حين يمر القايـْـــد أمام " بائعة الخبز"، بالسوق الشعبي أو بدروب الفقراء . يرى فيها مصدرا آخر للنهب والسلب . يعود الى مكتبه ، يُــرسل خليفته والمقدمين لينتشلوا منها الرغيف والدراهم المعدودات التي تجمعها بتعب وتضعها بمنديل مهتـــرئ .فتثور " بائعة الخبز" غضبا ، وهي تَعُدُّ جهرا دوافع بيعها للخبز .أرملة ومعيلة لسبعة أفواه منهم اثنــــان من ذوي الإعاقة . وقد تحرق ذاتها أمام قهقهات رجالات الدولة دون أن يتدخل أحد لإنفاذها ..فتستشهد بدولة " ملك الفقراء " مثل شهيدة الشعب المغربي المقهور" امِّي فتيحة ". فالدولة لا تعير" بائعة الخبز" أية التفاتة عدى سرقـــــة خبزها.
والشعراء بدورهم منقسمون ؛ منهم من هو مثل القايـْـــد تماما . يرى في قطر الندى العالق على زهرة التوليب هَمُّه ُ الشعري . يقطف الوردة كقاطع الرؤوس بالمملكة العربية السعودية . يمنع الندى من التسرب ، لكي لا يبلل الشفاه اليابسة لبائعة الخبز . يسيج قصيدته العصماء بحجر اللازورد ، و حروف مزخرفــــة كمتارس من زجاج تحمي القصيدة من " التلوث " بهواء الواقع المر .
ويبقى هذا الصنف من الشعراء " قايـْــــد " مهما كحل عينيه بالشعـــــر .
وهناك شعراء نكن لهم ولهن كامل الاحترام والتقدير كالشاعر العراقي الكبير" سعدي يوسف" الذي قال عن نساء " سوق الـمُـصَـلّـى " بمدينة طنجة :
" مطرٌ فوق طنجةَ
... هذا الصباحَ تكون النساءُ بـ " سوق الـمُــصَـلّى " بلا درهمٍ
: كيف يجلسنَ تحت المطرْ
يـبِــعْنَ الخضارَ
وأرغفةَ الخبزِ
والجبنةَ المنزليّــةَ ؟
هذا المطرْ
نعمةٌ للمزارعِ ، للأغنياءِ اللائي يملكونَ المزارعَ
أمّا النساءُ بــ "سوق الـمُـصَـلّى"
النساءُ اللواتي يبِعْنَ الخضارَ وأرغفةَ الخبزِ
والجبنةَ المنزليّةَ....
فلتكُنْ رحمةُ اللهِ خيمتَهنّ التي ليس من رحمةٍ غيرها
في السماءِ السخيّةِ دوماً على الأغنياء!! ""
ــ عبدالمالك ــ