إذا ابدى لسان أي شخص ما يخفيه صدره وأخطأ في حق قبيلة او مجتمع او بلد او طائفه او ديانة. وعلم بعد فوات الاوان ان كلماته وضعته في ورطة وحرج واكتشف متأخرا انها لا تليق وتمنى لو لم يتلفظ بها. من هنا يبدا بعملية البحث عـــــن مخرج طوارئ سوآءا بتحوير الكلمات وتأويلها وسيجد باب مخرج الطوارئ مشرعا على مصراعيه إذا كانت كلماته مـن النوع الدبلوماسي حمالة الأوجه فلا شك سيجد مبتغاه بسهولة ويوضح بعد ذلك بان كلامه فهم على غير معناه وان قصده ليس كذا بل كذا وتنتهي المشكلة في حينها. امــــــا ان كان من النوع الدبش الواضح والمباشر وكلامه لا يحتمل غير معنى واحد فلن يجد لا مخرج طوارئ ولا حتى مخرج طباخين. ولا يوجــد له في هذه الحالة غير حل واحد فقط بان يتعذر بانها مجرد زلة لسان لم تكن مقصودة وجل من لا يسهو ومن الذي لا يخطئ وخذ من التبريرات والترقيع والتجميل.

من المعروف ان زلة اللسان تكون مقبولة إذا كانت في الحدود المسموح بها اجتماعيا كان تكون في خطــــــــا لفظي بسيط في اسم شخص مثلا تقول: أمجد بدل احمد او تقول غافل بدل عاقل. وقد تكون في قــول عبارة تعزية في فرح او عبارة تهنئة في عزاء تعكسها. تحصل كثير فنحن بالنهاية بشر وخطاؤون. كما وقع لاحد الأشخاص وكـــــــــــان معروفا بالذكاء والفصاحة وبارز في قومه ورغم ذلك وقع في زلة اللسان. عندما اتى ليقدم واجب العزاء في متوفي فقال: كل عـــــام وانتو طيبين بدل ان يعزيهم. استغرب الحضور وتلفتوا في بعضهم مندهشين خاصة انها صدرت مــــــــــن شخص معروف وله وضعه الاجتماعي. المهم في شباب صغار كانوا موجودين مـــــــن ضمن الحضـــور أصدروا ضحكــات سخرية ازعجت الرجــــل اسرها في نفسه وجلس وعــرف خطـــاه فاستدرك قائلا: يجامعة الخير عظم الله اجـــركم وأحسن الله عـزاكم أنتم تعرفــون ان لكل شيء زكاة وزكاة الكلام الخطأ فيه ولا يضحك على زكـــــــاة الكلام الى زكاة الرجاجيل وأشار بيده الى من ضحكوا عليه وقلب الطاولة عليهم ورد اعتباره امام الجميع.

وقد تكون زلة اللسان متعمده مثل ما وقع لاحد الساسة المحترفين عندما فاجأه الصحفيين بسؤاله عن مرض رئيس دولة معادية لدولته. فان تشمت به ستتوتر العلاقات وتتعقد ما بين الدولتين أكثر ويزيدها ســـوء وان تمنى له الشفاء قـــد يحسب تقرب وضعف فقال: رب ضارة نافعه. وترك تفسيرهـــا للصحفين. كلمة عبقرية تحمل عدة معاني واخرج نفسه بدبلوماسية عباراته.

يقال انه كان منجم كاذب ذهب اليه بعض المغفلين يسألونه متى سيأتيهم الغيث؟ فقد أجدبوا ومات الزرع وجف الضرع. فان اعطاهم موعد محدد للمطر ولم يأتيهم فسيعرفون انه مخادع وينكشف امره ولكي يخرج نفسه مــــن هذا المأزق قــــــال لهم: لا تخافوا سيأتيكم عاجلا ام اجلا اطمئنوا. ذهبوا من عنده وهم سعداء مستبشرين بما كشفه لهم هذا الكاذب مـــن أستار الغيب التي لا يعلمها الا الله سبحانه. وصادف ان أمطروا بعد شهر فقالوا لقد بشرنا به المنجم لله دره.

يذكر لي صديق قصة طريفة حدثت له وهو طفل يقول: تخاصمت مع ابن جيراننا وبدل ان أوجـــه كلامي لشخصه شملته وشملت اهله بالسباب والشتائم. وعندما أتى والده يشتكيني عند اهلي وكان والدي يعز عليه زعلهم كثيرا. فاخـذ يبرر لهم باني لا اقصد كذا واقصد كذا فيخبروه بكلمة أخــــرى قلتها اشد منها سوءا وكلما برر كلمـة أخبروه بأخرى أفظع منها. اخر شيء لم يجد المسكين غير الكلمة السحرية (زلة اللسان) وانني كنت تحت تأثير الغضب والانفعال فقال له الجــــــــــــار: الي قاله ولدك ما هو زلة لسان هذا رفسة لسان وبقيت العلاقات بيننا متوتره لزمــــن حتى رممت وعـــادة لطبيعتها والسبب كان لساني وشطحاته. ولكنها واقعة افادتني كثيرا في حياتي فكانت اول درس اتعلمه في علم الدبلوماسية. ودمتم سالمين.