هل الحياة فعلاً في طريقها القريب إلى الزوال - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

هل الحياة فعلاً في طريقها القريب إلى الزوال

  نشر في 25 يناير 2020 .

هل الحياة فعلاً في طريقها القريب إلى الزوال؟

هيام فؤاد ضمرة

مصطلح نهاية العالم، ويوم الحشر العظيم، وانخساف الدنيا، وانقلاب شروق الشمس مع غروبها، كلها تعني أمراً واحداً لا غير، ألا وهو انتهاء الحياة وانقراض الحيوات وتدمير الأرض، وكلها وردت تقريباً في مضمون كل الديانات، السماوية منها وغير السماوية، وحملتها كذلك الأساطير في مروياتها وروحانياتها من المثيولوجيات الشعبية، واستكالوجيات روحانيات الأقوام، وفي أفلام ومسلسلات الخيال العلمي.

ولأن الباحثين لا يستثنون أي من الفرضيات، فإنهم لا يفتأون يواصلون البحث ويستغرقون في تحليل كل البوادر، ويقارنوها بالأحداث السابقة ليستدلوا عما يمكن حدوثه بالمستقبل الذي لم يعد بعيداً على ما خرجوا به من نتائج.

خاصة أن السجل الأحفوري سجل عدداً من مراحل الانقراضات الجماعية على سطح كوكبنا لبعض الحيوات خلال عمر الأرض، كان سبب حدوثها حسب فرضيات العلماء، تنافس الثديات، أو تفشي الأوبئة، أو الجفاف وفقدان الأغذية والمجاعات، أوالكوارث الطبيعية الضخمة المفاجئة.

وحين ظهر السلاح النووي ارتبط مفهوم الزوال وانقراض البشرية بالتلوث الإشعاعي، أو بحرب كونية مجنونة يتخذ فيها قرارات أشد جنوناً خلال أزمات وخلافات الأمم.

وكذلك حين التوصل لأدوات حرب جرثومية وفيروسية قاتلة ومدمرة للبيئة، صدرت التحذيرات من نتائجها الخطيرة على البشرية وعلى الكوكب، وخرج العالم يطالب بالحد من السلاح النووي والأسلحة الجرثومية الخطرة، وقد استثنى منها الدول العظمى وبعض الدول تم الانحياز لها لأسباب سياسية واستعمارية بحتة.

إلى أن توصلت الأبحاث العلمية العميقة إلى موضوع الإحتباس الحراري، الذي من الممكن أن يتسبب في نقص متواصل لأوكسجين طبقة الغلاف الجوي المحيط بالأرض نتيجة موت البلانكتون الدقيقة، وتحرير كبريتات الهيدروجين المميت لكل أشكل الحياة وأولها البحرية.

وظلت مسألة طرح السيناريوها تتوارد إلى عقل الباحثين والدارسين، فيردوها تارة إلى إمكانية انفجار كوكب الأرض كون باطنه عبارة عن مرجل مشتعل، وتبريدة سيقلص بالإنكماش حجم الكوكب مما يؤدي إلى تفتته، وسيقضي ذلك على مغناطيسية الكوكب فيفقد بالتالي غلافه الجوي، وسيفتح هذا المجال للرياح الشمسية لعبور غلاف الأرض وقصف سطحه بجزيئات الطاقة وتدميره، وتارة أخرى إلى ارتطام وابل من المذنبات الضخمة بسطح الكرة الأرضية، أو انحراف الأرض عن مدارها وبالتالي يتغير خواص غلافها، أو تطور حجم كوكب الشمس لمرحلة العملقة وتضخم الأشعة الهابطة إلى الأرض، كل الاحتمالات ما زالت إما تبقى في نطاق الاحتمالات أو هي نتيحة تحليل ظروف ظاهرة للعيان.

كمثل ظاهرة الاحتباس الحراري وتعرض كوكب الأرض للاحترار التي ولدتها الممارسات البشرية في هذا العصر الذي يجري فيه تسارع في التطورات الحضارية بشكل مطرد، مع زيادة كمية أكسيد الكربون وغاز الميثان وغازات أخرى في الأجواء، وهي غازات تسمى الغازات الدفيئة لأنها تساهم في رفع درجات الحرارة في أجواء الأرض، وهو ما يحدث حالياً، فقد لوحظ وجود تغير في مستوى درجات الحرارة الآن عن السابق بحدود الضعف، وهناك احتمالات بزيادتها أكثر، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع منسوب سطح البحار والمحيطات، وتغير كمية ونمط هطول الأمطار، وتمدد حالات التصحر، وانحسار المناطق الجليدية بذوبان كميات هائلة من ثلوج القارات المتجدة، وأنكماش حجم غابات الأمازون المطيرة، وزيادة حدة الأحداث المناخية المتطرفة والمتطورة باتجاه المخاطر، والتغير بمواسم الزراعة وبحجم المحاصيل الزراعية، وتغير بالأوبئة التي تصيبها، وحدوث انقراض لبعض الأجناس من الحيوات.

وما زالت سيناريوهات الزوال ونهاية الحياة الكونية تأخذ لها صدىً عال وتصورات واحتمالات كثيرة، ستؤدي لا محالة إلى الموت الحراري للكون، وظلت هذه الاحتمالات تتوسع باطراد وتغرق عقول الباحثين بالتفكير بها وتحليل جزيئياتها.

لكن.. أليس الإنسان نفسه بممارساته خلال ثورته الحضارية، متهم بتدمير الكون والتسبب بنهاية الحياة ما لم يتخذ لنفسه اجراءات السلامة قبل استفحال الأمر؟

فمن ذا يمكنه أن يتحمل المسؤولية ويوقف الإنسان عن تدمير هذا الكوكب الذي نعيش عليه، فقد باتت بعض المزاولات التي يرتكبها الإنسان في امتلاك حضارته المتقدمة، بما فيها النواحي الإقتصادية في التصنيع تشكل خطراً هائلاً على البيئة والإنسان من الصعب التغاضي عنه، ففي غمرة التطور الحضاري الإنساني، وازدياد حدة التنافس، واحتدام الصراع على السيطرة والهيمنة والتملك، وتحصيل الثروات الهائلة، أغفل العالم الصناعي عاقبة التغول على البيئة حتى أوصلوها للحال الكارثي.

وجاء تمدد الحضارة ليجري على حساب الحياة والبيئة، وما زالت الولايات المتحدة تتصدر قائمة الدول التي تتسبب في تدمير البيئة، والدراسات تتواصل على قدم وساق ترصد اتساع حجم ثقب الأوزون، والتغير المناخي على سطح الأرض، وتدرس أسباب تدمير البيئة البرية وما تبقى منها سالماً لم تطاله يد الإنسان، فقد بلغ حجم الطبيعة البرية المدمرة 10% من البرية على مدى خمساً وعشرين عاماً فقط، تقدر ب 23% من حجم اليابسة.

والانسحاق الشديد في علم الكونيات المادية، هي أحد السيناريوهات المحتملة لمصير الكون، بسبب طاقة الإنفجار العظيم الذي كان حصل بالكون قبل ملايين السنين، وتباطوء سرعة التوسع فيه مما سيجعل قوة الجاذبية تتفوق فتندفع المجرات والكواكب نحو مركز الكون الشمس لتعود كتلة واحدة كسابق عهدها.

ومع ظهور الوعي البيئي بين نخبة العلماء والباحثين من خلال تحديد الإشكالية وتساؤلاتها وضبط أهدافها، فقد خلصوا إلى حقيقة مفادها أن كوكب الأرض وما عليها من حياة مهددان بالزوال، ومن هنا برز الاهتمام الجذري بالبيئة، والبحث الحثيث عن وسائل إنقاذها من ربقة المتنافسين على المنافع وحصد المال، فيما هم يتسببون بتدمير بيئة وأجواء الأرض وطبقة غازاته الصالحة للحياة.

مما جعل الباحث الأكاديمي جيمس واتسن من جامعة كوينسلاند الاسترالية يطلق ناقوس الخطر ويحذر الحكومات للتحرك وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وشدد بضرورة الحاجة إلى القيام بخطوة استباقية لحماية الحياة البرية الطبيعية قبل أن تفنى وتؤول البيئة إلى خراب.

لكن هناك مخاطر عديدة تهدد الكرة الأرضية وإنسانها، منها إزالة مساحات شاسعة من الغابات في أمريكا الجنوبية والقارة الإفريقية لتحويلها إلى أراضي للزراعة أو لإقامة المجمعات السكانية مع زيادة التعداد السكاني

فأستراليا على سبيل المثال فقدت حوالي نصف مساحة القارة من مناطقها البرية بما تحتويه من حياة برية من حيوانات وطيور تعيش بأنحائها، وهذا العام قضى الحريق الهائل الرهيب على مليار حيوان وطائر كانت تلوذ بغاباتها وتحيي البيئة بوجودها، ويعتبر هذا الحريق أكبر كارثة بيئية للحياة النباتية والحيوانية في العالم وأكبر متسبب في توسيع ثقب الأوزون والتغير المناخي خلال السنوات القادمة.

ولعل الخبر الأكثر تشاؤما ذلك الذي أطلقه عالم الفيزياء البريطاني ستيفن هوكينغ الأكثر شهرة، فقد أطلق تحذيراً مفاده أن الحياة على سطح الكرة الأرضية سوف تؤول إلى زوال، وسينقرض العنصر البشري من الكون في غضون 600 عام فقط، وأمام البشرية فرصة 200 عام فقط للخروج خارج كوكب الأرض والهروب منها قبل مواجهة الإنهيار الحتمي، وسوف تتحول الكرة الأرضية في توقعاتهم إلى كتلة نارية غير صالحة للحياة، بفعل التغيير البيئي والارتفاع المضطرد بالحرارة، وزيادة الطلب على الطاقة، وتزايد التصنيع الملوث للبيئة، وازدياد حرائق الغابات بفعل ارتفاع درجات حرارة الجو، وزيادة الكوارث الطبيعية غير المسبوقة بسبب التدمير البيئي وتوسع ثقب الأوزون.

وفي المجال الصناعي هناك مستثمرون في صناعة الوقود الإحفوري يعملون بطاقة عالية جداً، وباستثمارات مهولة بلغت أرقاما خيالية، كان أكثرهم ثراءً على الإطلاق جيمي ديمون المسمى بملك الكربون، المدير التنفيذي لأحد أكبر البنوك المساهمة في التسبب بأزمة التغيير المناخي نتيجة عظم استثماراته بالفحم الأحفوري التي بلغت حوالي 195 مليار دولار في قطاع الوقود الأحفوري وهو الآن يرزح تحت ضغوط هائلة لتخفيض استثماره بهدف السيطرة على التدمير البيئي للكرة الأرضية

وهناك تصور للعالم البريطاني ستيفن هوكينج أن على البشرية أن تفكر جادة بإعتماد الكوكب ألفا كنتارو لاختيارة كبديل للأرض، للإنتقال للعيش عليه كونه الأقرب لطبيعة الكرة الأرضية، وهناك نية لإطلاق أول مسبار استطلاعي باتجاه هذا الكوكب.

وبنفس الوقت هناك اختراع خارق يجري العمل على تطويره سيمكن العلماء من الوصول إلى المريخ في أقل من ساعة واحدة إذا ما نجح.

وهناك تهديدا آخر لا يقل خطورة عما ذكرناه، ألا وهو الصناعات الألكترونية المتطورة والروبوت الذكي، فالإنسان حالياً يقوم باختراع فيروسات إلكترونية تؤهله لتطوير الذكاء الصناعي القادر على التكاثر باستنساخ الذات، مما سيؤدي حتماً إلى ولادة شكل جديد من الحياة سيتفوق على الإنسان، فالتطور السريع للذكاء الألكتروني يشكل خطورة على البشرية في حال حل الروبوت محل البشر بالتفكير مستقبلاً، وفكرت هذه بالتخلص من البشر كجهة منافسة

وظهرت شركة هولندية إسمها (مارس وان) أخذت التحذيرات على محمل الجد، وعزمت على تنظيم أول رحلة إلى كوكب المريخ ذي الجاذبية العالية بلا عودة، لأن العلم هنا حتى هذه اللحظة لا يملك وسيلة لانفلات المركبة من هذه الجاذبية في حال لو أرادت العودة إلى الأرض، تقدم لهذه الرحلة عدة ألاف من المتطوعين من عدد من دول من العالم، رغم أنه لا يوجد على الكوكب ماء بسبب طبقة الغلاف الجوي الرقيقة والباردة المكونة من ثاني أكسيد الكربون، ليقيموا هناك إلى الأبد، ويأخذوا معهم بذورا وأشتالاً لأشجار مثمرة رغم كون المريخ يحمل إسم الكوكب الأحمر لوجود كميات كبيرة من أكسيد الحديد، وينشئوا أول مستعمرة بشرية تتكيف مع ظروف الكوكب، تفتح المجال لغيرها، وينتظر أن تُحقق هذه الخطوة عام 2026م أي بعد ست سنوات من الآن، والعمل ما زال جاري على تصميم مركبة قادرة على العودة لإرسال رحلة استكشافية قبلها تكشف مدى إمكانية الحياة على سطحه.

وأمام كل ظواهر المخاطر التي تحيق بالأرض لم يجدوا بداً من إعداد ساعة القيامة ومتابعتها حسب معايير خاصة وضعت لقياس زمن اقتراب ساعة الانهيار الأعظم، بما يظهر من تغير على وجه الأرض من تزايد عدد الدول التي تمتلك السلاح النووي، ومن تغيرات مناخية تتزايد باطراد، ومن مسببات في تدمير بيئي خطر، فقد رأوا أن إعداد هذه الساعة بات ضرورياً، ليظلوا على متابعة دائمة لمؤشرات ساعة الفصل، فتم إعداد الساعة عام 1947م ووضع لها معايير قياس دقيقة لكافة التقنيات التخريبية تلك التي ستؤدي إلى الخاتمة الدرامية الماحقة.

في كل الأحوال لا علم لأحد بالنهاية على وجه التحديد، ولا بأي صورة سينتهي الكون، فلا يزال أمام العلماء والباحثين الكثير عن ماهية الحركة الكونية، وتأثير الثقوب السوداء على الطاقة أو على الجاذبية أو على درجات الحرارة ارتفاعا أو انجمادا، وتظل هذه المشروحات مجرد توقعات، وإن كان بعضها قائم على دراسات فيزيائية أو تكتيكية، فهي بالنهاية ترتكز على تخمينات ما يمكن تطوره مستقبلاً.


  • 1

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 25 يناير 2020 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا