كورونا تُنصف مستخدمي قطاع الصحة في الجزائر - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

كورونا تُنصف مستخدمي قطاع الصحة في الجزائر

سميرة بيطام

  نشر في 16 أبريل 2020 .

قبل البدء أتقدم باسمي الخاص لكل زملائي في قطاع الصحة دون استثناء و أسأل العلي القدير أن يحفظهم الله ويرعاهم برعايته.

لا يزال موضوع فايروس الكورونا يسيل الكثير من الحبر و يطرح العديد من الافتراضيات ليخوض كل فيه بحسب تخصصه، و قد تطرقت لهذا الموضوع في مقالات سابقة في صحيفة أخبار اليوم الجزائرية و كذا صفحة المسير الاستشفائي التي أتقدم لها بشكر خاص لما يبذله مسيروها من جهد في سبيل إيصال المعلومة لمستخدمي و مهني قطاع الصحة .

لعل الملاحظ في طريقة تناول موضوع فايروس كورونا أنه تقريبا لا دولة وجدت التفسير الحقيقي لمصدر الفايروس و هل كان مؤامرة أم أنه وباء يصيب المعمورة كباقي الفايروسات التي ظهرت منذ قرون خلت ، لكن ما شد انتباهي في الجزائر أن قطاع الصحة حررته كورونا ليس بتغيير جذري كما نتمنى كلنا و لكن نوعا ما رُفعت قيود كانت في السابق لا تُرفع ، و لربما لا يُسمح برفعها و لا نعرف السبب تحديدا ، بالأمس كان الالتفات لقطاع الصحة ضئيل و لا يظهر في ساحة تحديث البحث العلمي أو في ساحة التجريب للقاح ما مثلا أو في ساحة تبادل خبرة تجريبية لمشروع ما مع دولة أخرى ، بخلاف التبادل المُشاهد بين دولة الجزائر و دولة كوبا ، لكن هذا لم يكن كافيا لأن الأصل هو مد الجسور بين الدول العربية المتفوقة في الطب بحكم الارتباط التاريخي و لكن لم نلمس شيئا من هذا القبيل ، لا علينا .

من جهة ، بدى أن صراع الأطباء بالأمس في مسيرات للمطالبة بتحسين نوعية الخدمة المدنية و بتوفير الوسائل ضرورة لتدخل كورونا اليوم في أن تُقر بأحقية هذا المطلب ، ثم أجور عمال الصحة مقارنة بقطاعات أخرى لا وجه للمقارنة لضاءلتها و بحضور و تشريف كورونا من تقدم لميدان الخطر هم مستخدمو الصحة ولم يتقدم مستخدمي سوناطراك أو أصحاب قطاع التعليم او أي قطاع آخر ، بمعنى أن كورونا جاءت لتنصف و لا أقول لتغير لأن التغيير متوقف على إرادة صانعي القرار و على مدى استعداد مستخدمي الصحة في أن يتجندوا صفا لصف لبناء وطن ، يعني في عصر كورونا لا داعي للالتفاف حول الأحقاد و مساوئ الماضي ، و ان كنت ذكرت نوعا من هذا الماضي في قطاع الصحة فهذا لأبرز ما فعلته كورونامن كشف اللثام عن النقائص التي يجب الانتباه اليها و بصدق ، و التغيير ليس متوقفا علي كورونا لأنها كانت مجرد سبب رباني و علينا جميعا كل بحسب درجة مسؤولياته و مهامه أن يقدم ما عليه من استطاعة ، صحيح كان فيه سلب للحقوق في عصر ما مضى و كان فيه تسويف للأمور و كان فيه عدم انصات للمقترحات و للطلبات و التي معظمها تناولتها في مقالاتي السابقة و يمكنكم الرجوع اليها ، لكن الشيء الذي لم أفهمه لحد كتابتي لهذا المقال :

لماذا من بيده القرار لا يريد تحضرا للقطاع من جذوره ؟ لنقول أن المنظومة الصحية اليوم بحاجة الى تغيير جذري و عميق بشكل لافت للأخذ بعين الاعتبار مقومات الشعب الجزائري الذي تنتمي له فئة مستخدمي قطاع الصحة في أمانيهم و آمالهم كونهم يريدون بيئة مهنية متوازنة و معتدلة من حيث الحقوق في المساواة في نيل الرضى النفسي و المعنوي و من حيث تجهيز المستشفيات بما يلزم من معدات ووسائل و من حيث تحيين القوانين لتأخذ مجراها الآن ، و كورونا أنصفت أطباءنا و ممرضينا بقدومها للجزائر و كأن لسان حالها يقول لهم : كان لكم الحق في الماضي حينما ناديتم بحقوقكم ، فحتى السلاح الذي سيُستخدم ضدي لن يكون دبابة أو رشاش أو تحية عسكرية للقضاء علي بل يجب توفر تقنية بيولوجية تبحث في مكنونات RNA لـ(DNA الحمض النووي) ، يعني ما كان ينادي به علماء الصحة في الخارج من ضرورة احداث تغيير في النظام الصحي معناه أنه كان في حكومتهم نظرات استشرافية توقعت ظهور هذا الفايروس بسبب ارتباط الاقتصاد و الصحة لديها بالجانب السياسي ، لأن العلم يتطور و مع تطور العلم لابد من تطور الذهنيات و كذا آليات العيش و العمل من خلال اقحام نظام التقنية فيما يسمى بالصحة الرقمية ، و أعتقد أن مشكل المنظومة الصحية في الجزائر هو غياب المصداقية و الاستمرارية في إتمام أي مشروع يُطرح على ساحة القطاع الصحي ، ثم طريقة التغيير كانت تبدو في تغيير المدراء و المسؤولين على مستوى المستشفيات و هذا ليس بتغيير بل مجرد تغيير أصحاب مناصب فقط تطبيقا لفكرة تجديد و ضخ دماء جديدة لكن هذه الدماء الجديدة لم تجد لها البيئة الملائمة و المناسبة لتتوافق إرادة العمل مع طموح الإنجاز ، كان فيه اختلال و سوء تسيير و لابد من الوقوف وقفة مصارحة فيما بيننا لنفهم ما الذي أحدثته كورونا في قطاع الصحة بالجزائر .

ثم منحى التعامل مع كورونا لا يزال تقليديا في بعض جوانبه باتباع بروتوكول علاجي اتبعته دول مثل فرنسا و أمريكا، لكن الجزائر لم تبحث لها عن بروتوكول و بعقل جزائري و بتخمين جزائري و هذا ما يُوضح أن كورونا أنصفت في البدء مستخدمي الصحة و بينت أنها أقوى من كل المجهودات المبذولة لأنه فايروس قاتل و معروف عليه سرعة الانتشار لكن العقل الجزائري بقي تقليديا في التصدي له من خلال الاكتفاء بإحضار كمامات و بعض المعدات و هذا أراه اجراء ناقص و غير دقيق لن يكون كافيا في مجابهة أي حرب بيولوجية قادمة ، لأن كورونا بعد أن أنصفت أطباء الجزائر و ممرضيها بقولها أنهم مجاهدون حقيقة و أنهم هم من يُسند اليهم الأمر في حالة الخطر المفاجئ ، هذا يريح نوعا ما عمال قطاع الصحة بالجزائر لكن كورونا بعد انصافها تبقى تبحث عن علاج أو لقاح أو دواء من صنع جزائري و هذا هو السؤال الذي سيُطرح بكثرة مستقبلا :

هل المنظومة الصحية الجزائرية قادرة على فك لغز أي فايروس مستقبلا؟.

صحيح طريقة الحجر الصحي هي من السنة و ما كان من السنة لا يلغيه عقل أو يُشكك فيه ناطق يخالف السنة النبوية ، لكن اُصنف جائحة كورونا بالنازلة لأنه لحد الساعة الجزائر لم تعرف مصدره الحقيقي و لا علاجه الحقيقي و تبقى التبعية هي من تسطر بروتوكول العلاج بالجزائر لتظل كورونا تُصر على ضرورة أن ينهض العالم العربي من كبوته و لا يعتمد على الخارج في بحور العلم و الاكتشاف لأن هذا الخارج قد يستعمل العلاج كطعم بمقابل الترخيص باقتنائه شيئا آخر ثمينا في الجزائر يعني أي دولة من الخارج لا تمنحنا لقاحها بدون مقابل ،فسؤالي يتكرر دائما :

