طّلت قضية الصحراء المغربية إلى المشهد السياسي هذه الأيام ، خاصة بعد وفاة زعيم جبهة البوليساريو السيد محمد بن عبد العزيز و الأب الروحي لها ، و مع وفاته عاد النقاش حول تاريخ العلاقات المغربية الجزائرية بما أن قضية الصحراء هي لب الصراع المغربي الجزائري، حيث شهدت العلاقات بينهما عدة منعطفات، بين الحرب تارة وإقامة جسور المودة والتعاون تارة اخرى.

تشكل بؤر الصراع المرتبطة بقضايا الحدود و المطالب الإقليمية مجالا مهماً لهذه الصراعات ،تمثلت أساسا في الخلاف على الحدود بين مصر و السودان بخصوص حلايب ، والمطالب العراقية بضم الكويت عام 1961 و 1991 ،وصراعات الحدود بين المغرب و الجزائر والتي تصاعدت مع بروز قضية الصحراء المغربية، والنزاع بين قطر و البحرين بشأن جزر حوار وغيرها من الخلافات .

و يمكن إعتبار النزاع الحدودي بين المغرب و الجزائر النموذج الأمثل لظاهرة الصراعات العربية -العربية، إذ تتفاعل فيه العوامل الجغرافية والتاريخية و السياسية و القبلية والإجتماعية .

ففي 1844 تمثل اللحظة الذي سجلت فيها مظاهر التعاون بين البلدين،لاسيما و أنها السنة التي اندلعت فيها حرب إسلي التي اعتبرها البعض" أم الأزمات"، وتجلت مظاهر التعاون المغربي مع المقاومة الجزائرية ضد الإحتلال الفرنسي، مما سيتمخض عن ذلك، توقيع معاهدة للامغنية 1845، وهي المعاهدة التي أدت إلى انتقاص من التراب المغربي ليضاف إلى التراب الجزائري .

كان يتوقع البعض، أنه بعد حصول الجزائر على إستقلالها ستبدأ عملية التسوية بشأن الحدود بينها و بين المغرب، غير أنها ستكون بداية لإستفحال الأزمة بين البلدين،حيث ستدافع الجزائر عن حدودها كما تركها الإستعمار الفرنسي، في حين، سيطالب المغرب بحدوده كما كانت قبل مجيء الإستعمار و التي تمثل معاهدة للامغنية إطاراً مرجعياً لها.

أدت هذه المشكلة الحدودية إلى مواجهة عسكرية عرفت بحرب الرمال سنة 1963، شكلت محور الأزمة التي عانت منها المنطقة كثيراً، بل هي تلك العقدة المتراكمة .

وفي سنة1969عادت العلاقت بين البلدين مرة اخرى بعد إعتراف المغرب دبلوماسيا بموريتانيا ، وتنازله عن إسترجاع منطقة تندوف ، كانت ستكون بمثابة نقلة تاريخية ، لكن للأسف إنهار كل شيء بعد إعتراف الجزائر بفكرة" الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" سنة 1976،مما أدى إلى قرار قطع المغرب علاقاته مع الجزائر.

ولم تتوقف الجزائر عند هذا الحد بل إستخدمت أساليب عدة لإيجاد إعتراف دولي بالدولة "المبتسرة" المشوهة ، لتصبح قضية الصحراء هي المحور الأساسي المتحكم في العلاقات بين البلدين .

و لولا طبيعة المد و الجزر الذي يتحكم في تشكيل موازين القوى في المنطقة و علاقة ذلك بالوضع الداخلي لكل من البلدين لأدى ذلك إلى مواجهة مفتوحة، إلا أن هناك حرصاً على عدم المغامرة بالوصول إلى مواجهة كاملة، وهنا توجد ملاحظتين.

الأولى : هو رغبة الجزائر في ألا يكون هناك تطبيع كامل، والثانية هو التحكم في درجة التوتر، من خلال تكريس فرضية مؤدها أن النزاع في الصحراء هو نزاع ثنائي بين المغرب و جبهة البوليساريو لتظل الجزائر بعيدة عن المشهد في الوقت التى تمسك بكل الخيوط الصراع ذ.

وكحال أي نزاع عربي - عربي نجد القوى الأقليمية و الدولية حاضرة للتدخل، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى" تدويل" النزاع مما ينتج عنه تعقد المشكلة وليس حلها .

ولأن الصحراء المغربية لها مكانتها الإستراتيجية ، لذك سعت الدول الكبرى كفرنسا واسبانيا وامريكا للتواجد حفظا على مصالحها المستقبلية .

و كان من شأن الإتحاد المغرب العربي، كإطار إقليمي للتعاون أن يزيد التقارب الدبلوماسي المبني الإحترام المتبادل وعدم السماح لأي نشاط أو حركة قد تهدد وحدة ترابهما .

لكن الصعوبات التي لقيها مخطط السلام منذ سنة1991 "الإستفتاء" إلى المقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي 2006 تجعل من قضية الصحراء المغربية عاملاً لعدم الاستقرار في المنطقة.

لماذا لا يبسط كل فريق يده للآخر لتنتهي هذه المشكلة على خير و نتوجه جميعا الى إعمار بلداننا ..

 { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}