نشر في 30 شتنبر 2019 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
توالت الايام بطولها وعرضها..بحلوها وضنكها..وانتهت العطلة الصيفية لطلاب المدارس..وها نحن مقبلون على بدء السنة الجديدة..
كان لزاما على المستجدين من الطلاب ان يتوجهوا الى مدارسهم لاستكمال اجراءات الالتحاق والقبول في الصف الاول الابتدائي..
كانت المسافة بين المدرسة وبيته خمس كيلومترات..بوديانها..وصخورها ووعورة الطريق اليها..لكن كل هذا لم يحدث اي هم داخله،فطبيعة حياته ونشأته الريفية صقلته تماما..كان كل همه ان يعيش الحياة بطبيعتها كما يعيشها اقرانه..فهو لم يعش طفولته
كان يجمع مصروفه وما يحصل عليه من عمله في المزارع ليدفع رسوم المدرسة ونفقاتها..
التسجيل في الصف الاول الابتدائي:
كان يوما عصيبا عليه وعلى امه،ذهب معها مشيا بحذاء مقطوع ومع ذلك كانت الفرحة تتسع لها الدنيا في قلبه..قدمت امه اوراقه من شهادة ميلاد وكروت التطعيمات وصور شخصية ودفتر العائلة ...الخ.
ولكن بقي الجزء الاهم..الرسوووووووم،فهو يعيش في بلد ليس فيها اي شيء مجاني،حتى الهواء الذي يتنفسه لا بد ان يدفع ثمنه!!
طلبوا من والدته مبلغا لتغطية الرسوم والنفقات،اغرورقت عينا امه بالدموع فهي لا تملك هذا المبلغ..شعر الطفل في تلك اللحظة انهم يغتالون حلمه كما اغتالت الدنيا طفولته.
قدمت الام خاتم زواجها كتأمين لهم حتى تستطيع تأمين ما تبقى من رسوم ونفقات،لكنهم رفضوا بحجة ان وزارة التربية تريد المبلغ نقودا...اي ظلم هذا؟!قال الطفل ببرائته ووداعة نظراته لذلك الموظف البدين البغيض.
عاد وامه يجرون اذيال الفشل،حتى انه شعر ان حلمه بدخول المدرسة بدأ يتحطم..
في طريق العودة- والام تحاول اخفاء دموعها-مع تتابع اسئلته،لماذا لم يقبلوني في المدرسة؟ هل ستؤجلين دخولي المدرسة للعام القادم؟لماذا لا اذهب مع ابن عمي فلان الى المدرسة؟والام تبكي بحرقة حتى كاد قلبها ان يتفطر!!
وصل مع امه الى بيتهما المتواضع ،هرب الى زاوية في البيت يبكي..
توضات امه للصلاة ودموعها تغنيها عن الماء الذي اختلط بها..الله اكبر ،قرأت الفاتحة وبدأت صلاتها،كان ينظر اليها وكاني به يقول:"انت معزوفتي الجريئة التي يتراقص عندها العالم باقدام حافية"..
اكملت الام صلاتها ودعت بما شاء الله لها ان تدعو..ثم قامت تبحث في ارجاء البيت عن لقيمات تسد به جوعها وجوع فلذة كبدها..
عم المساء،وجاء الوالد والاخ الاكبر من عملهما..مع الاسف في ذلك اليوم لم يوفقا في بيع جميع ما التقطوه من المزارع اللاتي يعملون بها مقابل اجر زهيد..
اتسعت دائرة الكآبة على كل من البيت واولهم ذلك الطفل الذي شعر ان حلمه -قاب قوسين او ادنى-سيتحطم شيئا فشيئا.
قررت الام بيع خاتم زواجها وهو ما تبقى لها من ذهب عرسها..هاجت الاصوات وماجت ما بين موافق ومعارض...وفي النهاية كانت الغلبة لمن وافق على بيعه...
-
Dallashوَإِنِّي أَتَجَاهَلُ وَلَسْتُ بِجَاهِلٍ غَضِيضُ الْبَصَرِ وَلَسْتُ أَعْمَى وَإِنِّيْ حَلِيمٌ وَلَسْتُ بِحَالِمٍ حَصِيفُ الْكَلِمِ وَلَسْتُ أَسْمَى مَاهِر بَاكِير