متى تنتهي الجزائر من التبعية ؟ ، ليبقى انصاف كورونا لقطاع الصحة الجزائري انصاف رباني عادل فحتى من يموت اليوم بسبب كورونا يُعتبر شهيدا و من لا يزال في الميدان يكافح كورونا هو مجاهد و من قيبي في البيت هو الآن في مراجعة مع نفسه و لأعماله و لإنجازاته و لعلاقته بربه خاصة ، يعني في كل الأحوال هناك إيجابيات عديدة لكورونا ، و من حسن الشكر لقدر الله ان يُقابل بشكر مثله ، لأتساءل :

أين علمائنا من الميدان في تجريب العلاج و من أصل جزائري ، و قد يقول لي البعض فيه علاج الدكتور بوناطيرو ، حقيقة السيد لا أعرفه سوى معرفتي أنه مختص في علم الفلك ، ما يجعل بعض الأسئلة حول تخصصه و علاقته بكورونا ، لكن هذا لا يمنع أن تُعطى فرصة للمجموعة التي معه ان ما كان تخصصها في علم الفايروسات و المناعة أو تخصص في بيولوجيا الحمض النووي ، يعني ذهنية الاكتفاء بما كان سابقا في عدم فتح الأبواب كطريقة مستمدة من منهج مُتبع في الماضي ، هذا لن يخدم الجزائر على المدى القادم الا بشرط واحد و هو توقف العولمة لكن هذا أيضا ليس حجة أو ذريعة للاطمئنان أن عهد الفايروسات ولى ، لأن الدول التي تسعى للعالمية في الحكم و السيطرة ستظل تبحث لها عن آليات لإضعاف جيرانها من الدول المنافسة لها، و على الجزائر أن لا تبقى بعيدا بتقوقعها على نفسها بل الواجب الاستشرافي يُلخص لها الكثير مما يحدث في العالم و يعطيها نتيجة ما تسعى اليه منظمة الصحة العالمية مع الدولة التي لها مصلحة في نشر فايروس كورونا ، و هو ما سيكون مضمون مقالي القادم بحول الله تعالى .

فعلى صانعي القرار في الجزائر و بعد انصاف كورونا لقطاع الصحة الجزائري أن يقوموا بعملية تصحيح أولا للأخطاء و بعدها الاستماع للمبادرات و فتح الأبواب و القنوات أمام من تتوفر فيهم المصداقية و الوطنية، و اُركز على الوطنية لأن الغير وطني لن يخدم لنا وطن في ظل الجمهورية الجديدة التي ما زلنا نحلم بتحقيقها في الميدان حقيقة و ليس مجرد مسمى.

ألقاكم على خير و عافية و بمعنويات مرتفعة بالإيمان و اليقين بالله ..ثقوا زملائي أنها أزمة و تمر ككل الأزمات على وجه الأرض ، فقط علينا باستخلاص العبر و الدروس و تفعيل قيمنا تجاه بعضنا البعض في التسامح و التضامن و التآزر و نبذ الأحقاد حتى فيمن كان سببا في إيذاء موظفي قطاع الصحة في الماضي ، يجب أن نكون على خلق نبينا و من أذانا فله الله يكفيه ،لأن الجزائر بحاجة الى صفاء قلوبنا في هذه المحنة ، ووقتنا يجب أن لا نضيعه في الحسابات بل في معية الله بالدعاء و التضرع و المعنويات التي تسُخلصنا من الوهن و الضعف و الفشل..نحن أمة مسلمة لا تعترف بالمستحيل و ما تأخر حضوره في تغيير المنظومة الصحية في الماضي يكفي أن كورونا أنصفت مستخدمي القطاع ووضحت أنهم القلب النابض للأمة الجزائرية للتصدي لأي خطر صحي ، و عليه وجب على صانعي القرار الالتفات الان وفورا للحقوق المهمشة و المُضيعة و استدراك ما يُمكن استدراكه قبل فوات الأوان .

تقبلوا تحياتي أينما كنتم عبر ربوع الوطن كله و حتى خارج الوطن .


  • 2

   نشر في 16 أبريل 2020 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا