عبقرية امرأة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

عبقرية امرأة

سميرة بيطام

  نشر في 09 ديسمبر 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

خطاب لكل امرأة قوية الشخصية قاومت و ثبتت و لم تتنازل عن شرف التتويج بأروع الألقاب و سط كوم العراقيل البالية ، و لكن البداية سيداتي و لكن ليس سادتي فالخطاب لكل حرة تعبت و كافحت و أثبتت للعالم أنها انتصرت و نجحت في اختبارات الحياة ، و لن يكون مانعا في خطاب موالي هو للسادة الأفاضل ، فالعدل مني واجب فمرحبا بالجميع دون استثناء....

ترنحت تمشي فوق سيل جارف من المكائد ، تعي جيدا حجم الضرر المحيط بها و لكنها تراقب و لا تتكلم ، في رصيدها حبل من صبر خالد خلود اسمها الراقي جدا، أوقفت سيارتها على ركن من مغامرة تعلم أنه عليها لعب أوراق مغلوطة عن المرأة ، حتى تتمكن من تسلق النجاح برفق ، لم تنزع نظارتها السوداء قبل أن تتكلم ، و من المفارقة الحديث دون نظارات هو عين الصواب في الاحترام ، هو التعمد منها لتلغي أي فهم لما يجول في أجندة اليوم ، لملمت بلغة مفهومة و تركت المخاطب يسأل و يكرر السؤال عما تريده صاحبة الصبر الطويل ، لم يفهم شيئا فلم تعد السؤال لأنها أبدت هي الأخرى استعداد لأن لا تجيب ، تنحى لها الجمهور الواقف بالانتظار لتلقي كلمة ترحيب ، فانتبه لها المعجبون في امتداد للرقاب يتطلعون إلى الكلام ، افتتحت بالسلام و ركزت على محور المرأة البطولية في بناء الأسرة و المجتمع و بتحديد تلكم المخاطر التي تتعرض لها دون أن تتعرض للحماية الرجولية ، لم يكن في الخطاب إلا سلاسة الكلمات ووضوح المعنى أن الأم و الأخت و الزوجة كيان قابل للانكسار تحت تأثير ضغط او سوء معاملة إن لم تحظى هذه المرأة في مجموع النساء اللواتي مثلتهن أحسن تمثيل ، هي محاولة اتهامها بأنها لا تعرف الدفاع عن نفسها ، في حين علمها كان دفاعا بارعا و أخلاقها كانت وجاءا لها من مخاطر المجتمع حينما لا يريد للمرأة حياة أخرى على ضفاف الاحترام ، ليس يهم المحاضرة الآن أن تلوح بما يشككه الغيورون من المرأة الطموحة لكنها لخصت الكفاح أنه مسيرة عذاب و صبر و تحد ، و أن النجاح هو مشوار من مخاطر ، و لن يكون للمرأة إلا أن تعرف كيف تحمي نفسها من تبعات العناد للرجل الذي لا يفضل لها إلا المطبخ و الغسيل و الصمت وقت ظلمها و لو أن هذه المهنة النسائية شريفة و لا نقاش فيها ، و لكن أن تحرم المرأة من نضال هي قادرة عليه هو ظلم مكبد بخفايا ، و بقرارها قد يفتح لها أبواب من صراع عليها إغلاقها بحكمة و إقناع ...لأنها امرأة في مجتمع شرقي يؤمن بالرجل كثيرا بطلا ..و لن يكون الا بطلا مهما نادت المرأة أنها تفتقر للبطولة منه في واجبه معها.

كان على صاحبة الصبر الطويل أن تذكر المستمعين بنوع من الجرائم ترتكب ضد المرأة و بغير أدلة دامغة ، و هذا يتنافى مع أركان الجريمة و منها الركن المادي، حصارك أيها الأب للبنت الطموحة هو قتل معنوي ، ترى أنها تنافسك في منصبك و هي غير ذلك و إنما تريد تشريف تعبك في تربيتها ، تريد إعطاء اسمك بعدا راقيا أمام أصحابك لتفتخر بها ، تجاهلك أيها الزوج لدمعة زوجتك حينما تريد التفاتة حب منك و ترد عليها بالثقيل و ثقيلك طبعا هو الحرمان ، و تشيح بوجهك عنها و كأنها طلبت مستحيلا، هو قتل معنوي و لو ببطىء في الجرعة المتكررة يوميا ، أفق سيدي من غرورك هو حق لها منك فلا تقتلها معنويا بسكوتك ، جاءت لحضرة منزلك بعقد شرعي فلبت مطالبك و نظفت و عجنت و درست و سهرت و ربت أجيالا و لست تعرف أن تقول لها شكرا على تعبك بباقة ورد جميلة ، هو مجتمع مشرقي بامتياز حينما لا يتنازل عن إبداء شعور طيب، أين نحن من مشاعر الرسول الأعظم صلى الله عليه و سلم في أخلاقه مع زوجاته و بناته ؟؟؟؟؟؟ ..

تابعت السيدة ذات الصبر الطويل محاضرتها قائلة ، لا تقل أيها الأب انك فهمت طموح ابنتك المميزة و وجهت نضالها نحو السمو ، و أنت في حقيقتك تقتلها معنويا وسط أخواتها من لم يحظين بذكائها و كفاحها ، أعرف أن البر يمنعها من المساءلة الدقيقة لأنها ستكتفي أنك ربيتها أحسن تربية و لن تتجرأ و لكنها في الداخل تغلي غليان الزيت فوق النار  ، و لكن ماذا عن تميزها الذكي هل تدفنه تحت التراب ؟، أنت من يحميه و ينميه بالتشجيع و الحب و الاحتواء الراقي الذي يليق بعمر كفاحها إن هي كبرت على الصبر و المصابرة لما تتعرض له من مطاردة مجتمع فقير في عقله و فكره.. و قبل كل شيء أنت في حد ذاتك عقبة لأنك ستقتلها معنويا بتجاهلك و قسوتك.

دورك أيها الأخ العزيز من تمنع الخروج و الدخول و إحداث ضجيج في البيت و كأن الأب لا وجود له ، احترم بدءا سلم الأوامر فالأب قبلك لأنه حي يرزق ، ثم احترم كيان أختك و رافقها في دربها بالحب و الاحترام ، و لك أيها الزوج أن تتحمل أعباء الحياة عن زوجتك و لا تتهرب منها ، هي تزوجت لتساهم معك و ليس لتحمل عنك ما لا تطيق...فرفقا بالقوارير لطفا.

انتهت السيدة الهادئة من محاضرتها فانهالت عليها أسئلة كان جل محورها حول :

لماذا تدافعين عن المرأة و لا تدافعين عن الرجل ؟.

فأجابت : لأن المرأة المثقفة كنز و المثقفة الجميلة قوة قاهرة و أنا أطالب الرجل أيا كانت صفته أن يحافظ على المرأة العبقرية لأنها جوهرة في مجتمعها بل في أمتها، و هي تشريف للعفة و التضحية و الشهامة بتمثيل دينها أحسن تمثيل و بتمثيل القدوة عن سيداتها عائشة أم المؤمنين و فاطمة الزهراء جيلا بعد جيل من نضال سيدات كريمات ....كتب التاريخ سيرتهن بماء الذهب.


  • 18

   نشر في 09 ديسمبر 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

عهد خالد. منذ 5 سنة
فعلا المرأه المثقفه كنززز
1
اتفق معك سيدتى في كون المراة هي جوهرة في مجتمعاتنا بل في أمتنا، و هي تشريف للعفة و التضحية و الشهامة...بل اكثر من ذلك .. تحية تقدير واعتزاز لكل نساء العالم ... فلا ينقص حقهن... إلا ناقص ... بل أن الاعتراف بفضل المراة اي كان دورها في المجتمع هو عين الانصاف .. تحياتي وتقديري
2
.سميرة بيطام
بارك الله فيك يا من انصفت المراة...سيد ابراهيم محروس
Salsabil Djaou منذ 5 سنة
مقال أكثر من رائع دكتورة سميرة ، دام قلمك المبدع .
1
.سميرة بيطام
جزاك الله خيرا اختي سلسبيل
مقاللللللللل رائع وموضوعه أروع . فعلا توجد هذه الظاهرة بكثرة في مجتمعنا المسلم ....فالبعض نسي ان الاأرواح منفصلة و لا تمتلك و لا يحكمها الا خالقها .....فلا للتملك ....وعلى البعض ان يفهمو الاحسان قبل كل شيء ...المشكل انو البعض يربط الموضوع (التملك) مع الاسلام ....مع انو الاسلام حرر المراة بعد ان كانت توضع في التراب ...لكن البعض مازال بعقلية الجاهلية للاسف لكن بطريقة اخرى وهي ان يدفنها بالحياة . مشكورةةة مقال رائع وراق لي و مسني .......دام قلمك وفكرك اخت سميرة
3
.سميرة بيطام
مشكورة عزيزتي لينة
لا تخافي على مصير المراة الان..أصبحت تعي جيدا انها كيان مستقل و حر و لا يمتلك بالقسوة ، لدى المراة الذكاء الكافي لأن تحرر نفسها من الاستعباد بدعوى الحماية و بدعوى الخوف عليها..انتهينا من زمن الوأد و سننتهي من زمن الاحتقار للانطلاق الى زمن البناء ..حتى المواويل التي يتغنى بها عن المراة كمخلوق ضعيف انتهى عصرها و صار لها قصائد في البطولة يكتبها المبدعون بأقلام رزينة.
لينة بغدادي
ان شاء الله اخت سميرة ...وفقك الله
Abdou Abdelgawad منذ 5 سنة
الله الله أستاذة لديك الحق كل الحق فكثرة من يمثلون هذا الاتجاه السادى فى مجتمعنا الشرقى يجعل القضية فعلا واضحة وبعض الرجال الذين لايضيعون حق المرأة- أم وزوجة وابنة ويحترمونها ويقدرون تفوقها ولاتدب فى قلوبهم الغيرة منهن- بالكاد يظهرون فى المجتمع يعلم الله أنى أطبق ماتقولين فى حياتى فزوجتى مستشارة لى وكذلك أنا بالنسبة لها وسند لها وحافز من حوافز تقدمها فى عملها أما بالنسبة للابنة فاختلاف الأجيال ومنظومة القيم التى تحكم المجتمع هى ماتجعلنى أحيانا أتصرف بحمق ولكن غرضه الأساسى الحفاظ عليها وليس قتلها .. تحياتى لكم موضوع جميل أستاذة أحييك.
4
.سميرة بيطام
راق جدا ان اقرأ لرجل مشرقي و هو يدافع عن المرأة
حفظك الله و جعلك مثالا يحتذي به باقي الرجال
تقديري لكم أستاذ عبدو عبد الجواد
Salima منذ 5 سنة
رائعة كتاباتك كالعادة استاذتي، سعيدة بالقراءة لك مجددا...
3

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا