عندما سمعوا أن الوطن غالي ..باعوه
الدول العربية ..
نشر في 17 أبريل 2023 وآخر تعديل بتاريخ 11 يونيو 2023 .
تَعلمتْ رويدة منذ إندلاع الحرب أن الأحوال تتغير والظروف تتبدل فلا مكان للإستقرار في وطنها الذي إختنق من رائحة الموت ..
كانت تصرخُ دائما في وجه أختها نور إنتهينا قبل الأوان بكثير , إنتهينا قبل أن نقوم بالإختيارات الخاطئة وقبل أن نسمي أبنائنا ..إنتهينا قبل أن نعانق الوسادة والرسائل !
لم أعد أتحمل هذا التمزق الذي أعيشه بين أزقة بلدتي المتهالكة ..أريدُ الهروب منكِ ومني ومن هذه المشاعر
لما الحرب !!
لما الموت !
نظرتْ لها نور في حسرة ثم قالت :
نحن نتساقط كأوراق الشجر في الخريف فلونها لا يوحي بالحياة تتساقط فقط لأنها دورة الحياة ..
آهٍ من وجع يسكن قلبي كلما مرَّت على ذاكرتي صرخاتنا ونحن أطفال نركض في شوارعنا كأنها حضن الأم .
إلبسي ثوب النسيان رويدة وإجعلي الماضي كحبٍ قديم !
إنتفضت رويدة من الغضب
حتى وإن فعلت ماذا أفعل بالإشتياق ..؟
إمتهني النسيان ..لعلكي تنجحي في التكيف مع حياةِ الإحتمالات التي نعيشها !
ردت رويدة : ما ظننتُك مطيعة !!
نور : ليست طاعة نحن مجبرين على ما حصل !
أريد إستئصال هذا الوجع ..وجع الخذلان و المهانة فلستُ هنية وسعيدة بما يحصل ولكنني أنتظر التمام في قضيتنا فأنا لا أرضى إلا بالتمام!
رويدة : تنتظرين عودة غائبٍ لا يُحب !
نور : القضية ليست في الحب ولا الغياب ولكن بما تعلق بعمق الفؤاد..!
نحن يا رويدة عشقنا الوطن والوطن هوية لا تُنسى بالمشاعر ولا يُمكن التلاعب به مهما فعلوا ولكن هو جزء منا ..نحن مغرمون بهذا الإنتماء !
نور في إستخفاف :
كلما عشقنا بعمق كان الألم أعمق ..ليسوا مثلنا يا رويدة فهم لا يُحبون وطنهم كما نفعل ؟!
نظرت رويدة للأسفل ثم أخرجت من جوفها تنهيدة مثقلة بالخسارة ثم قالت :
معكِ حق ..!
فهم لصوص الوطن ..يضحكني إنبهارنا بهم لحظة التحدث بلهفة عن ما الذي سيفعلون ، تُشبه خُطبهم نوعا ما الشخص المتبلد عاطفيا ..!
أتدرين يا رويدة أحسُّ أنهم يفكرون بجنون يهرعون للهاوية..ما المُغري في هدم وطن ما طولا و عرضا وجعله ينزف حتى الموت !
ما المجنون الذي يُفكر في أخذ ما ليس له وبالقوة!
تعبتُ من رؤية الجثث و أطفال يصرخون ووجوه يملأها الرعب و التيه والخوف ..
رويدة :
هُلكنا جسدا وروحا ..في وطننا بعض من باعوا وإشتروا يعانون من أخطاء طبية فادحة في الرجولة فيجب أن ننتظر عشرون سنة حتى نتأكد من رجولتهم !
إبتسمت نور في إستخفاف ثم نظرت للطاولة فلم تجد سوى كسرة خبز يابسة وبعض من الماء فضحكت حتى تجاوزت شعورها بالحزن فقالت :
كسرة بماء في وطن التين والزيتون !
كانت رويدة تعاني من كسور في رجلها اليسرى فكانت تستند على أختها نور فقالت لها محاولة النهوض :
الغريب أنَّ ساقي لا تؤلمني ولكن ما يؤلمني تلك الثقة التي أعطيناها لهم في لحظة الإحتياج فما أبشَع أن تكذِب على صادق !
قامت نور بمساعدة رويدة على الوقوف بإتجاه القبلة للصلاة فقالت :
كلما تذكرتُ هول الخسارة أحسُّ أنني أتنفس من ثقبِ الإبرة
- 1
-
-
ابتسام الضاويكل كنوز الأرض لا تساوي راحة بالك
التعليقات
لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... ! تابعنا على الفيسبوك
مقالات شيقة ننصح بقراءتها !
مقالات مرتبطة بنفس القسم
ما بين التثقيف والتصفيق فى الجمهورية الجديدة!
دائماً ما كانت «الأنظمة» تستخدم «المثقفين» للترويج لأعمالها ومشروعاتها(هذا إن افترضنا أن هذا النظام يمتلك مشروع بالفعل)، ولكن فى الماضي كانت هناك أنظمة «عاقلة» ومثقفين «موهبين» قادرين على الحفاظ على الحد الأدنى من «الاحترام» والمعقولية فى «الطرح» و فى مستوى
