قال بصوت هادئ: هل لي بقطعة سُكر؟ قطعة واحدة تكفي.
كنت أتأمل شروده المتيقظ، وقهوته التي تنتظر الرشفة الأولى، ظننت أنه يريد السُّكر، ليعتذر لقهوته على الانتظار، لكنه بدلًا من ذلك، وضعها في الصحن بجانب الفنجان، وعاد لشروده.. هذه المرة لم يشرد في الافق، بل حوَّل نظره للقهوة وقطعة السُّكر.
قلت له مُتسائلًا: ألا تستحق القهوة أن تقطع عليها زمن انتظار؟ وان كانت قطعة السُّكر لا تريد أن تذوب في فنجان قهوتك، لماذا أرغمتها على حضور حفلٍ صامت؟
أجابني كما لو كان يلخص لي شروده ذاك، فقال: أحبُ قهوتي مرة، لا سُكر فيها، أتدري ما معنى أن تستمع بالقهوة وهي مرة! وأن يكون وجود السُّكر أو عدمه لا يعنيك.. أن تملكه وأنت زاهدٌ فيه! أنظر الى قطعة السُّكر وأتساءل هل اختلاطها بجزيئات قهوتي ضروري؟ لا، وجودها يضر، ونكهة قهوتي أفضل بدونها.. أشعر بقوة إرادتي حين تكون بحوزتي، ولا تمتد يدي لها..
أخذ يشرب قهوته بشغف وشبح ابتسامة نصرٍ يرتسم على وجهه، تاركًا قطعة السُّكر وحيدة..