مـع مـراعاة فـروق التفكيـر .. بقلـم / نـورا محمـد .
نشر في 22 ماي 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
كيف لهذه السماء أن تتزين بكل تلك الأنوار الصغيرة التي تُسمى بالنجوم ؟! , هل هي البواقي من نور الشمس التي تركتها لنا كهدية قبل أن ترحل وتأتي من جديد في الصباح ؟؟ , قال لي أبي أنها تستقر في سماء الليل لتُنير علينا دربنا بدلاً من عتمته القاسية وظلامه الحالك , حسناً سأفكر في أمرها بعد أن أتناول عشائي .. "
" إن ترددت في أخذ القرار لن أستطيع أن أصل لنتيجة واضحة بشأن حياتي ومستقبلي المهني , وإن رفضت ذلك العرض المُغري لا أستطيع أن اُجزم أن أجد مثله من جديد , فماذا أفعل ؟؟ , علي إتخاذ القرار بأسرع وقت والتفكير الجاد الحازم للمرة الأكثر حزماً .. "
" ماذا علي أن أفعل لأثبت حبي الجياش لزوجتي ؟ زوجتي .. التي لم تُدرك بعد كم أنا على إستعداد للتضحية بحياتي من أجل بقاءها وبقاء إبتسامتها مُشتعلة في وجهها , فهي لي الوطن والحياة , ماذا علي أن أفعل ماذا ماذا ؟؟ "
كانت ولا تزال مجرد مُحادثات يومية في عقول البشر , مهما إختلف دينهم أو شكلهم أو لون بشرتهم أو لغتهم , فالبشر دوماً مختلفون , في الطباع والأسلوب وإذا اتفقوا في شئ سيُحولون هذا الإتفاق بشكلاً ما إلى إختلاف وها نحن نعود إلى نقطة البداية مرة أخرى , إختلاف البشر لا يتوقف لحظة , فما أنا عليه يختلف تماماً عما تكون أنت عليه ! , وما أنا أهواه قد تهواه أنت حقاً ولكن ليس بنفس درجتي المُشتعلة , فها هي الحياة تفرض بعض قوانينها من جديد وهو : أيها البشر , لن تتفقوا سوى في الإختلاف , فلا تُرهقوا أنفسكم في محاولة لإيجاد نقطة إلتقاء واحدة تُريح عقلكم الحائر بشأن أمركم ..
ولكن الحياة قبل أن تنص هذا القانون وتفرض تطبيقه علينا قد تغافلت عن الأمر الذي قد يكون هو أشد الأمور في الأهمية , قد تغافلت عن حقيقة العقل البشري , هو ليس بمجرد آلة تعمل طوال ظلام الليل وعلى مدى ضياء النهار , في السراء والضراء لا يكف عن القيام بواجباته الفكرية المُنمقة , إن كنت على مشارف سلالم حياتك وتخطو أولى سنواتك فيها أو قد بلغت من العمر أقصاه وعلى أعتاب توديع الحياة , يعمل ولا يتوقف في سلاسة ومرونة دون أن يرى ذلك العمل شاقاً أو يتطلب أخذ إستراحة منه وإجازات رسمية , هي حقيقة العقل البشري الذي نعلمها بل ونُدركها جميعاً أشد الإدراك ولكن ..
هل تسائلت يوماً عن ماهية عمله ؟ , عن إختلافه بين الشخص والأخر رغم أن التكوين مُتطابق لا يختلف في أي شئ , فنفس الإشارات تُرسل من مركزه إلى جميع أجزاء الجسم ونفس الأجزاء فيه تتركب بنفس النمط ونفس الأداء !! , فكيف يمكن لهذا الشئ المُحير أن يتناسخ في ملايين الملايين من النسخ ويتقاسمها كل البشر وفي التناسخ والتطابق هذا يكمن إختلافه ؟! .. ها أنا أرى قليلاً من الحيرة قد إرتسمت على وجهك أنت الأخر الآن !! .. وبدأ العقل في التحليل ..
العقل ..
