المغرب و الاتحاد الأوربي: في ضرورة وضع للنقط على الحروف. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

المغرب و الاتحاد الأوربي: في ضرورة وضع للنقط على الحروف.

  نشر في 06 فبراير 2017 .

بيان وزارة الفلاحة المغربية ضد الاتحاد الأوربي هو أمر يستحق كل الإشادة والتنويه، إذ كان يجب منذ البداية وضع النقط على الحروف بما يجعل شكل وطبيعة العلاقة في إطارها السليم، وذلك بعيدا عن منطق الوصاية الذي كانت تتعامل به أوروبا في علاقتها بجاره الجنوبي.

المغرب كان ملزما ببعث رسائل مباشرة لمن يهمهم الأمر، بأنه من الضروري والمحتم التعامل بمنطق الاحترام الواجب لسيادة الدول، وليس كأنه مجرد "دركي" أو حارس حدود يشتغل تحت إمرة صناع القرار في بروكسيل.

البيان جمع بين لغة التذكير التحذير، الأولى من خلال الإشارة "بنعم" (بكسر النون) المملكة على أوروبا، من خلال التعاون المغربي التام في مختلف الملفات والقضايا التي تؤرق بال القارة العجوز (الهجرة، الإرهاب، المخدرات، الجريمة المنظمة...)، والثانية من خلال إشارة تهديد بإعادة تقييم للعلاقات بين الجانين، و البحث عن شراكات بديلة مع أطراف أخرى كروسيا والهند والصين، فإننا نعتقد أنها كلها كانت إشارات ورسائل موفقة من صناع القرار السياسي بالمغرب تحذيرا وتذكيرا بما يجب أن تكون عليه قواعد اللعبة في علاقته بالاتحاد الأوروبي.

فأوروبا منذ عقود وهي تعتبر المغرب مجرد "دركي"، وتتعامل معه بمنطق حارس الأمن الخاص لحدودها الجنوبية، و حيث يصلح لمهمات محددة كمنع جحافل المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء من العبور نحو الضفة الأخرى، أو مهمة كبح جماح شبكات الاتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة، أو في القضية و الشغل الشاغل و هو محاربة "الإرهاب ومنع أي خلايا أو تيارات متطرفة من الانطلاق من الضفة الجنوبية للمتوسط بما يشكل أي تهديد للأمن الأوربي.

كان منطق المغرب هو التعامل بحسن النية، وكان يعتبر "الخدمة" التي يقدمها لأوروبا تدخل في باب التعاون المشترك، خاصة وأنه كان يتلقى بديل ذلك مساعدات محترمة، لكن مع ذلك أطراف من الضفة الأخرى تصر على اللعب على ذلك الوتر الحساس للمملكة وهو قضية الصحراء، مع أن الجميع يعلم أن توظيف القضية غالبا ما يتم في شكل ابتزاز للمغرب أكثر من حرص على حل المشكل.

ربما قد يكون البيان الأخير بداية لتصحيح وضع العلاقة المختل، وذلك بما يجعلها متوازنة وبمنطق الند للند، إذ ما دامت بروكسيل غير مبالية بمدى حساسية قضية مثل الصحراء للمغاربة، فعلى الأخير اللعب إذا على الأوتار الحساسة للطرف الآخر والبادئ اظلم كما يقول المثل العربي الشهير.

صحيح أنه من السابق لأوانه الحديث تغير استراتيجي في سياسة الرباط في علاقاتها مع الاتحاد الأوربي، لكن من المأمول فعلا من صناع القرار والساسة في البلد الاقتداء ببعض التجارب في هذا الإطار، وخاصة التجربة التركية في تعاملها مع الاتحاد الأوربي.

ففي درس قصير مثلا من تركيا والذي يجب على نظرائهم في هذا البلد استيعابه جيدا، فكلما أرادت هذه الأخيرة تحذير أوربا من المساس بأي من تلك الملفات التي تشكل مسألة أمن قومي للدولة (دعم الانفصاليين الأكراد، الاعتراف بمذابح الأرمن، أو غيرها...)، كانت إحدى الوسائل الناجعة المتبعة لإرغامها للرجوع إلى " جادة الصواب"، هي التهديد بفتح بوابات الحدود على مصراعيها لمئات الآلاف من المهاجرين الذين ينتظرون هم الآخرين الدخول على أحر من الجمر، أو حتى السعي لفرض شروط جديدة إذا ما أرادت أوروبا أن تحمي حدودها.

فتركيا كدولة بشخصية وقرار مستقل تعرف جيدا كيف تمارس "السياسة الحقة" في القرن الواحد والعشرين، إذ لم تعد هي من يلهث وراء نيل ود أوروبا، بل إن الأخيرة بعظمتها وبكاملها هي من تستجدي للجلوس معها على كرسي التفاوض، ببساطة لأن الساهرين وعرابي شأنها الخارجي واعين ومستوعبين جيدا أن أوروبا أكثر حاجة إليه، لذلك هم في موقف تفاوضي أقوى يمكنهم من استغلال الفرصة لنيل كل المكاسب الممكنة.

بالطبع الأمر قد ينظر البعض إلى الأمر انه أشبه بعملية ابتزاز، لكن من قال أن العلاقات الدولية الآن والسياسة بين الدول في العالم لا تسير بمنطق الابتزاز؟، أو ليست المصلحة هي التي تحرك كل دبلوماسيات العالم، بدل "الصداقة" التي توجد فقط في قاموس الدول المغيبة عن الواقع الدولي، أو الدول الضعيفة التي لا تزال تتعامل بمنطق انتظار الصدقات؟.

على العموم البيان يعبر عن  تحسن ملحوظ في عقلية الساسة المغاربة، كما أنه يعطي أمل في تغيير المنطق الذي يحكم في علاقات المغرب الخارجية مع مختلف شركائه، والاهم من ذلك أن البيان هو إشارة إلى فهم واستيعاب عراب الديبلوماسية في البلد على أن منطق "الصداقة" والمنح المجانية لا مكان له اليوم في قاموس العلاقات الدولية، وتبقى الواقعية والبرغماتية هي المعيار  والأساس الوحيد لأي علاقة خارجية مع أي طرف كيفما كان.



   نشر في 06 فبراير 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا