زينب علي الوسطي: ومن القرارات ماقتل..
نشر في 14 غشت 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
لا أعلم بالضبط كيف أبدأ تدوينتي ولا كيف أرتب كلماتي لأحدثكم عن تلك اللحظة، حينما تجد نفسك أمام مفترق طرق تبدو لك فيه المسارات شاسعة، وطويلة غير واضحة المعالم. تجهل تماما ما الذي ينتظرك على الجانب الآخر وما اذا كانت السماء الزرقاء سترافقك طيلة الرحلة أم ستتخلى عنك أمام أول موجة من السحب والعواصف.
لاشئ يبدو واضحا لك، بشكل يصعب عليك فيه إختيار الطريق الأصح و كأن الشلل أصابك و لا تستطيع الحركة في أي اتجاه.. تجد من الفرار و الهروب الحل الأفضل، لكن لا تستطيع ذلك، لأنك مقيد و ملزم بإختيار شيء معين و ترك شيء أخر و كلا الخيارين صعب.. حينها نشعر فقط أننا مخيرون بين شيئين، لا نعرف بعد أيهما الأنسب إلينا لبدء المغامرة و إتخاذ ذلك القرار لأجله هو بدل الأخر.
فالمعظم منا يفضل الركون و إختيار منطقة آمنة من الحياة، و السير في الطرق التي يعرف تضاريسها وخباياها و تتبع خطوات الاخرين، كما أننا غالبا ما نسعى لإرضائهم دون أنفسنا. هذا الإحساس و هذا النوع من المشاعر يقودنا الى التراجع عن كل شيء أو اختيار القرار الذي سيجعل الاخرين راضين عنا .. خوفا أيضا من الالتصاق مجددا بتجارب فاشلة لم تنجح.
يبدو الأمر سهلا وجميلا، لكن فقط عندما يستطيع الشخص إتخاذ قراراته بنفسه، دون حاجة لإستشارة أحد. حين يقول هذا أفضل لي من هذا، و عندما يبطىء التفكير و يبحث كثيرا قبل إتخاذه أي قرار. و حقا يجد ان قراره جيد، و يكون أجمل ان أدرك نتائج ذلك القرار إن لم يكن صحيحا و حاول التعايش معه دون ندم ولا حزن.. و أيضا عندما يكون القرار عادي كقرار إختيار ملابس الخروج أو إختيار لون غرفتك.. هي قرارات بسيطة. لكن عندما يتعلق الأمر بالنوع الاخر من القرارات و الذي هو القرار المصيري، يختلف كل شيء حيث يلزمنا هذا القرار التريث و الحرص على صواب القرار تجنبا من السقوط لأنه قرار سيتحكم في مستقبلنا.. ربما تصبح الحياة صعبة عندما تجد نفسك تتخذ القرار الغلط دائما و إدراك ذلك يكون أقسى. لكن لا شيء أقسى من الخوف..
أن تخاف بعد ذلك من إصلاح القرار إن كان بالإمكان اصلاحه..
أن تخاف من أن تقبله و التقدم خطوة أخرى للأمام..
أن تخاف من ملتقى الطرق، و تتراجع كلما و جدته أمامك..
أحيانا تشعر بأن الحياة غير عادلة وأن الظروف تقيدك من كل جهة، تقرر أن تستسلم للظروف و تترك كل شيء... لأنك تعتقد أنها أقوى من أن يمكن مواجهتها. جميعنا مر من هذه الحالة بدون شك، ولكن منا من إستسلم بالفعل و أضاع طريقه بسبب عدم قدرته على إتخاد أي القرار، أو اتخاده القرار الخطأ ..
الحياة عندما تضعك أمام تجربة ما، فتلك التجربة إذ لم تحييك فلن تميتك، و خوفك من أن تقرر و تختار خوفا من ذلك القرار أو خوفا من المجتمع أو أي شيء آخر.
فأنت قررت حينها ب أن تكون جبانا، عوض أن تمنح لنفسك فرصة لتغيير حياتك.
عندما يتم تعنيف زوجة من طرف زوجها، يوما بعد يوم تعي أن الحياة معه أصبحت أسوء لكنها ترضى بالذل و الاهانة خوفا من كلمة مطلقة بدل من أن تختار البعد عنه و عن العيش معه.
عندما تغتصب فتاة فتختار الزواج من مغتصبها حفاظا على سمعتها عوض أن تنتقم منه بشتى الطرق خوفا من نظرة المجتمع و كلامه.
عندما تفتح أمامك فرصة للدراسة بالخارج أو العمل في بلد بعيد ف تقرر البقاء في مكانك خوفا من الغربة و الوحدة و خوفا من العيش في ذلك البلد الغريب.
عندما تختارين الزواج برجل لا تريدينه تهربا من كلمة عانس، كأن تلك فرصة لاتعوض لك.
عندما يطرح الاستاذ عليك سؤالا تفضل الصمت، عوض الإجابة حتى و إن كنت تعرف الجواب... عندما يرزقك الله بطفل تختار التخلي عنه لأن وضعك المادي سيء.. عندما تقرر إنهاء حياتك بجرعة زائدة من الدواء أو إختناقا بالغاز أو.. لتراكم الديون أو لسبب آخر..
عندما تقرر التخلي عن أمك أو أبيك لعدم قدرتك على تحمل مصاريفهم أو لتحقيق رغبة زوجتك.
كل هذه القرارات و غيرها نتخذها أحيانا خوفا من شيء ما. دون تفكير مسبق في أنفسنا. و أحيانا بتفكير متسرع بسبب الغضب أو البحث عن الأسهل، دون أن تسأل نفسك هل هذا سيكون من مصلحتك و مصلحة الاخرين؟؟؟
لاتنسى أن تحرر نفسك من مخاوفك كيفما كانت، و أن تضع كل الإحتمالات أمام أعينك و لا تتردد في إختيار قرار ينهي معاناتك و يرزقك السلام الداخلي قرره دون تردد.
-
زينب علي الوسطيطالبة بكلية العلوم القانونية تخصص قانون خاص، أشارك العالم نظرتي من خلال التدوين، شغوفة بالكتابة و القراءة و مصممة صور.