر على التعبير دراميا ؛ إلا ان السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا الاستعانة بأشعار نجم؟ وإذا كان المخرج على اقتناع بأنه لا يوجد شاعر قادر على كتابة ما يوازي ما كتبه نجم ؛ فلماذا الاستعانة بالشاعر أساسا؟ ، وأنا مع أعطاء الفرصة للزكي لكي يعبر هو عن الحالة فربما خرجت الحالة أفضل أو توازت على الأقل ،وساعتها كان الكل سيكون نسيجا واحدا. أيضا ألحان توفيق فودة، جاءت متسقة مع المنحى العام للعرض واستمدت الجذور التراثية في الموسيقى الشعبية ثم انطلقت منها ؛ مما جعل هناك حالة من الألفة والتجاوب مع العرض من قبل الجمهور ؛ وكانت الحالة الغنائية الاستعراضية هي السمة المسيطرة على العرض ككل ، فكان هناك التجاوب مع الجمهور رغم غياب المسرحة في بعض الأحيان .

هذا بالإضافة إلى أن الممثلين قد اختيروا بعناية لأدوارهم فهالة السادات، الملكة؛ وناصر البشوتي / الملك معروف ؛ وعبد الله أبو النصر/ الملك العون؛ و حاتم قورة / الوزير ؛ قد أدوا أدوارهم وكأنهم هم الشخصيات ؛ وكان أدائهم مقنعا إلى حد كبير رغم البكائية التي ظهرت في بعض الأحيان مع الملك معروف . كما أن حسن النجار وشادي عبد الكريم وكريم خليل في أدوار الخلابيص الذين يقومون بالتشخيص والحكي كانوا جيدين في الدخول والخروج من الحالة وإليها وساعدهم خفة حركنهم وأيضا ما يتمتعون به من سمات كوميدية على التنقل المكاني والحالي في سهولة ويسر ؛ واشترك معهم أيضا علاء زيان وخالد عسل . أما جموع الشعب التي كانت بمثابة الكورس في المشاهد التمثيلية والحركية معا فيحسب لهم الأداء الجيد تمثيليا واستعراضيا ؛ بما جعل المخرج لا يستعين بعناصر حركية فقط ؛ فتحية لمحمد والي وعبد السلام الجندي وأحمد وائل ,احمد تومة ومحمد رضوان ومحمد الغباشي ومحمد الحبال ، ولكن هناك سؤال خرج من الصالة له وجاهته ونوجه للمخرج وهو هل الشعب كله من الرجال ولا توجد به فتاة أو امرأة واحدة؟

وفي النهاية نحن أمام عرض استقبله الجمهور بشكل جيد ، وحاول أن يقدم سببا للحالة التي تمر بها مصر الآن ؛ ومحتفيا بها في نفس الوقت

مجدي الحمزاوي



   نشر في 28 أبريل 2020 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا