محاربٌ في المحيط - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

محاربٌ في المحيط

إنها قصة .. مجرد قصة..!!

  نشر في 14 يونيو 2016 .

قال لي جدي ذات يوم: "يا ولدي نحن قوم لا نرث من آبائنا ولا نورث لأبنائنا إلا شيئين اثنين: النبل والكرم"- فسألته: ما هو النبل وما هو الكرم؟- قال: "النبل أن تكون ابن صنائعك، فتكفي الناس حاجاتهم قبل أن يطلبوها منك وأن يسبق عطائك إياهم سؤالهم إياك.. وأما الكرم، فأن تعطي الناس ما سألوك وضعفه معه"..

**

سأحكي لكم قصة ذلك المحارب الذي احترف السباحة في أعماق المحيط، بعد أن تخلى الجميع عنه واكتفوا فقط بالنظر إليه والاستمتاع بمشاهدته وهو يقاوم مطارق الموج بيديه العاريتين ويصد عن نفسه مضارب العواصف العاتية ويمزق أناشيط الزوابع قبل أن تحيط بعنقه، ويهدم أبراج الأعاصير قبل أن تبتلعه غياهبها.. لكنه في قرارة نفسه يعلم – مثل الآخرين- بأن جسده سينهك وقواه ستضعف في أي لحظة.. وأنه لن يستطيع الاستمرار في السباحة الى الأبد..

ولعلي أسألكم أنتم، ماذا تتوقعون من هذا المحارب العتيد؟!- أن يتجاهل مخاوفه ومن ينظرون إليه وينتظرون لحظة سقوطه.. فيكافح حتى ينتهي كل شيء وحتى يسقط غريقاً في لجج المحيط الدفينة.. وإذن، ما الفرق إن كانت حياته هي عينها مقبرته، لما يتكبد عناء معركة لن تفضي الى شيء سوى الموت؟؟

أم تراكم تتوقعون منه، أن يطلب ممن ألقوا به في اليم وتركوه وحيداً، أن يمدوا له بحبل النجاة.. فيضع نفسه بعد كفاح مرير، رهينة رحمة من شفوا غليلهم بضياع عمره، وتشفوا به شامتين دائماً وهم يروه يتخبط في محيطه لا يلمح لنفسه نجاة من الموت إلا الموت نفسه..؟- لا، لا أظنكم تقبلون لمحارب من هذا النوع أن يسقط ويضع نفسه العزيزة تحت رحمة من لا يريدون له سوى الهلاك.. إذ لابد وأنه يرى موته في معركته أشرف وأكرم له من أن يستعطي من منعوه أو أن يستجدي ويتوسل من حرموه..

وإذن.. هل لهذا المحارب أمل بالنجاة والوصول الى شاطئ الأمان.. ؟؟

بالنسبة لي، أرى أن محارب كهذا لابد وأنه يستمد قوته من إيمانه بالله، نعم.. يجب أن يكون مؤمناً، ويجب أن يكون هناك ثمة "الله" من أجله، إذ لا يمكن أن تسمح كل قوانين الكون بأن يخسر هذا الصنديد كرامته أو حياته ثم يخسر من بعد ذلك إيمانه.. لأن هذا سيكون بحق عين "الظلم المطلق"- الذي يعطيه الحق في محاكمة الله ذاته.. لماذا سمح بوقوع هذا الظلم الفظيع؟

القصة الى هذا الحد.. تنتظر حلاً.. أو معجزة.. ولعل بطلها يعيش هذه اللحظات العصيبة.. إنه الآن يقترب من النهاية التي ستكون بموته، لذا فقد أغمض عينيه واستحضر إيمانه كاملاً، لعل الله يصنع من أجله معجزة.. ينجو بها، ليبدأ مرة أخرى حياته على الأرض، كشخص يغمره الشعور  بالقوة وبالنصر ..

..

يقال: أن الله يجعل العالم كله يتخلى عنك، لأنه يحبك ولا يريد أن يكون لأحد فضل عليك سوى محبته لك.. صحيح أن الله لن يأتي لمساعدتك بنفسه، ولكنه سيرسل من يقوم بذلك.. فثمة شخص واحد فقط في هذا العالم يهتم لأمرك، وهو من بوسعه فعل ذلك..

....

أرأيتم؟- إنها قصة .. مجرد قصة؟!


  • 1

   نشر في 14 يونيو 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا