أخاف أن أقترب منك أكثر فأصبح ذلك الإنسان الأناني الجشع الذي يضحي بكل العالم لأجل أن يرضي غروره، أخاف أن أعيد تجربة الحب وأفشل من جديد، أن أعيد تصوير حبي لها في حياتنا، لا يمكنك أن تتخلى عن أي حب يمر في حياتك، أن تتمتع بالنسيان التام، ستظل عاداتك القديمة تذكرك بحبك الأول، والعادات التي اكتسبتها من الحبيب الذي اكتسبت عاداته وطباعه دون أن تدري وافترقتما ولم تفترق عنك العادات ..
نتعايش مع ذكرياتنا أو بالأحرى في كثير من الأحيان نعيش فيها أو عليها، نحن عاشقون خائبون دوما لأننا نفقد من نحب بإرادتنا، بضغط المجتمع علينا، بتخيرنا بين أكثر الأشياء التي نرغب بالاحتفاظ بها، ثم نتخلى عمن نحبهم.
أجلس وحيدا عند نافذتي أراقبك من بعيد وأنت تحاولين إشعال نار الغيرة في قلبي، انفث دخان سيجارتي عليكي علها تمطر نار تطفئ نارك، احتسي قهوتي بصمت تعذبني خيالاتي حيث اراك وأن ترمين راحة يدك بيده مصفقة، إنها أنت بانفتاحك الذي يرهبني بدخولك الغير مستأذن إلى قلوب الآخرين، يبعد بيده خصلة من شعرك التي تمردت فوقعت على وجهك من فعل الرياح، يبعدها كفعل لا يمت للإرادة بصلة وأنا أرى في عينيه الرغبة مشتعلة يكبحها احمرار وجنتيك، حيث تفكين عقدة شعرك وتعيدين ربطها لألا تتمرد خصلة جديدة منها وتضعك بذات الموقف.
اعرف بأن اختيارك لذلك المقعد لم يكن مصادفة، أعرف بأنها الحديقة التي تعشقين التواجد فيها فقط لأنها تطل على نافذتي، تسعدين برؤيتي أتحرق شوقا للوصول إليك ويمنعني جبني وخوفي من كسر قلبك، تردعني ذكرياتي أطفئ السيجارة بعنف كما لو أنني اضع حبي لك فيها..
وأبقى طوال نهاري أجول بين صفحات الانترنت أراقب تجاربي الفاشلة، واحدة كانت من النساء وحدها من حولتني، امرأة أسطورية لا تشبه بكينونتها أحد، إلهة متكبرة متجبرة، سحقت حبنا تحت قدميها وسارت دون أن تودعني، ابتلعت دموعها رغم أنها كانت على وشك أن تموت فيها، سارت مبتسمة قوية كما عرفتها، انتظرت منها أن تراسلني أن تختلق أي صدفة للتواجد معي، لتشعل بي نار الشوق والغيرة كما تقومين أنت الآن بإشعالها، وعادت عاشقة تحتضن حبها بين ذراعيها، لا أنكر بأنني صدمت لدى رؤيتها وهي ترفع حقيبة يدها بيد وتضغط على يده بالأخرى، لم تكن تنتقم مني ولا من ذاتها، هي فقط تجردت مني حتى أنها لم تبادلني الكره. حقدت عليها وتمنيت لو استطيع أن أوقف القدر عند اللحظة التي تودعنا فيها، حينها لم أكن سأضعف أمامها وأودعها منحني القامة، عندها كنت سأقول لها كلمات توجعها، كلمات تظل تؤلم قلبها حتى آخر نفس.
استوقفها غاضبا، اضغط على ذراعها بقوة، تنظر إلي مشفقة علي تزيل يدي بهدوء، وتقول لي دون أن تلتفت :" ألست من أخبرتني ذات يوم بأننا اذا أحببنا شيء بقوة فلنطلق سراحه فإن عاد إلينا فهو لنا وإن لم يعد فهو لم يكن لنا يوما"..وأنا أطلقت سراحي وسراحك ولم نعد ففتحت قلبي لحب أطلقته حتى السماء وعاد الي .. تحرقني كلماتها تؤلمني .. تعذبني، هي حتى لم تسألني عن سبب الرحيل هي فقط غادرت بكبرياء قاتل.
واليوم يا معشوقتي الصغيرة اتيت كي تجرديني من كرهي لها، من آخر ما تبقى من شعور في قلبي اتجاهها، اتيت لتشوهي صورتها المحترقة، أرمي كل ما أمامي على الطاولة أتعثر بقلم قديم أهدتني إياه ذات يوم ومازلت احتفظ به كدليل على أنها أحبتني ولم تكن تتسلى بعاطفتي.
تلك المرأة جعلت مني حديث الشباب، هي من أدخلت السرور على قلبي برفة عين وسحبته كما الروح مني، كدت أن أسلم أوراقي كاملة بعدها لكن حبنا للحياة ..أنانيتنا أقوى بكثير من حبنا للآخرين على ما يبدو، فلا تسأليني عن أشياء أنكر وجودها وأنت تعلمين حق المعرفة بأنها كانت وماتزال وقد لا تغادر عقلي وقلبي.
يقولون بأن الرجل ينسى ولا يسامح، لكنني لم انسى ولم اسامح، لذلك دعيني كما أنا ولا تشفقي على أفكاري التي تجدينها في بعض الأحيان مريضة، دعيني أمر بالسعادة والكآبة، دعيني أذل نفسي أمام رغبتي الجامحة في كرهها والتعلق بك.
التعليقات
أتمنى لك كل التوفيق و السعادة،حفظك الله