لماذا يمارس بنو آدم عادة التدخين؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

لماذا يمارس بنو آدم عادة التدخين؟

  نشر في 12 غشت 2021  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

أمرٌ غير مخفي عن البشر؛ لدى بنى آدم في الوقت المعاصر عدد من العادات المُبهَمة! يتناوب أهل الأرض على فعل تلك العادات حتى وإن كان بعضها مضر بأجسادهم أو بعقولهم أو بنفوسهم!

فمثلاً: بعض البشر لا يحددون وقتهم بإستغلال الساعات والدقائق والثواني، بل بعدد الأغاني على سبيل التشبيه؛ فيقول أحدهم: "سأفعل الفعل كذا بعدما أستمع إلى ثلاثة أغاني"! وأثناء النوم، يُفَضِل بعض البشر النوم عراة تماماً، مثل ثلث سكان المملكة المتحدة مثلاً – حسب موقع Healthline -.

كل تلك العادات التى يستحدثها بنو البشر – بالنسبة للمعظم منّا – قد تبدو عجيبة، لكن أتعلمون ما الأعجب؟ أن بنو البشر يهوون بعضاً من السنن التى تؤذيهم، مع معرفتهم بذلك! من تلك السنن: التدخين.

تلك العادة الدخيلة المتسللة على الفطرة الطبيعية للكائن البشري؛ حيث أن من طبائع البشر محاولة حفظ صحة وسلامة البدن – باطنه وظاهره - من كل ما يضره؛ يقول الحافظ في سورة البقرة: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، أي، لا تضعوا أنفسكم في موضع ضرر بإرادتكم الحرة.

ونظراً لأن تلك العادة ليست مستحدثة منذ فترة قريبة نسبياً بل تَم ممارستها بواسطة القبائل والسكان الأصليين الأوائل لمنطقة العالم الجديد التى ساهم كولومبس في إجتياحها، فقد يراها البعض عادة ليست بالغريبة أو الجديدة على البشر، ولكن كما أَسلَفت، فهى غريبة بالنسبة للفطرة البشرية.

تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية، أن عدد المدخنين على كوكبنا يتجاوز المليار و300 مليون إنسان، وهو رقم في حقيقته جسيم؛ فإذا قمنا بعملية حسابية بسيطة بقسمة هذا العدد على إجمالي سكان الأرض وضربناه في مئة، سنستنتج أن تقريباً سُدس سكان الأرض هم من فئة المدخنين!

وقطعاً، نسبة مائة بالمائة من تلك الفئة لديهم إدراك كامل بمخاطر تِلك العادة التى يواظبون عليها؛ فهم يعلمون أن التدخين مرتبط إرتباطاً وثيقاً لا ينحل بسرطان الرئتين، ويعلمون أيضاً أنه يؤثر على التنفس لأن لفافة التبغ تحوى بداخلها عدة مواد وغازات كيميائية لها تأثير سلبي مثل أول أكسيد الكربون الذي يُعَد حائلاً بين الدم والأكسجين، وغيرها من المخاطر التى لا يقدر على إحصاؤها إلا الرحمن الرحيم!

والآن، نأتي لسؤال يأخذ حيزاً ليس هيناً من بال الكثير: طالما يعلم البشر بمساوئ التدخين، فلماذا يمارس بنو آدم عادة التدخين؟

الإجابة التي قد تتبادر إلى ذهنك عن هذا الإستفسار، أن البشر يقدمون على التدخين بدايةً بغرض التجربة وإدراك إحساس الأشخاص المدخنين، وبعدها شيئاً فشيئاً يتحول الأمر تدريجياً إلى عادة.

إجابة قد تكون صحيحة، ولكن صدقني، الإجابة النموذجية على ذاك السؤال أعمق من تلك الإجابة المبسطة بكثير؛ حيث أن أن الأمر له جانباً علمياً.

لا يخفى على معظمكم، أن نبات التبغ، المكون الأساسي للفافة التبغ، يحتوي على مادة النيكوتين. والنيكوتين هو مركب عضوي، يحوي جزيئات من عناصر الكربون والهيدروجين والنيتروجين. يبدو في حالته النقية على هيئة سائل فقير اللون والرائحة وذو تكوين زيتي. ويُمثل نسبة خمس بالمائة من كتلة نبتة التبغ ويرتكز وجوده على أوراق النبتة.

ذلك المركب الكيميائي هو مربط الفرس، وهو العنصر الأساسي الذى سنستخدمه في الإجابة عن هذا السؤال المُحير؛ حيث أنه مادة "إدمانية" تؤدي إلى التعاطي. عندما يبدأ المُدخن بإشعال لفافة التبغ ثم يبدأ بإستنشاق الدخان عن طريق الفم، ينطلق النيكوتين من التبغ المشتعل فوراً إلى المخ، ويصل إليه في غضون عشر ثوانٍ على الأكثر، فيعبث بالعقل.

سرعان ما يدخل المدخن في حالة نفسية من السعادة والمزاج الحسن؛ حيث أن النيكوتين يحد من الضغط والتوتر ويُرخِي العضلات، مما يؤدي لشعور المُدخن بالسكينة، ولهذا السبب يتجه أفراد الفئة المدخنة إلى إشعال التبغ وإستنشاقه فوراً عندما يشعرون بضغط أو بغضب لإيصال النيكوتين الموجود فيه إلى المخ فيشعرون بالهدوء.

وعندما تدرك أن حياتنا ليست سهلة ومليئة بالصعاب، فهذا يُفَسِر لك الأمر قليلاً، ويجعلك تفهم لما يزاول ما يفوق البليون شخص على سطح كوكبنا عادة التدخين؛ فهي إحدى الطرق التي تساعدهم على خفض غضبهم أثناء مواجهة العراقيل التي يجدونها في سبيل دنياهم.

عندما يُكثر المضغوط من التدخين للحد من التوتر، فهو يُدخل جرعات منتظمة من النيكوتين إلى جوف عقله، مما يؤدي حتماً لتغيرات فسيولوجية في المخ والدماغ، وهذا حتماً يدفع لإدمان النيكوتين؛ لأن جعل المخ معتاداً على تلك الجرعات من النيكوتين سيؤدي لظهور أعراض انسحابية عند الابتعاد عنه، وهو ما قد لا يتحمله معظم المدخنين، فيتجهون للتدخين بحاجة وبدون حاجة!

مادة النيكوتين هي المُخدر الذي يذل ويقهر المدخنين، اللص الذي يسرق من قوت يومهم، يستخدمه فيليب موريس وغيره من رواد التدخين على الأرض في سرقة صحة وأموال الناس!

وإذا كنت لا تدرك مدى خطر النيكوتين، فدعني أخبرك أن هناك مليار و300 مليون شخص يعيشون على الأرض يشاهدون يومياً ويسمعون عن ضحايا تلك العادة السفيهة، ومع ذلك، فهم لا يمكنهم التوقف عن التدخين!

سُدس سكان الكوكب على خطر عظيم الشأن لا يُستهان به؛ الإدمان على النيكوتين، وللأسف الخطر يظل قائم إلى يوم الدين؛ لأن بالفعل لن يتوقف الجميع منهم أو حتى معظمهم عن مزاولة استنشاق التبغ لاستخلاص النيكوتين، إما لأنهم لا يستطيعون، أو إما أنهم لا يريدون، فكان الله في عون المدخن وغير المدخن الذي ينال منه أذى المدخن أيضاً.



   نشر في 12 غشت 2021  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا