بابتسامة ممزوجة بالفخر لما حققته ذاتها. وهي تحضر حفل تخرج ابنها من كلية الحاسوب جامعة صنعاء. تذكرت هيفاء حفل تخرجها من قسم إدارة أعمال بالمعهد الوطني للعلوم الإدارية. وتكريمها بـ (الأم المثابرة والطالبة المتفوقة). فحين قررت العودة إلى المدرسة ومواصلة تعليمها كان ابنها البكر في الصف الأول الثانوي.

تزوجت هيفاء في الرابعة عشر من عمرها، وتركت المدرسة بعد ذلك. تقول عن سبب تركها للمدرسة وموافقتها على الزواج في سن مبكر، الثقافة المجتمعية السائدة آنذاك، التي كانت ترى أن الزواج المبكر للفتاة أفضل من مواصلة التعليم. حتى وإن كانت الفتاة متفوقة في دراستها فمصيرها نهاية الأمر، البيت ورعاية الزوج والأبناء، حيث لا مستقبل لها غير ذلك. لذلك قررت اختصار الطريق وتزوجت وتركت المدرسة، لما كانت مقتنعة به في ذلك الوقت. والآن هي أم لثلاثة أبناء.

أما عن الأسباب التي جعلتها تغير ما كانت تراه صحيح في الماضي، وتعود لمواصلة تعليمها. تقول: "بدأت أشعر بفجوة تتسع بيني وبين النساء المتعلمات. هن أكثر ثقة بالنفس وثقافة وفهم للحياة. وأيضا وصلت إلى مرحلة لم يعد بمقدوري مساعدة أبنائي في مراجعة دروسهم ولا استيعاب ما يتعلمونه".

وتصف هيفاء الظروف التي مرت بها وبأسرتها -وهي طالبة في الجامعة- بالقاسية. حيث يعيش اليمنيون حياة صعبة بسبب الحرب الدائرة منذ أربع سنوات ونيف. والتي أدت إلى انقطاع المرتبات.

تقول: "كانت تمر علينا أيام لا يوجد في بيتنا أي نقود، أو ثمن المواصلات، لأذهب أنا أو أبني إلى الجامعة. مما يضطره أحيانا الذهاب مشيا بالرغم من بعدها عن المكان الذي نعيش فيه. ومع ذلك كله، أزادت قناعتي بصحة القرار الذي اتخذته، وهو رجوعي إلى المدرسة ومواصلة تعليمي الجامعي. ووصلت إلى قناعة تامة، بأنه لن يأتي اليوم الذي اسمح لأبنتي فيه بترك المدرسة أو عدم مواصلتها لتعليمها الجامعي، مهما كانت الظروف".

وتشير الدكتورة صباح الخيشني - أستاذة الصحافة بكلية الإعلام/ جامعة صنعاء - أن الفتيات أكثر التزاما وقدرة على التحصيل العلمي من الفتيان. تقول "في اعتقادي لو أُعطيت الفتاة قدرا من الاهتمام وتحسين الظروف المحيطة بها لتفوقت أكثر وأبدعت في تحصيلها العلمي وأدائها الدراسي".

واليوم أصبحت هيفاء أكثر إيماناً بأن الإنسان هو من يصنع نجاحه أو يقتل طموحه.