إحتراق ..
تصاعد أبخرة خانقة مُهلكة لمن حولها ..
صدى إضطرابات عنيفة يزداد لحظة بعد لحظة ..
نبضات تشق صدر البشري شقاً قاسياً كأنه بركان مُدمر ..
عيون رافضة للرؤية وجدت أن إطباق جفونها هو الحل الوحيد ..
تأهُب للجميع في محاولة للسيطرة على حريق لم ولن يروا مثله يوماً ما , من شدته تحسبه ناشب عن إحتراق العالم بأسره ! , ولكنه لم ينشب إلا بداخل البشري وفقط ! ..
ثورة عنيفة من النيران التي تأبى أن تُطفئ لازالت مُشتعلة داخله , من المُتسبب في هذه الحالة الفوضوية ؟ .. لا أحد يعلم سوى من يحترق فقط , من يخوض التجربة القاسية هو الوحيد الذي يملك الجواب عن هذا السؤال المُحير للأذهان .. ماهو سر الصراع الذي يشتعل داخل النفس البشرية ولا أحد يستطيع إخماده ؟! , هل تلاشت كل السُبل من أجل فقط القضاء على هذه الحالة ؟! , التي نعتبرها نحن بسيطة ولكن من يخوضها هو الوحيد الذي يشعر بمدى قسوتها عليه ! , نعم فمثل ما يقولون " اللي إيده في الميه مش زي اللي إيده في النار " , وهو في عمق تلك النيران الآن يحاول جاهداً التحرر منها وللكنه لا يقوى على ذلك , بل يجدها تزداد إشتعالاً كلما تقدمت عقارب الساعة لتُعلن عن قرب نهاية اليوم , قرب نهاية يوم من أيام الحياة التي تمر على البشر دونه مرور الكرام , يوم روتيني بحت لا قيمة له عند الكثير , بل أن البعض ينتظر أن تأتي نهايته أشد الإنتظار , ولو في مقدروه وإستطاعته إنهاؤه وقتما يمل منه فسيفعل ذلك دون تردد ..
لكن ..
رفقاً بمن يُحارب وحده ولا يشعر به أحد , هو في معركة سرية تدور بين ضلوعه الآن بينما أنت تُخطط كيف سيكون عشاؤك وقضاء ليلتك , أهي في السينما أم في المقهى ؟ , هذه هي أكثر الأسئلة المُحيرة التي تدور في ذهنك الآن وتبعث في نفسك الضجر لعدم توصلك لإجابة حازمة .. أما هو , لا يزال ضائعاً في بحور تساؤلاته الأعنف من أعنف بركان والأقسى من أقسى زلزال , تدمير شامل لراحة باله , سالبه لما تبقى لديه من سعادة , أرأيت حالة مضطربة كهذه الحالة يوماً ؟ , تود أن تصف ما تمر به من مشاعر ولكن المشاعر ذاتها لا تستطيع التعبير , فتلجأ للكلمات ربما تجد من الحروف من يتكاتف ويكون جملة مفيدة تبوح بأسرارك الداخلية التي تعجز هي الأخرى عن الخروج حتى وإن كان خروق على ورق ! .. من المُتسبب في كل هذا , تريد أن تُطفأ نيران فضولك الآن وترى الإجابة ؟ .. حسناً إليك مطلبك ولكن على يقين أنك حتى بعد معرفة الإجابة ستجد نيران الصراع القائم فيك لايزال مُشتعلاً بأقصى درجة ..
إنها الحياة ..
الجاني الأول والأخير لما يقع فيه الإنسان فريسة لا حول لها ولا قوة , تتركه وحيداً غارقاً فيما أفاضت به عليه من أفكار وتساؤلات وتأملات قادرة على سلب راحة باله وهدوء نبض قلبه وتوازن فكره , بل ولم تكتفِ بهذا وفقط , و سلبت منه إجابات بمثابة خلاصه من هذه المعركة , في ليلة وضُحاها تسلب منه كل هذا بمنتهى اللامبالاة وتبتعد عنه كأنها لم تفعل شئ ! , والضريبة التي يدفعها البشري هي إحتراقه الداخلي الناجم عن إختلاله ..
فلا خياراً لديه إلا أن يُصارع لأجل النجاة ..
لديك الآن معركة تنتفض داخلك وتتزايد , وأنت المُحارب الوحيد فيها , والطرف الآخر قد تعرفنا على ملامحه قبل قليل , أما أن تنتصر أما أن تُعلن الإستسلام , ولكن عليك بمعرفة حقيقة هامة لن تستطيع الفرار منها : إن إنتصرت فهو إعلان إنسانيتك , وإن وقعت فريسة سهلة لها فاعلم أنك لن تقوى على الوقوف في وجهها مرة أخرى , إذاً هو صراع مصيري , لك أو عليك والقرار بين يديك ..
ما عليك الآن إلا أن تحارب بروح الفارس الشجاع بحثاً عن النجاة " المؤقتة ", فالجاني " وهي الحياة " لا يتوقف عن إرتكاب ما يحلو له بغض النظر عن النتائج ! , فمهما غاب عن الأنظار وحسبته قد تراجع عما يقترفه من شرور , فهو عائد إليك مجدداً ..