إن كان التساؤل الذي يدور في عقل طفلاً لا يتعدى العشر سنوات هي مجرد فكرة عن حقيقة الحياة وأصلها وتطور هذا التساؤل لفكرة والفكرة إلى إدراك والإدراك إلى وعي والوعي إلى تشكيل عقل مفكر قيد التكوين , وإن كانت الفكرة التي تدور في عقل فتاة لم تبلغ من العشرينات سوى خطوات بسيطة هي أن جزءاً من المادة التي تدرسها يحتاج لمزيد من البحث والتقصي لما وجدت فيه علماً جاذب لعقلها الشغوف بكل تفاصيل العلم والعلماء فاتخذت قراراً أن تبحث وتبحث وبذلك البحث إستطاعت أن تصبح عالمة فيزياء , وإن كان الوقت يمر على تلك السيدة المُسنة التي تقضي باقي أيامها في سريرها بين " أربع حيطان " وتخشى أن يزورها الموت بين اللحظة والثانية وهي وحدها فدار على عقلها التساؤل : لما لا أستعين بجيراني ليستقبلوا معي ليل كل يوم في سهرة ضاحكة سامرة حتى لا أشعر بالوحدة ؟ وعليها إستطاعت أن تحول هذا الفراغ والخوف وتلك الوحدة الأشد موتاً من الموت إلى ضحكات وتسامر حتى الصباح المشرق ..
والفكرة كلها تعود إلى : الفكرة ..
فلولا تلك الفكرة التي راودت الطفل والفتاة والمُسنة لما استطاعوا أن ينشقوا على جمود وروتينية الفكر الجاف وبها فقط كان التغيير , فإن خلى العقل من الفكرة فهو كالبحر الذي يخلو من أسماكه , من مظاهر الحياة فيه , كالشاطئ الذي يخلو من رماله وصدفاته , كالقلب الذي يخلو من النبض الذي يحفظ له إتزان حياته , كالحب الذي به ترتقي الحياة وبه يعلو صوت الحياة بكلماته .. فهل أدركت الآن قيمة وجود الفكرة في عقل لطالما أراد أن ينتشله أحد من بحور ظُلماته ؟ ..
ليست الفكرة وحدها هي سر بقاء العقل حياً , فإختلاف الفكرة بيني وبينك وبين هذا وذاك هو الأصل لذلك البقاء , فإن لم تتميز الفكرة بالإختلاف فلن يتضح فيها القيمة , لن تستمر في عالم العقل حية سوى للقليل وبعدها ستهلك وتتحلل وكأنها لم تكن من الأساس !! , وهذا هو الإختلاف الذي نتفق عليه نحن البشر ولا نود أن نختلف فيه , ففي هذا الإختلاف يكمن إتفاقنا ولو إختلفنا فيه لن ولم يكن لوجودنا معنى يُذكر , فــ بهذا الإختلاف نستطيع أن نُكمل بعضاً البعض , نستطيع أن نُساير الحياة بكل تقلباتها , فــ بفكرة بسيطة تراود عقلك يمكن أن تُلهمني بفكرة أخرى " مختلفة كبيرة " أستطيع بها أن أستكمل وضع أحجار أساس وجودي , وبفكرة كبيرة تراودني يمكن أن تُلهمك بفكرة أخرى " مختلفة بسيطة " تستطيع بها أن تستكمل حياتك التي توقفت من أجل أن تجد من يُكمل لك أضلاع فكرتك ..
هذا هو الإختلاف الذي لا نراه يُشكل أي إختلافاً , فإن وجدت من يختلف عنك في أفكاره فلا تنزعج , فهي طبيعة العقل البشري , هكذا فُطرنا وبهذا نقطع سبيل دُنيانا حتى نعبرها إلى حياة أخرى أبدية ..
الفكر الذي يختلف ثم في لحظة تجد أن إختلافه معك هو " إتفاق "واضح وضوح الشمس ! , فهل وجدت فكرتي هذه قد أكملت الضلع الناقص في فكرتك ؟ .. بالطبع , فبعد قرائتك لهذا المقال ستجد ملايين من الأفكار قد تكاثفت على عقلك وأخذت تسيل عليه لتروي ظمأ فكره , والسبب .. مجرد فكرة كُتبت من عقل مختلف عنك وبها إستطاعت أن توهبك أفكاراً أخرى مختلفة أيضاً عن أفكاري , وبهم سنصل لأفضل النتائج ولنهاية طريق الحياة بمنتهى الأمان ..
حسناً .. فلتنشر صيحات فكرك في كل أرجاء الحياة , أجعل صداها يُدوي البشرية ولا تبخل عليها من إختلافك , فبدونها نحن نياماً في عالم ينتفض بالصحوة واليقظة ! ..
التعليقات
حقا كما قتلى فالاختلاف رحمة ولولا تنوع الاذواق لبارت السلع ، و أفكارنا هى الاذواق .
دام قلمك
حقا كما قتلى فالاختلاف رحمة ولولا تنوع الاذواق لبارت السلع ، و أفكارنا هى الاذواق .
دام قلمك